ما هي أسرار الأردن !!
في عقود مضت ... قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد ، كان التشيّع العربي عنصر قوة للكثير من دول المنطقة التي تمتاز بطيفها اللوني المتعدد الألوان ... وكانت ثورات التحرر العربي مثالا حقيقيا لقوة ذلك التنوع الذي رسخ بصدق وحدة شعوب تلك الدول ووقوفها صفا واحدا بأوجه الأستعمار على مختلف مسمياته ومناشئه ، مستثمرة ذلك الأختلاف والتعددية في الحصول على الأستقلال الناجز مؤكدة أي تلك الشعوب أن الأوطان تسمو فوق الطائفة والقومية والمذهب ... ولنا شواهد كثيرة في بعض دول الشرق الأوسط بالتحديد
وبعد سقوط العراق العربي الذي كان عنصر التوازن الواضح في المنطقة نتيجة أخطاء تاريخية متصاعدة للأدارة ( البوشيّة ) الباغية رافقها قصر نظر من بعض القيادات العربية ، وبروز ايران ( الحالمة ) بشكل متسارع ضمن سلسلة تلك الأخطاء الأممية ... انصهر بل اندثر التشيّع العربي بقصد أو بدون قصد ضمن محور التشيع الصفوي الجديد الذي أعدت له فارس بليل كالح وجعلته ( هلالا ) مشرقا ينشر نور وجه الولي الفقيه من شواطيء البحر الأبيض المتوسط غربا وحتى أفغانستان شرقا عندما نصبت نفسها ظلما وبهتانا قائدة للشيعة في العالم
وكان الضغط الأكبر يقع على الأردن الشقيق بسبب وجوده في مركز ذلك الهلال ، مما أضطره للتحسب بدقة للرياح الصفراء التي كانت تحاول أن تهب علية من كل الجهات ... وحتى ضاحية لبنان الجنوبية لم تكن بعيدة في حساباتها عن أعداد ما يخص الأردن العربي ، كما كانت قد أعدت له سوريا الأسد أو عراق المالكي أو ايران خامنئي ... لكن الأردن كان كالطود الشامخ بنباهة شعبه العربي الأصيل المتمسك بثوابته العربية والأسلامية النقية وحصافة قيادته وشجاعتها بالوقوف بوجه تلك الرياح الصفراء العاصفة ... واستطاع بجدارة وبهدوء وتأني أن يبعد عن أراضيه أجندات مشبوهة اصابت العراق ( بالكنكرينا ) ومن بعده مناطق هنا وهناك ... وأصبح مثالا لكل من أصبح عنده اليقين بخطورة التوجه الأيراني وهلاله المزعوم ، لكي يقتدى به خصوصا من بعض دول الخليج التي ضعف عندها التحسب والحذر وسبق النظر رغم امكاناتها البشرية والمادية
الآن بعد بداية النهاية للمحور الأيراني ذاك ... وتصاعد صرخات الخوف العلنية المقرفة من الكثير من قيادات العراق تزامنت معها أصوات مبحوحة في ضاحية لبنان الجنوبية وفي قم وطهران ... ممن كانوا لا يستطيعون الجهر بها علنا ... والمتمثلة بأخطار العثمانيين والوهابيين والسلفيين والعلمانيين والأكراد وأخرى لا تعد ولا تحصى من تلك الأوهام التي عششت بعقول اولائك المرضى بسبب الأيديولوجية المرسومة بدقة لذلك المحور الهلالي ... نقول الآن على دول العرب أن تحذوا حذو الأردن الشقيق وتتعلم منه أسرار المواجهة في حرب باردة آيديولوجية طرفها الأكبر ايران وتتحسب بذكاء وحصافة وشجاعة للتغيرات المهولة التي ستشهدها المنطقة حتما في الآتي من الأيام ... لكي تخرج ( مثله ) بأقل الخسائر والتضحيات ... على أن تلوّن النسيج الأجتماعي يجب أن يبقى السمة العليا لشعوب بلداننا الحية ... ونرعاه بحرص وبالأخص التشيع العربي النقي الذي كان ومازال وكما ذكرنا سابقا مصدر قوة لنا وليس مصدر ضعفا وفرقة