-
جـن (رواية قصيرة)
بسم الله الرحمن الرحيم،
فكرة بسيطة بقيت في البال لثلاثة سنوات وقد حان الوقت لإطلاقها على هيئة رواية قصيرة(أقصوصة طويلة) لكثرة أحداثها وحُبي للاختصار والابتعاد عن الإسهاب، آمل أن تنال إعجاب القارئ.
الموسيقى المُرفقة غير ضرورية لقراءة النص.
جـن : Demons
http://www.youtube.com/watch?v=xKnZgDyS38g
القسم الأول
"أنا عجوزٌ لا اركضُ، كسولٌ جداً ومُهمِلُ، وفَقَط أُحِبُ أن أنشُدَ"
توقف بعد هذه الكلمة تفكير المُدِّبر (يان) مُدركاً إخفاقه بإبقاء القافية ساريةً، فاطلق زفيراً قويا وهو يسير نحو متجر البقالة،
" اكره حقيقة افتقاري لهذه الموهبة, لِمَ لا استطيع صَف القوافي وأنا احب سماعها.."
كان متجر البقالة فارغاً مما ادخل بعض الارتياح لنفس المُدبر، عبر عتبة الباب صارخاً،
" أتيت إليك اشتري فهيا حيِّ المُشتري. "
ففتح صاحب المتجر عينيه عاجزاً وهو يعلم من أتاه (صاحب الأناشيد الباهتة) فقام من كرسيِّه وذهب على منضدة المشتريات وهو ينْظُر إلى المُدبر السمين ( يان ) صاحب الرأس الأصلع والشارب الفضي فقال :-"خذ حوائجَك واخرُج بِسُرعة"
فضحِك (يان) بفم كبير وقهقهةٍ صداحة أحزنت صاحب المتجر " لو انك لم تكُن موجوداً في هذا الجانب من المدينة لما عرِفنا الحزن بتاتاً. "
هِيَ هكذا الحال حول مدبر الميتم (يان) فلطالما كانت حياته مليئة بالتفاؤل والسعادة رغم كل الاحوال التي تُصيبه من يومٍ إلى آخر، فهو لـَم يكُن يُدير الميتم الاعتيادي الذي يُفكر به أيُ شخص، ولم يكُن الميتم الخارق الذي يتخيلُه أي شخص..
http://www.youtube.com/watch?v=INaM813ohL8
" لا يخْرُجنَّ أحدٌ مِنهم .."
هذه الكلمات التي أعادت لـ(يان) حياته بعد أن فقَد ابناءه اللذين كانوا سبب بقائه الوحيد, هي التي أدْخلته على ميْتَمٍ يعُجُّ بالاولاد المقتولة أهاليهم, فلَقد كان يأمُل على أن يكْبَر هؤلاء الاولاد على يديه كما كان مُفترضٌ لأولاده أن يكْبُروا معه، فمن هؤلاء الاولاد من خسر أهله وهم يحْترقون ومنهم من خسر أهله يتجمدون ومنهم من خسر أهله مقتولين جراء معارك اهدافها لم تُهم الطفل يوماً، ولكن، هذه هي الحال في بِلاد لم تعْرف الأمان طوال الحياة، فلقد كان لا بُد من أن يأتي الموت ليقرع باب أحد المساكين ليُمزِّق شملهم، فهل كان ( يان ) ذو كفاءة لهذه المهمة؟ هل كان يستحق أن يُدير هذا الميتم ويرعى اولاده إلى حين يكبُروا ويصبحون قادرين على العيش بأنفُسِهم؟ هل هو قادر على هذه المهمة التي حركت دوافعه لأن يعيش من جديد؟ لأ، هذه ليست مُهمة (يان) إنما مُهمته أن لا يخْرُج أحد من الميتم.
"أمسِكت به؟"،
"اجل، أنا قادِم."،
خرج الصَّبيان من غُرفة ( يان ) وبيدهما المفتاح الاحتياطي لباب الميتم المؤصد مُسرِعين باتجاه الباب فَوقف أمامَهُما باقي أولاد الميتم فتقدم أحدُهم:-
" تُحاولان الهرب من المنزل؟ أنْتُما احمقان لا تُدركان ما خارج هذا الباب انتظرا، ريثما يعـ..."
لكَم " بون " الصبي المُتكلم على وجهه مُسقطاً إياه أرضاً وصرخ على الآخرين:-
" سأُحَطِم رؤوسكم إن كررتم هذه الوقفة ضدنا! "،
تراجَع الاولاد مُفزعين من شراسة المُهطْرق الصغير فما مرت ثوانِ حتى سُمع صوت قُفل الباب يُفتح فهرب الاولاد وبقي الصبي المضروب على الأرض يصطنع البكاء، وبمُجرد دخول ( يان ) صرخ مُستغرباً:-
" ألا أترككم للحظةْ دون إحداثكم لربكةٍ! "
فصَرخ الصبي الباكي وإصبَعُه موجهٌ نحو الولدين قائلاً:-
" سرقا مفتاح الباب من غُرفتِك وحاولا الهَرب!!"
فنَظر ( يان ) إلى الولدين بغضَبٍ فصَفع (بون) على وجهه مُسقطاً إياه أرضاً وقد كان الصبي مبتسماً والشماتة في عينيه، فتقدم ( يان ) وامسك بيد الولد الآخر وبرجل (بون) وسحبَهما إلى أعلى غُرفة في الميتم ورماهما داخلها ثم نَظر إليهما بِغضبٍ:-
" لهذا المفتاح عِدة استعمالات يا أيها النغل ذو الخزعبلات... خيَّبت ظنِّي يا (هوب).. "
فأقفل عليْهُما الباب وتركهما للظلام في أول ليلة يُروَّعان فيها، (بون) و (هوب).
"لقد قُلت لك ولكنك لا تُنصت.."
فاعتدل (بون) بجلسته:-
"هذا ليس اسوأ ما يُمكن أن يَحصُل لنا.."
أنزل (هوب) رأسَه والحزن يعتنق صوتَه:-
"لنَصبر قليلاً."
وقَفَ (بون) على قدميه وضَرب الباب مرةً وقال وقد فرغت الدموع من عينيه:-
"ليْس هدَفي الخُروج، بل فِعل عكس اوامره..".
رقد الصغيران وسط الظلمة الباردة دون عشاءٍ أو اهتمام، طفلان في العاشرة رُبيا على الاستيقاظ ثم تنظيف أنفُسهما ثم تنظيف منزلها ثُم طبخ قوتها ثُم الاستماع لحكايات لما خلف الباب الصغير الذي لنْ يُفتح حتى يُراد له ثم الطبخ ثم النوم وهكذا تدور أيامُهما؛ مُحتجزين، تمرَّدا بينما ظلَّ السبعَة الآخرين خاضِعيْن لحُكم الباب المؤصد..
"أنتما يا هوب ويا بون توأمان، أتيتما إلى بابي في نفس اليوم، واسميْتُكما بأول كلمتين نطقتماها، فليعتني كلٌ منكما بالآخر..لأن الإخوة هم أفضل الناس لبعضهم."
دمِعت عينا (هوب) وهو يتذكر كلمات (يان) "إن أخي ليس ما ناديته.. وتَضربُه أمامي أيضاً.." هكذا كان يرُدد (هوب) وسط الظُلمة بينما كان (بون) يشُد جسمه ليُوقِف ارتجاف جسده الصغير.. فلقد امتلأت الغُرفة بعطر الحُزن والهزيمة.. حتى غدٍ قريب.
"قوما أيها الأبلهان، إن المُدبِّر يُريدُكما .. "
قام (بون) من استلقائه ونظر إلى (هوب) واقفٌ ينظُر إليه وقد لاحظ الإرهاق على وجهه الأبيض..
"هل نمت ليلة أمس؟"
ابتسم (هوب) ونظر إلى جدار الغُرفة خلفه.
نُكمل إن شاء الله كُل ثلاثة إلى سبعة أيام، إذا رحِمنا الله.
-
رد: جـن (رواية قصيرة)
ما أعرف صراحة شو أعلق عن هذي القصة
عجبتني صراحة
و أسماء الشخصيات يان
و الأخوين هوب و بون أسماء قديمة
عجبتني في إنتظار باقي الاجزاء
-
جـن (رواية قصيرة) القسم الثاني
التعديل الأخير تم بواسطة Das Master ; 02-10-2013 الساعة 12:05 AM
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى