صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 48

الموضوع: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

  1. #16
    التسجيل
    18-07-2003
    الدولة
    بـلاد الـiـiـiــام , دمشق ..
    المشاركات
    3,356

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..



    الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبـه و سلــم .. و بعد أيها الأخوة الأحبة :

    سنقدم صفة صلاة النبي صلى الله عليــه و سلــم إلى كل مسلم و مسلمة ..
    ليجتهد فيها و الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام و هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين . فيجب علينا جميعاً معرفة أحكام الصلاة الدقيقة ..
    لقوله صلى الله عليه و سلم : " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري ..

    الصلاة ..

    الصلاة : صلة بين العبد وبين ربه .
    الصلاة : روضة عبادات فيها من كل زوج بهيج تكبير ويفتتح به الصلاة وقيام يتلو فيه المصلي كلام الله ، وركوع يعظم فيه الرب ،
    وقيام من الركوع يملؤه بالثناء على الله ، وسجود يسبح الله تعالى فيه بعلوه ويبتهل إليه بالدعاء ، وقعود للدعاء والتشهد ، وختام بالتسليم .
    الصلاة : عون في المهمات ونهي عن الفحشاء والمنكرات , قال الله تعالى : " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ "
    الصلاة : سرور نفوس المؤمنين وقرة أعينهم ،
    الصلاة : نور المؤمنين في قلوبهم ومحشرهم ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " الصلاة نور " ،
    وقال : من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة
    الصلاة : تمحى بها الخطايا وتكفر بها السيئات
    قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه (وسخه) شيء ؟
    قالوا : لا يبقى من درنه شيء ، قال : فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا
    " ،
    وقال ، صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر "

    صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ، رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
    وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : " من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيت ينادي بهن ،
    فإن الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ،
    ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ،
    وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ،
    ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ،
    ولقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف
    ".

    الخشوع في الصلاة :( وهو حضور القلب ) والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنات
    قال الله تعالى :
    " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ "
    " وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ "
    "وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ "
    "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ "
    "إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ "
    "فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ "
    "وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ "
    "وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ "
    " أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ "
    "الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "
    .

    الإخلاص لله تعالى في الصلاة وأداؤها كما جاءت به السنة ، هما الشرطان الأساسيان لقبولها ،
    قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى

    الصلاة : عبادة ذات أقوال وأفعال ، أولها التكبير وآخرها التسليم .

    وإذا أراد الصلاة فإنه يجب عليه أن يتوضأ إن كان عليه حدث أصغر ، أو يغتسل إن كان عليه حدث أكبر ،
    أو يتيمم إن لم يجد الماء أو تضرر باستعماله وينظف بدنه وثوبه ومكان صلاته من النجاسة .

    و إليكم صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم من موقع صيد الفوائد :

    استقبال القبلة وتكبيرة الإحرام

    إذا أراد المسلم أن يصلي فإنه يستقبل القبلة ثم يقول ( الله أكبر ) وهي ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها ،
    لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر ) متفق عليه .
    ـ ولا بد من قولها باللسان ، ولا يشترط أن يرفع صوته بها .
    ـ إذا كان الإنسان أخرس فإنه ينويها بقلبه .
    ـ يُسَن أن يرفع يديه عند التكبير إلى منكبيه وتكون مضمومتي الأصابع أنقر هنــا
    لقول ابن عمر رضي الله عنه
    ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة ، وإذا كبر للركوع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ) متفق عليه
    يرفعهما بمحاذاة أذنيه ، لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه
    ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ) رواه مسلم، أنقر هنــا ..

    ـ ثم يقبض كوع يده اليسرى بيده اليمنى ويضعهما على صدره
    رواه النسائي وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (88) ، أنقر هنــا
    ، أو يضع يده اليمنى على كفه وذراعه الأيسر ويضعهما على صدره أنقر هنــا ،
    لحديث وائل ابن حُجر ( فكبر – أي النبي صلى الله عليه وسلم – ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه الأيسر والرسغ والساعد )
    رواه أبو داود وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (88) .
    ولحديث وائل : ( كان يضعهما على صدره ) رواه ابن خزيمة وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (88) .

    ـ وينظر إلى موضع سجوده ، لقول عائشة رضي الله عنها عن صلاته صلى الله عليه وسلم :
    ( ما خَلّف بَصرهُ موضعَ سجوده ) رواه البيهقي وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (88) .
    ـ ثم يقرأ دعاء الاستفتاح ، وهو سنة ، وأدعية الاستفتاح كثيرة ، منها :
    ( سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ) رواه أبو داود وصححه الألباني
    في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (93) .
    أو يقول :
    ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ، الله اغسلني بالماء والثلج والبَرَد )
    رواه البخاري .
    ـ ثم يستعيذ ، أي يقول : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) وإن شاء قال : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم )
    وإن شاء قال : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ) الهمز نوع من الجنون و ( نفخه ) أي الكِبْر ، و ( نفثه ) أي الشعر المذموم .
    ـ ثم يبسمل ، أي يقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .
    ـ ثم يقرأ الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) متفق عليه ، وهي ركن لا تصح الصلاة بدونها .
    ـ وإذا كان المصلي لا يُجيد الفاتحة ، فإنه يقرأ ما تيسر من القرآن بدلها ،
    فإذا كان لا يجيد ذلك ، فإنه يقول : ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله )
    رواه أبو داود وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (98) .
    ويجب عليه المبادرة بتعلم الفاتحة .
    ـ ثم يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن الكريم . إما سورة كاملة ، أو عدة آيات .

    الركوع

    ـ ثم يركع قائلاً : ( الله أكبر ) ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو إلى حذو أذنيه ، كما سبق عند تكبيرة الإحرام أنقرهنا 1 و 2 ،
    ويجب أن يسوى ظهره في الركوع أنقر هنا ، ويُمَكن أصابع يديه من ركبتيه مع تفريقها أنقر هنا .
    ـ ويقول في ركوعه ( سبحان ربي العظيم ) . والواجب أن يقولها مرة واحدة ،
    وما زاد فهو سنة .
    ـ ويسن أن يقول في ركوعه : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) متفق عليه ،
    أو يقول : ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) رواه مسلم .
    أنقرهنا 1 و 2 و 3

    الرفع من الركوع

    ـ ثم يرفع رأسه من الركوع قائلاً : ( سمع الله لمن حمده ) ويُسَن أن يرفع يديه – كما سبق - أنقرهنا 1 و 2
    ثم يقول بعد أن يستوي قائماً ( ربنا لك الحمد ) ، أو ( ربنا ولك الحمد ) ، أو ( اللهم ربنا لك الحمد ) ، أو ( اللهم ربنا ولك الحمد ) .
    ـ ويُسن أن يقول بعدها : ( ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ،
    وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد
    )رواه مسلم .
    ـ ويُسَن أن يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره في هذا القيام ،
    كما فعل في القيام الأول قبل الركوع كما في أنقر هنا و و هنا 4 .
    ـ ثم يسجد قائلاً: ( الله أكبر ) .
    ـ ويقدم ركبتيه قبل يديه عند سجوده أنقر هنا ، لحديث وائل بن حُجر رضي الله عنه قال :
    ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ) ، حديث صحيح رواه أهل السنن .
    ـ ويجب أن يسجد المصلي على سبعة أعضاء : رجليه ، وركبتيه ، ويديه ، وجبهته مع الأنف ،
    ولا يجوز أن يرفع أي عضو منها عن الأرض أثناء سجوده ،
    وإذا لم يستطع المصلي أن يسجد بسبب المرض فإنه ينحني بقدر استطاعته حتى يقرب من هيئة السجود .
    ـ يُسَن في السجود أن يُبعد عضديه عن جنبيه أنقرهنا ، لأنه صلى الله عليه وسلم ( كان يسجد حتى يُرى بياض إبطيه ) ، متفق عليه ،
    إلا إذا كان ذلك يؤذي من بجانبه .
    ـ ويُسَن في السجود أن يُبعد بطنه عن فخذيه .
    ـ ويُسَن في السجود أن يفرق ركبتيه ، أي لا يضمهما إلى بعض ، وأما القدمان فإنه يلصقهما ببعض
    لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في سجوده ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان ( يرص عقبيه في سجوده )
    رواه ابن خزيمة وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (42) ، أنقر هنا .
    ـ يكره أن يتكئ المصلي بيديه على الأرض في سجوده كما في أنقر هنا لقوله صلى الله عليه ( لا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) متفق عليه ،
    ولكن يجوز أن يتكئ بيديه على فخذيه إذا تعب من طول السجود أنقر هنا .
    ـ يجب أن يقول في سجوده ( سبحان ربي الأعلى ) مرة واحدة ، وما زاد على ذلك فهو سنة .
    ـ ويُسَن أن يقول في سجوده : ( سُبُوح قُدوس رب الملائكة والروح ) رواه مسلم ، أو يقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) متفق عليه .

    الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين

    ثم يرفع رأسه قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويجلس بين السجدتين مفترشاً رجله اليسرى ناصباً رجله اليمنى أنقر هنا .

    ـ ويجب أن يقول وهو جالس بين السجدتين : ( رب اغفر لي ) مرة واحدة ، وما زاد على ذلك فهو سنة .

    ـ ويُسَن أن يقول : ( رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (153) .

    ـ ويضع يديه في هذه الجلسة على فخذيه ، وأطراف أصابعه عند ركبتيه ، أنقر هنا ،
    وله أن يضع يده اليمنى على ركبته اليمنى ويده اليسرى على ركبته اليسرى ، كأنه قابض لهما ، أنقر هنا.

    ـ ثم يسجد ويفعل في هذه السجدة ما فعل في السجدة الأولى

    شاهد الأخطاء أنقر هنا و هنا

    الرفع من السجود للركعة الثانية

    ـ ثم ينهض من السجود إلى الركعة الثانية معتمداً على ركبتيه ، عكس الصورة أنفرهنا ، قائلاً : ( الله أكبر ) .

    ـ ثم يصلي الركعة الثانية كما صلى الركعة الأولى ، إلا أنه لا يقول دعاء الاستفتاح في أولها ، ولا يتعوذ قبل قراءته القرآن ،
    لأنه قد استفتح وتعوذ في بداية الركعة الأولى .

    نهاية الركعة الثانية والتشهد الأول

    ـ ثم في نهاية الركعة الثانية يجلس للتشهد الأول مفترشاً ، أنقر هنا ، وتكون هيئة يده اليمنى كما في الصورة
    يقبض أصبعه الخنصر والبنصر ويُحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة عند الدعاء ( أي عند عبارة في التشهد فيها معنى الدعاء ) أنقر هنــا ،
    أو يقبض جميع أصابع يده اليمنى ويشير بالسبابة عند الدعاء أنقر هنا ، أما يده اليسرى فيقبض بها على ركبته اليسرى ،
    وله أن يبسطها على فخذه الأيسر دون قبض الركبة .

    ـ ويقول في هذا الموضع :
    ( التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ،
    السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    ) .

    ـ إذا كانت الصلاة من أربع ركعات ، كالظهر والعصر والعشاء ، فإنه يجلس في التشهد الأخير متوركاً ،
    أنقر هنا و هنا،
    وتكون هيئة يديه كما سبق في التشهد الأول ، ويقول كما قال في التشهد الأول ( التحيات لله .... الخ ) ، ثم يقول بعدها
    ( اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،
    وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
    ) .

    ـ ويُسَن أن يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :
    ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، وعذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ) متفق عليه .

    ـ ثم يدعو بما شاء ، كقول ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (347) .

    التسليمتين

    ثم يسلم عن يمينه ( السلام عليكم ورحمة الله ) وعن يساره كذلك .

    الأذكار بعد الصلاة

    ـ ثم يقول الأذكار الواردة بعد السلام كقول : ( استغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام ) رواه مسلم .
    وقول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ،
    اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الـجَد منك الـجَد
    ) متفق عليه .
    وقول ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ،
    لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون
    ) رواه مسلم .
    ثم يقول : ( سبحان الله والحمد لله والله أكبر ) (33) مرة ،
    ويقول بعدها مرة واحدة ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) رواه مسلم .
    ـ ويقرأ آية الكرسي . رواه النسائي في عمل اليوم والليلة وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (972) .
    وسورة { قل هو الله أحد ) ، و { قل أعوذ برب الفلق } ، و { قل أعوذ برب الناس } رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1348) .
    ـ ينبغي على المسلم المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد وعدم التهاون في ذلك ، ليكون من المفلحين إن شاء الله .

    والله أعلم ..
    راجعها فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله


    على الهامش شاهد هنــا ..
    -- أخطاء شائعة في صلاتنا --


    واجبات الصلاة

    1 - الواجب الركني : وهو الواجب الذي تبطل الصلاة بزيادته أو نقصانه في الصلاة عمداً أو سهواً.
    2 - الواجب غير الركني: وهو الواجب الذي تبطل الصلاة بزيادته أو نقصانه عمداً لا سهواً.

    الواجبات الركنية

    1 - النية.
    2 - تكبيرة الإحرام.
    3 - القيام للنية ولتكبيرة الإحرام , والقيام الذي يقع الركوع بعده مباشرة.
    4 - الركوع .
    5 - السجدتان معاً.

    الواجبات غير الركنية

    1 - قراءة الحمد والسورة في الركعتين الأولى والثانية.
    2 - الذكر في الركعتين الثالثة والرابعة وفي الركوع والسجود.
    3 - السجدة الواحدة.
    4 - التشهد.
    5 - التسليم.
    6 ـ الاستقرار وعدم الحركة.
    7 ـ الترتيب.
    8 ـ الموالاة.

    مبطلات الصلاة

    1- كل ما يبطل الوضوء من نواقض كخروج البول أو الريح.
    2-الأكل والشرب عمداً أو سهواً .
    3 - الضحك مع الصوت (القهقهة) عمداً.
    4 - كل فعل ماح لصورة الصلاة عمداً أو سهواً . كاللعب والتصفيق .
    5 - الانحراف الكبير عن القبلة عمداً أو سهواً.
    6 - التكلم أثناء الصلاة عمداً.
    7 - التكتف وهو وضع اليد على الأخرى عمداً (التكفير).
    8 - البكاء لأمر دنيوي عمداً ولا بأس لأمر أخروي.
    9 - بطلان أحد شروط الصلاة في أثنائها.
    10 - الشك في عدد ركعات صلاة الصبح وصلاة المغرب وصلاة القصر , والشك في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية.
    11- الشكوك في عدد الركعات والتي لا يوجد لها حلٌّ شرعي. كالشك بين الأربع والست.
    12- زيادة أو نقصان ركن من أركان الصلاة عمداً أو سهواً.
    13 - زيادة أو نقصان واجب غير ركني في الصلاة عمداً.
    14 - تعمّد الالتفات بكلِّ البدن على وجه يخرجه عن الاستقبال .
    15 - تعمد قول (آمين) بعد الفاتحة.
    16 ـ كل ما يبطل الغسل, كخروج المني مجدداً.

    مسائل في الشكوك في افعال الصلاة

    1 - من شك في شيء من أفعال الصلاة - أي في أصل وقوعه - فإن كان شكه قبل الدخول في الجزء الذي يليه مما هو مترتب عليه
    وجب الاتيان بالمشكوك كما إذا شك في تكبيرة الاحرام قبل ان يدخل في القراءة وإن كان شكه بعد الدخول لا يعتني بشكه كما إذا شك في التشهد وقد دخل في التسليم.
    2- ومن شك في صحة فعل أو قول بعد الفراغ منه لا يعتني بشكه كما إذا شك في صحة قراءة الفاتحة بعد الانتهاء منها.

    الشكوك المبطلة للصلاة

    1 - الشك في عدد ركعات الصلاة الثنائية والثلاثية والأوليين من الرباعية قبل إتمام السجدتين من الركعة الثانية.
    2 - الشك بين الثانية والخامسة فأكثر.
    3 - الشك بين الثالثة والسادسة فأكثر.
    4 - الشك بين الرابعة والسادسة فأكثر.

    الشكوك التي لا يُعتنى بها

    1 - الشك في الإتيان بواجب من واجبات الصلاة وقد دخل في غيره مما هو مترتب عليه, فلا يلتفت الى الشك في الفاتحة وهو آخذ في السورة ولا في السورة وهو في القنوت.
    ولا يلتفت الى الشك في الركوع أو الانتصاب منه وهو في الهوي الى السجود, ولا في السجود وهو في التشهد, ولا في التشهد وهو قائم.
    2 - الشك بعد التسليم.
    3 - الشك في أفعال الصلاة بعد خروج وقت الصلاة.
    4 - شك كثير الشك .
    5 - شك الإمام في عدد الركعات والحال أن المأموم لا يشك في ذلك ففي هذه الحالة لا يعتني الإمام بشكه بل يبني على ما يقوله المأموم
    والعكس حيث يرجع الشاك منهما الى الآخر.
    6 - الشكوك في الصلاة المستحبة. فإنه يستطيع أن يبني على أحد طرفي الشك ويتم صلاته.

    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..


    أخوانكم في الله ..
    أبو خالد ، شاب مصري
    و
    سهم الاسلام


    و السلام عليكم

    التعديل الأخير تم بواسطة سهم الاسلام ; 07-10-2005 الساعة 01:53 AM

  2. #17
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم
    منقولة ومراجعة عن فضيـلة الشـيخ
    عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين


    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:

    فهذه نبذة في صفة صوم النبي -صلى الله عليه وسلم- وما فيها من واجبات وآداب وأدعية وفى حكم الصيام وأقسام الناس فيه ، والمفطرات ، وفوائد أخرى على وجه الإيجاز، ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لتطبيق سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، والله الموفق0

    تعريف الصيام:

    هو التعبد لله تعالى بترك المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    صيام رمضان:

    أحد أركان الإسلام العظيمة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام" [متفق عليه] 0

    الناس في الصيام:

    * الصوم واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم 0

    * الكافر لا يصوم، ولا يجب عليه قضاء الصوم إذا أسلم 0

    * الصغير الذي لم يبلغ لا يجب عليه الصوم ، لكن يؤمر به ليعتاده 0

    * المريض مرضاً طارئاً ينتظر برؤه يفطر إن شق عليه الصوم ويقضى بعد برئه 0

    * المجنون لا يجب عليه الصوم ولا الإطعام عنه وإن كان كبيراً ، ومثله المعتوه الذي لا تمييز له، والكبير المخرف الذي لا تمييز له 0

    * العاجز عن الصوم لسبب دائم كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه - يطعم عن كل يوم مسكيناً 0

    * الحامل والمرضع إذا شق عليهما الصوم من أجل الحمل أو الرضاع ، أو خافتا على ولديهما، تفطران وتقضيان الصوم إذا سهل عليهما وزال الخوف0

    * الحائض والنفساء لا تصومان حال الحيض والنفاس ، وتقضيان ما فاتهما0

    * المضطر للفطر لإنقاذ معصوم من غرق أو حريق يفطر لينقذه ويقضي0

    * المسافر إن شاء صام وإن شاء أفطر وقضى ما أفطره، سواءً كان سفره طارئاً كسفر العمرة أم دائما كأصحاب سيارات الأجرة فيفطرون إن شاءوا ما داموا في غير بلدهم0

    أحكام الصيام:

    1- النيـــة:

    وجوب تبييت النية في صوم الفريضة قبل طلوع الفجر، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يُجمِع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" [صحيح أبي داود] 0

    وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" [صحيح النسائي]0 والنية محلها القلب، والتلفظ بها لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم 0

    2- وقت الصوم:

    قال تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187] 0 والفجر فجران:

    * الفجر الكاذب: وهو لا يُحِلُ صلاة الصبح، ولا يُحرِمُ الطعام على الصائم، وهو البياض المستطيل الساطع المُصعَّد كذنب السرحان 0

    * الفجر الصادق: وهو الذي يحرم الطعام على الصائم ، ويحل صلاة الفجر، وهو الأحمر المستطيل المعترض على رؤوس الشعاب والجبال 0

    فإذا أقبل الليل من جهة الشرق وأدبر من جهة الغرب وغربت الشمس فليفطر0 قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" [متفق عليه]0 وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس مباشرة وإن كان ضوءها ظاهراً0

    3- السحور:

    قال -صلى الله عليه وسلم-: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" [رواه مسلم] وقال -صلى الله عليه وسلم-: "البركة في ثلاثة: الجماعة، والثريد، والسحور" [صحيح رواه الطبراني في الكبير]، وكون السحور بركة ظاهرة لا ينبغي تركه، لأنه اتباع للسنة، ويقوي على الصيام0 وهو الغذاء المبارك كما سماه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "هلمّ إلى الغذاء المبارك" [صحيح أبي داود]، وقال صلى الله عليه وسلم: "السحور أكلة بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين" [حسن رواه الإمام أحمد] 0 وقال -صلى الله عليه وسلم-: " نعم سحور المؤمن التمور" [صحيح أبي داود]0 وكان من هديه تأخير السحور إلى قبيل الفجر0

    4- ما يجب على الصائم تركه:

    * قول الزور: قال صلى الله عليه وسلم : "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله عز وجل حاجة أن يدع طعامه وشرابه" [رواه البخاري] 0

    * اللغو والرفث: قال : صلى الله عليه وسلم: "ليس الصيام من الأكل والشراب ، وإنما الصيام من اللغو والرفث ، فإن سابَّـك أحد أو جَهِل عليك فقل : إني صائم" [صحيح ابن خزيمة] 0

    5- ما يباح للصائم:

    * الصائم يصبح جنباً: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم" [متفق عليه] 0

    * السواك للصائم: قال صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء " [متفق عليه] 0 فلم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم الصائم من غيره، ففي هذا دلالة على أن السواك للصائم ولغيره عند كل وضوء وكل صلاة عام، وفي كل الأوقات قبل الزوال أو بعده.

    * المضمضة والاستنشاق: كان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم ، لكنه منع الصائم من المبالغة فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" [صحيح أبي داود] 0

    * المباشرة والقبلة للصائم: عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه" [متفق عليه]0 ويكره ذلك للشباب دون الشيخ، قال صلى الله عليه وسلم: "000 إن الشيخ يملك نفسه" [صحيح رواه أحمد] 0

    * تحليل الدم وضرب الإبر التي لا يقصد بها التغذية: فإنها ليست من المفطرات، لأنها ليست مغذية ولا تصل إلى الجوف0

    * قلع السن: لا يفطر الصائم0

    * ذوق الطعام: وهذا مقيد بعدم دخوله الحلق، وكذلك الأمر بمعجون الأسنان0 لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: "لا باس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم" [رواه البخاري] 0

    * الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين: هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده ، وقال الإمام البخاري في صحيحه: "ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم باساً " 0

    6- الإفطـار :

    * تعجيل الفطر من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه مخالفة اليهود والنصارى ، فإنهم يؤخرون ، وتأخيرهم له أمد ، وهو ظهور النجم 00 قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" [متفق عليه] 0 وقال - صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم" [صحيح ابن حبان] 0

    * الفطر قبل صلاة المغرب: عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفطر قبل أن يصلي" [حسن رواه أبو داود] 0

    * على ماذا يفطر؟ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء" [ صحيح أبي داود ] 0

    * ماذا يقول عند الإفطار؟ قال - صلى الله عليه وسلم- : "للصائم عند فطره دعوة لا ترد" [صحيح ابن ماجه] 0 وكان يدعو -صلى الله عليه وسلم- عند إفطاره: "ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله" [صحيح أبي داود] 0

    7- مفسدات الصوم :

    * الأكل والشرب متعمداً : سواء كان نافعاً أم ضاراً كالدخان0 أما إذا فعل ذلك ناسياً أو مخطئاً أو مكرهاً فلا شيء عليه إن شاء الله 0 قال صلى الله عليه وسلم: "إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه" [متفق عليه] 0

    * تعمد القيء: وهو إخراج ما في المعدة عن طريق الفم لقوله صلى الله عليه وسلم: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض" [صحيح أبي داود] فإن قاء من غير قصد لم يفطر 0

    * الجماع: وإذا وقع في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم فعليه مع القضاء كفارة مغلظة وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً 0

    * الحقن الغذائية: وهي إيصال بعض المواد الغذائية إلى الأمعاء أو إلى الدم بقصد تغذية المريض ، فهذا النوع يفطر الصائم ، لأنه إدخال إلى الجوف.

    * الحيض والنفاس: خروج دم من المرأة في جزء من النهار سواء وجد في أوله أو آخره أفطرت وقضت0

    * إنزال المني: يقظة باستمناء أو مباشرة أو تقبيل أو ضم أو نحو ذلك، وأما الإنزال بالاحتلام فلا يفطر لأنه بغير اختيار الصائم 0

    * حقن الدم: مثل أن يحصل للصائم نزيف فيحقن به دمه تعويضاً عما نزف منه0

    8- القضــاء:

    * يستحب المبادرة إلى القضاء وعدم التأخير ، ولا يجب التتابع في القضاء 0 أجمع أهل العلم أن من مات وعليه صلوات فاتته فلا يقضي عنه ، وكذلك من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد في حياته، بل يطعم عن كل يوم مسكيناً 000 ولكن من مات وعليه صوم صام عنه وليه ، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" [متفق عليه] 0

    9- الصوم مع تركه الصلاة:

    * من صام وترك الصلاة فقد ترك الركن الأهم من أركان الإسلام بعد التوحيد، ولا يفيده صومه شيئاً ما دام تاركاً للصلاة ، لأن الصلاة عماد الدين الذي يقوم عليه، وتارك الصلاة محكوم بكفره، والكافر لا يقبل منه عمل لقوله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" [صحيح رواه الإمام أحمد]0

    10- قيام الليل ( التراويح ):

    * لقد سن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قيام رمضان جماعة، ثم تركه مخافة أن يفرض على الأمة فلا تستطيع القيام بهذه الفريضة0 وعدد ركعاتها ثمان ركعات دون الوتر لحديث عائشة رضي الله عنها: "ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" [متفق عليه]0

    ولما أحيا عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه السنة جمع إحدى عشرة ركعة، وصلّوا في زمانه ثلاثة وعشرين، وصلّوا بعده تسعاً وثلاثين ركعة، والعمل على ثلاثة وعشرين كما في صلاة الحرمين الشريفين، وهو قول الأئمة الثلاثة وغيرهم0

    ومما ابتلي به المسلمون اليوم في صلاة التراويح السرعة في القراءة وفي الركوع والسجود وغير ذلك0 وهذا مخل بالصلاة ، مذهب لخشوعها ، وقد يبطلها في بعض الحالات 000 والله المستعان

    11- زكاة الفطر:

    *وهى فرض لحديث ابن عمر رضي الله عنه : "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر من رمضان على الناس " [متفق عليه]0 وتجب زكاة الفطر على الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والحر والعبد من المسلمين ومقدارها صاع من غالب قوت البلد إذا كان فاضلاً عن قوت يومه وليلته وقوت عياله ، والأفضل فيها الأنفع للفقراء

    ووقت إخراجها: يوم العيد قبل الصلاة ، ويجوز قبله بيوم أو يومين ، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد.

    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  3. #18
    التسجيل
    30-06-2004
    الدولة
    مُسْـلِمٌ مِنْ أُمَّةِ الإسِــلامِ
    المشاركات
    3,266

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاحبه فى الله
    كل عام وانتم بخير ها هو الشهر الكريم يبداء ونريد ان ننهل منه بقدر ما يمكنا فيه واننى اذ اشكر
    اخوتى الاحبه الكرام
    اخى القدير ومراقبنا الفاضل سهم الاسلام
    اخى القدير ومراقبنا الفاضل شاب مصرى
    وابداء ان شاء الله معكم فيما خصص لى فى الموضوع بالحديث عن صلاة التراويح
    هدانا الله واياكم لما يحب ويرضى
    ____________

    الخلاصة في أحكام صلاة التراويح وتعريفها

    ففي الموسوعة الفقهية :
    صَلاَةُ التَّراوِيح
    التّعريف :
    1 - تقدّم تعريف الصّلاة لغةً واصطلاحًا في مصطلح : ( صلاة ) .
    والتّراويح : جمع ترويحة ، أي ترويحة للنّفس ، أي استراحة ، من الرّاحة وهي زوال المشقّة والتّعب ، والتّرويحة في الأصل اسم للجلسة مطلقةً ، وسمّيت الجلسة الّتي بعد أربع ركعات في ليالي رمضان بالتّرويحة للاستراحة ، ثمّ سمّيت كلّ أربع ركعات ترويحةً مجازاً ، وسمّيت هذه الصّلاة بالتّراويح ، لأنّهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كلّ أربع ركعات للاستراحة .
    وصلاة التّراويح : هي قيام شهر رمضان ، مثنى مثنى ، على اختلاف بين الفقهاء في عدد ركعاتها ، وفي غير ذلك من مسائلها .
    الألفاظ ذات الصّلة :
    أ - إحياء اللّيل :
    2 - إحياء اللّيل ، ويطلق عليه بعض الفقهاء أيضًا قيام اللّيل ، هو : إمضاء اللّيل ، أو أكثره في العبادة كالصّلاة والذِّكْر وقراءة القرآن الكريم ، ونحو ذلك . ( ر : إحياء اللّيل ) . وإحياء اللّيل : يكون في كلّ ليلة من ليالي العام ، ويكون بأيّ من العبادات المذكورة أو نحوها وليس بخصوص الصّلاة .
    أمّا صلاة التّراويح فتكون في ليالي رمضان خاصّةً .
    ب - التّهجّد :
    3 - التّهجّد في اللّغة : من الهجود ، ويطلق الهجود على النّوم وعلى السّهر ، يقال : هجد إذا نام باللّيل ، ويقال أيضاً هجد : إذا صلّى اللّيل ، فهو من الأضداد ، ويقال : تهجّد إذا أزال النّوم بالتّكلّف .
    وهو في الاصطلاح : صلاة التّطوّع في اللّيل بعد النّوم .
    والتّهجّد - عند جمهور الفقهاء - صلاة التّطوّع في اللّيل بعد النّوم ، في أيّ ليلة من ليالي العام .
    أمّا صلاة التّراويح فلا يشترط لها أن تكون بعد النّوم ، وهي في ليالي رمضان خاصّةً .
    ج - التّطوّع :
    4 - التّطوّع هو : ما شُرع زيادةً على الفرائض والواجبات من الصّلاة وغيرها ، وسمّي بذلك ، لأنّه زائد على ما فرضه اللّه تعالى ، وصلاة التّطوّع أو النّافلة تنقسم إلى نفل مقيّد ومنه صلاة التّراويح ، وإلى نفل مطلق أي غير مقيّد بوقت .
    وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( تطوّع ) .
    د - الوتر :
    5 - الوتر هو : الصّلاة المخصوصة بعد فريضة العشاء ، سمّيت بذلك لأنّ عدد ركعاتها وتر لا شفع .
    الحكم التّكليفيّ :
    6 - اتّفق الفقهاء على سُنِّيَّةِ صلاة التّراويح ، وهي عند الحنفيّة والحنابلة وبعض المالكيّة سنّة مؤكّدة ، وهي سنّة للرّجال والنّساء ، وهي من أعلام الدّين الظّاهرة .
    وقد سنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صلاة التّراويح ورغّب فيها ، فقال صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه فرض صيام رمضان عليكم ، وسننت لكم قيامه ... » .
    وروى أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يرغّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدّم من ذنبه » قال الخطيب الشّربينيّ وغيره : اتّفقوا على أنّ صلاة التّراويح هي المرادة بالحديث المذكور .
    وقد صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة التّراويح في بعض اللّيالي ، ولم يواظب عليها ، وبيّن العذر في ترك المواظبة وهو خشية أن تكتب فيعجزوا عنها ، فعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد ، فصلّى بصلاته ناس ، ثمّ صلّى من القابلة فكثر النّاس ، ثمّ اجتمعوا من الثّالثة فلم يخرج إليهم ، فلمّا أصبح قال : قد رأيت الّذي صنعتم ،فلم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ أنّي خشيت أن تفرض عليكم »، وذلك في رمضان زاد البخاريّ فيه : « فتوفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك » .
    وفي تعيين اللّيالي الّتي قامها النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه روى أبو ذرّ - رضي الله تعالى عنه - قال : « صمنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشّهر حتّى بقي سبع ، فقام بنا حتّى ذهب ثلث اللّيل ، فلمّا كانت السّادسة لم يقم بنا ، فلمّا كانت الخامسة قام بنا حتّى ذهب شطر اللّيل ، فقلت : يا رسول اللّه لو نفلتنا قيام هذه اللّيلة؟ قال : فقال : إنّ الرّجل إذا صلّى مع الإمام حتّى ينصرف حسب له قيام ليلة قال : فلمّا كانت الرّابعة لم يقم ، فلمّا كانت الثّالثة جمع أهله ونساءه والنّاس فقام بنا حتّى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال : قلت : وما الفلاح ؟ قال : السّحور ، ثمّ لم يقم بنا بقيّة الشّهر » .
    وعن النّعمان بن بشير - رضي الله تعالى عنهما - قال : « قمنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث اللّيل الأوّل ، ثمّ قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف اللّيل ، ثمّ قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتّى ظننّا أن لا ندرك الفلاح وكانوا يسمّونه السّحور » .
    وقد واظب الخلفاء الرّاشدون والمسلمون من زمن عمر - رضي الله تعالى عنه - على صلاة التّراويح جماعةً ، وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - هو الّذي جمع النّاس فيها على إمام واحد .
    عن عبد الرّحمن بن عبد القاريّ ، قال : خرجت مع عمر بن الخطّاب - رضي الله تعالى عنه - ليلةً في رمضان إلى المسجد ، فإذا النّاس أوزاع متفرّقون ، يصلّي الرّجل لنفسه ، ويصلّي الرّجل فيصلّي بصلاته الرّهط ، فقال عمر : إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمّ عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب ، ثمّ خرجت معه ليلةً أخرى والنّاس يصلّون بصلاة قارئهم ، فقال : نعمت البدعة هذه ، والّتي ينامون عنها أفضل من الّتي يقومون . يريد آخر اللّيل ، وكان النّاس يقومون أوّله .
    وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال : سألت أبا حنيفة عن التّراويح وما فعله عمر ، فقال : التّراويح سنّة مؤكّدة ، ولم يتخرّص عمر من تلقاء نفسه ، ولم يكن فيه مبتدعاً ، ولم يأمر به إلاّ عن أصل لديه وعهد من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولقد سنّ عمر هذا وجمع النّاس على أبيّ بن كعب فصلّاها جماعةً والصّحابة متوافرون من المهاجرين والأنصار وما ردّ عليه واحد منهم ، بل ساعدوه ووافقوه وأمروا بذلك .
    فضل صلاة التّراويح :
    7 - بيَّن الفقهاء منزلة التّراويح بين نوافل الصّلاة .
    قال المالكيّة : التّراويح من النّوافل المؤكّدة ،حيث قالوا : وتأكّد تراويح ، وهو قيام رمضان. وقال الشّافعيّة : التّطوّع قسمان :
    قسم تسنّ له الجماعة وهو أفضل ممّا لا تسنّ له الجماعة لتأكّده بسنّها له ، وله مراتب :
    فأفضله العيدان ثمّ الكسوف للشّمس ، ثمّ الخسوف للقمر ، ثمّ الاستسقاء ، ثمّ التّراويح ... وقالوا : الأصحّ أنّ الرّواتب وهي التّابعة للفرائض أفضل من التّراويح وإن سنّ لها الجماعة، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم واظب على الرّواتب دون التّراويح .
    قال شمس الدّين الرّمليّ : والمراد تفضيل الجنس على الجنس من غير نظر لعدد .
    وقال الحنابلة : أفضل صلاة تطوّع ما سنّ أن يصلّى جماعةً ، لأنّه أشبه بالفرائض ثمّ الرّواتب ، وآكد ما يسنّ جماعةً : كسوف فاستسقاء فتراويح .
    تاريخ مشروعيّة صلاة التّراويح والجماعة فيها :
    8 - روى الشّيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج من جوف اللّيل ليالي من رمضان وصلّى في المسجد ، وصلّى النّاس بصلاته ، وتكاثروا فلم يخرج إليهم في الرّابعة ، وقال لهم : خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ». قال القليوبيّ : هذا يشعر أنّ صلاة التّراويح لم تشرع إلاّ في آخر سني الهجرة لأنّه لم يرد أنّه صلّاها مرّةً ثانيةً ولا وقع عنها

    يتبع بفضل من الله

  4. #19
    التسجيل
    30-06-2004
    الدولة
    مُسْـلِمٌ مِنْ أُمَّةِ الإسِــلامِ
    المشاركات
    3,266

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    سؤال .
    وجمع عمر بن الخطّاب - رضي الله تعالى عنه - النّاس في التّراويح على إمام واحد في السّنة الرّابعة عشرة من الهجرة ، لنحو سنتين خلتا من خلافته ، وفي رمضان الثّاني من خلافته .
    النّداء لصلاة التّراويح :
    9 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا أذان ولا إقامة لغير الصّلوات المفروضة ، لما ثبت « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أذّن للصّلوات الخمس والجمعة دون ما سواها من الوتر ، والعيدين، والكسوف ، والخسوف ، والاستسقاء ، وصلاة الجنازة ، والسّنن والنّوافل » .
    وقال الشّافعيّة : ينادى لجماعة غير الصّلوات المفروضة : الصّلاة جامعة ، ونقل النّوويّ عن الشّافعيّ قوله : لا أذان ولا إقامة لغير المكتوبة ، فأمّا الأعياد والكسوف وقيام شهر رمضان فأحبّ أن يقال : الصّلاة جامعةً .
    واستدلّوا بما روى الشّيخان « أنّه لمّا كسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نودي : إنّ الصّلاة جامعة » وقيس بالكسوف غيره ممّا تشرع فيه الجماعة ومنها التّراويح . وكالصّلاة جامعةً : الصّلاة الصّلاة ، أو هلمّوا إلى الصّلاة ،أو الصّلاة رحمكم اللّه، أو حيّ على الصّلاة خلافاً لبعضهم .
    وذهب الحنابلة إلى أنّه لا ينادى على التّراويح " الصّلاة جامعة " لأنّه محدث .
    تعيين النّيّة في صلاة التّراويح :
    10 - ذهب الشّافعيّة وبعض الحنفيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة إلى اشتراط تعيين النّيّة في التّراويح ، فلا تصحّ التّراويح بنيّة مطلقة ، بل ينوي صلاة ركعتين من قيام رمضان أو من التّراويح لحديث : « إنّما الأعمال بالنّيّات » وليتميّز إحرامه بهما عن غيره .
    وعلَّل الحنفيّة القائلون بذلك قولهم بأنّ التّراويح سنّة ، والسّنّة عندهم لا تتأدّى بنيّة مطلق الصّلاة أو نيّة التّطوّع ، واستدلّوا بما روى الحسن عن أبي حنيفة أنّه : لا تتأدّى ركعتا الفجر إلاّ بنيّة السّنّة .
    لكنّهم اختلفوا في تجديد النّيّة لكلّ ركعتين من التّراويح ، قال ابن عابدين في الخلاصة : الصّحيح نعم ،لأنّه صلاة على حدة ، وفي الخانيّة : الأصحّ لا ، فإنّ الكلّ بمنزلة صلاة واحدة، ثمّ قال ويظهر لي " ترجيح " التّصحيح الأوّل ، لأنّه بالسّلام خرج من الصّلاة حقيقةً ، فلا بدّ من دخوله فيها بالنّيّة ، ولا شكّ أنّه الأحوط خروجاً من الخلاف .
    وقال عامّة مشايخ الحنفيّة : إنّ التّراويح وسائر السّنن تتأدّى بنيّة مطلقة ، لأنّها وإن كانت سنّةً لا تخرج عن كونها نافلةً ، والنّوافل تتأدّى بمطلق النّيّة ، إلاّ أنّ الاحتياط أن ينوي التّراويح أو سنّة الوقت أو قيام رمضان احترازاً عن موضع الخلاف .
    وذهب الحنابلة إلى أنّه يندب في كلّ ركعتين من التّراويح أن ينوي فيقول سرّاً : أصلّي ركعتين من التّراويح المسنونة أو من قيام رمضان .
    عدد ركعات التّراويح :
    11 - قال السّيوطيّ : الّذي وردت به الأحاديث الصّحيحة والحسان الأمر بقيام رمضان والتّرغيب فيه من غير تخصيص بعدد ، ولم يثبت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى التّراويح عشرين ركعةً ، وإنّما صلّى ليالي صلاةً لم يذكر عددها ، ثمّ تأخّر في اللّيلة الرّابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها .
    وقال ابن حجر الهيثميّ : لم يصحّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى التّراويح عشرين ركعةً ، وما ورد « أنّه كان يصلّي عشرين ركعةً » فهو شديد الضّعف .
    واختلفت الرّواية فيما كان يصلّى به في رمضان في زمان عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه :
    فذهب جمهور الفقهاء - من الحنفيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، وبعض المالكيّة - إلى أنّ التّراويح عشرون ركعةً ، لما رواه مالك عن يزيد بن رومان والبيهقيّ عن السّائب بن يزيد من قيام النّاس في زمان عمر - رضي الله تعالى عنه - بعشرين ركعةً ، وجمع عمر النّاس على هذا العدد من الرّكعات جمعاً مستمرّاً ، قال الكاسانيّ : جمع عمر أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على أبيّ بن كعب - رضي الله تعالى عنه - فصلّى بهم عشرين ركعةً ، ولم ينكر عليه أحد فيكون إجماعاً منهم على ذلك .
    وقال الدّسوقيّ وغيره : كان عليه عمل الصّحابة والتّابعين .
    وقال ابن عابدين : عليه عمل النّاس شرقاً وغرباً .
    وقال عليّ السّنهوريّ : هو الّذي عليه عمل النّاس واستمرّ إلى زماننا في سائر الأمصار وقال الحنابلة : وهذا في مظنّة الشّهرة بحضرة الصّحابة فكان إجماعاً والنّصوص في ذلك كثيرة .
    وروى مالك عن السّائب بن يزيد قال : أمر عمر بن الخطّاب أبيّ بن كعب وتميماً الدّاريّ أن يقوما للنّاس بإحدى عشرة ركعةً ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتّى كنّا نعتمد على العصيّ من طول القيام ، وما كنّا ننصرف إلاّ في فروع الفجر . وروى مالك عن يزيد بن رومان أنّه قال : كان النّاس يقومون في زمان عمر بن الخطّاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعةً ، قال البيهقيّ والباجيّ وغيرهما : أي بعشرين ركعةً غير الوتر ثلاث ركعات ، ويؤيّده ما رواه البيهقيّ وغيره عن السّائب بن يزيد - رضي الله تعالى عنه - قال : كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - في شهر رمضان بعشرين ركعةً .
    قال الباجيّ : يحتمل أن يكون عمر أمرهم بإحدى عشرة ركعةً ، وأمرهم مع ذلك بطول القراءة ، يقرأ القارئ بالمئين في الرّكعة ، لأنّ التّطويل في القراءة أفضل الصّلاة ، فلمّا ضعف النّاس عن ذلك أمرهم بثلاث وعشرين ركعةً على وجه التّخفيف عنهم من طول القيام، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الرّكعات .
    وقال العدويّ : الإحدى عشرة كانت مبدأ الأمر ، ثمّ انتقل إلى العشرين .
    وقال ابن حبيب : رجع عمر إلى ثلاث وعشرين ركعةً .
    وخالف الكمال بن الهمام مشايخ الحنفيّة القائلين بأنّ العشرين سنّة في التّراويح فقال : قيام رمضان سنّة إحدى عشرة ركعةً بالوتر في جماعة ، فعله النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ تركه لعذر ، أفاد أنّه لولا خشية فرضه عليهم لواظب بهم ، ولا شكّ في تحقّق الأمن من ذلك بوفاته صلى الله عليه وسلم فيكون سنّةً ، وكونها عشرين سنّة الخلفاء الرّاشدين ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين » ندب إلى سنّتهم ، ولا يستلزم كون ذلك سنّته ، إذ سنّته بمواظبته بنفسه أو إلاّ لعذر ، وبتقدير عدم ذلك العذر كان يواظب على ما وقع منه ، فتكون العشرون مستحبّاً ، وذلك القدر منها هو السّنّة ، كالأربع بعد العشاء مستحبّة وركعتان منها هي السّنّة ، وظاهر كلام المشايخ أنّ السّنّة عشرون ، ومقتضى الدّليل ما قلنا فيكون هو المسنون ، أي فيكون المسنون منها ثماني ركعات والباقي مستحبّاً .
    وقال المالكيّة : القيام في رمضان بعشرين ركعةً أو بستّ وثلاثين واسع أي جائز ، فقد كان السّلف من الصّحابة - رضوان الله عليهم - يقومون في رمضان في زمن عمر بن الخطّاب - رضي الله تعالى عنه - في المساجد بعشرين ركعةً ، ثمّ يوترون بثلاث ، ثمّ صلّوا في زمن عمر بن عبد العزيز ستّاً وثلاثين ركعةً غير الشّفع والوتر .
    قال المالكيّة : وهو اختيار مالك في المدوّنة ، قال : هو الّذي لم يزل عليه عمل النّاس أي بالمدينة بعد عمر بن الخطّاب ، وقالوا : كره مالك نقصها عمّا جعلت بالمدينة .
    وعن مالك - أي في غير المدوّنة - قال : الّذي يأخذ بنفسي في ذلك الّذي جمع عمر عليه النّاس ، إحدى عشرة ركعةً منها الوتر ، وهي صلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي المذهب أقوال وترجيحات أخرى .
    وقال الشّافعيّة : ولأهل المدينة فعلها ستّاً وثلاثين ، لأنّ العشرين خمس ترويحات ، وكان أهل مكّة يطوفون بين كلّ ترويحتين سبعة أشواط ، فحمل أهل المدينة بدل كلّ أسبوع ترويحةً ليساووهم ، قال الشّيخان : ولا يجوز ذلك لغيرهم .. وهو الأصحّ كما قال الرّمليّ لأنّ لأهل المدينة شرفاً بهجرته صلى الله عليه وسلم ومدفنه ، وخالف الحليميّ فقال : ومن اقتدى بأهل المدينة فقام بستّ وثلاثين فحسن أيضاً .
    وقال الحنابلة : لا ينقص من العشرين ركعةً ، ولا بأس بالزّيادة عليها نصّاً ، قال عبد اللّه بن أحمد : رأيت أبي يصلّي في رمضان ما لا أحصي ، وكان عبد الرّحمن بن الأسود يقوم بأربعين ركعةً ويوتر بعدها بسبع .
    قال ابن تيميّة : والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلّين ، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام ، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها ، كما كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل . وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل . وهو الّذي يعمل به أكثر المسلمين ، فإنّه وسط بين العشر وبين الأربعين ، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك ولا يكره شيء من ذلك . وقد نصّ على ذلك غير واحد من الأئمّة كأحمد وغيره .
    قال : ومن ظنّ أنّ قيام رمضان فيه عدد موقّت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ .
    الاستراحة بين كلّ ترويحتين :
    12 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الاستراحة بعد كلّ أربع ركعات ، لأنّه المتوارث عن السّلف ، فقد كانوا يطيلون القيام في التّراويح ويجلس الإمام والمأمومون بعد كلّ أربع ركعات للاستراحة .
    وقال الحنفيّة : يندب الانتظار بين كلّ ترويحتين ، ويكون قدر ترويحة ، ويشغل هذا الانتظار بالسّكوت أو الصّلاة فرادى أو القراءة أو التّسبيح .
    وقال الحنابلة : لا بأس بترك الاستراحة بين كلّ ترويحتين ، ولا يسنّ دعاء معيّن إذا استراح لعدم وروده .
    التّسليم في صلاة التّراويح :
    13 - ذهب الفقهاء إلى أنّ من يصلّي التّراويح يسلّم من كلّ ركعتين ، لأنّ التّراويح من صلاة اللّيل فتكون مثنى مثنى ، لحديث : « صلاة اللّيل مثنى مثنى » ولأنّ التّراويح تؤدّى بجماعة فيراعى فيها التّيسير بالقطع بالتّسليم على رأس الرّكعتين لأنّ ما كان أدوم تحريمةً كان أشقّ على النّاس .
    واختلفوا فيمن صلّى التّراويح ولم يسلّم من كلّ ركعتين :
    فقال الحنفيّة : لو صلّى التّراويح كلّها بتسليمة وقعد في كلّ ركعتين فالصّحيح أنّه تصحّ صلاته عن الكلّ ، لأنّه قد أتى بجميع أركان الصّلاة وشرائطها ، لأنّ تجديد التّحريمة لكلّ ركعتين ليس بشرط عندهم ، لكنّه يكره إن تعمّد على الصّحيح عندهم ، لمخالفته المتوارث ، وتصريحهم بكراهة الزّيادة على ثمانٍ في صلاة مطلق التّطوّع فهنا أولى .
    وقالوا : إذا لم يقعد في كلّ ركعتين وسلّم تسليمةً واحدةً فإنّ صلاته تفسد عند محمّد ، ولا تفسد عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، والأصحّ أنّها تجوز عن تسليمة واحدة ، لأنّ السّنّة أن يكون الشّفع الأوّل كاملاً ، وكماله بالقعدة ولم توجد ، والكامل لا يتأدّى بالنّاقص .
    وقال المالكيّة : يندب لمن صلّى التّراويح التّسليم من كلّ ركعتين ، ويكره تأخير التّسليم بعد كلّ أربع ، حتّى لو دخل على أربع ركعات بتسليمة واحدة فالأفضل له السّلام بعد كلّ ركعتين . وقال الشّافعيّة : لو صلّى في التّراويح أربعاً بتسليمة واحدة لم يصحّ ، فتبطل إن كان عامداً عالماً ، وإلاّ صارت نفلاً مطلقاً ، وذلك لأنّ التّراويح أشبهت الفرائض في طلب الجماعة فلا تغيّر عمّا ورد . ولم نجد للحنابلة كلاماً في هذه المسألة .
    القعود في صلاة التّراويح :
    14 - جاء في مذهب الحنفيّة أنّ من يصلّي التّراويح قاعداً فإنّه يجوز مع الكراهة تنزيهاً لأنّه خلاف السّنّة المتوارثة .
    وصرّح الحنفيّة بأنّه : يكره للمقتدي أن يقعد في صلاة التّراويح ، فإذا أراد الإمام أن يركع قام ، واستظهر ابن عابدين أنّه يكره تحريماً ، لأنّ في ذلك إظهار التّكاسل في الصّلاة والتّشبّه بالمنافقين ، قال اللّه تعالى : { وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى } فإذا لم يكن ذلك لكسل بل لكبر ونحوه لا يكره ، ولم نجد مثل هذا لغير الحنفيّة .
    وقت صلاة التّراويح :
    15 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ وقت صلاة التّراويح من بعد صلاة العشاء ، وقبل الوتر إلى طلوع الفجر ، لنقل الخلف عن السّلف ، ولأنّها عرفت بفعل الصّحابة فكان وقتها ما صلّوا فيه ، وهم صلّوا بعد العشاء قبل الوتر ، ولأنّها سنّة تبع للعشاء فكان وقتها قبل الوتر. ولو صلّاها بعد المغرب وقبل العشاء فجمهور الفقهاء وهو الأصحّ عند الحنفيّة على أنّها لا تجزئ عن التّراويح ، وتكون نافلةً عند المالكيّة ، ومقابل الأصحّ عند الحنفيّة أنّها تصحّ ، لأنّ جميع اللّيل إلى طلوع الفجر قبل العشاء وبعدها وقت للتّراويح ، لأنّها سمّيت قيام اللّيل فكان وقتها اللّيل .
    وعلّل الحنابلة عدم الصّحّة بأنّها تفعل بعد مكتوبة وهي العشاء فلم تصحّ قبلها كسنّة العشاء، وقالوا : إنّ التّراويح تصلّى بعد صلاة العشاء وبعد سنّتها ، قال المجد : لأنّ سنّة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار ، فكان إتباعها لها أولى .
    ولو صلّاها بعد العشاء وبعد الوتر فالأصحّ عند الحنفيّة أنّها تجزئ .
    وذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّه يستحبّ تأخير التّراويح إلى ثلث اللّيل أو نصفه ، واختلف الحنفيّة في أدائها بعد نصف اللّيل ، فقيل يكره ، لأنّها تبع للعشاء كسنّتها ، والصّحيح لا يكره لأنّها من صلاة اللّيل والأفضل فيها آخره .
    وذهب الحنابلة إلى أنّ صلاتها أوّل اللّيل أفضل ، لأنّ النّاس كانوا يقومون على عهد عمر - رضي الله تعالى عنه - أوّله ، وقد قيل لأحمد : يؤخّر القيام أي في التّراويح إلى آخر اللّيل ؟ قال : سنّة المسلمين أحبّ إليّ .
    الجماعة في صلاة التّراويح :
    16 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الجماعة في صلاة التّراويح ، لفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما سبق ، ولفعل الصّحابة - رضوان اللّه تعالى عليهم - ومن تبعهم منذ زمن عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - ; ولاستمرار العمل عليه حتّى الآن .
    وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الجماعة في صلاة التّراويح سنّة .
    قال الحنفيّة : صلاة التّراويح بالجماعة سنّة على الكفاية في الأصحّ ، فلو تركها الكلّ أساءوا، أمّا لو تخلّف عنها رجل من أفراد النّاس وصلّى في بيته فقد ترك الفضيلة ، وإن صلّى في البيت بالجماعة لم ينل فضل جماعة المسجد .
    وقال المالكيّة : تندب صلاة التّراويح في البيوت إن لم تعطّل المساجد ، وذلك لخبر : « عليكم بالصّلاة في بيوتكم ، فإنّ خير صلاة المرء في بيته إلاّ الصّلاة المكتوبة » ولخوف الرّياء وهو حرام ، واختلفوا فيما إذا صلّاها في بيته ، هل يصلّيها وحده أو مع أهل بيته ؟ قولان ، قال الزّرقانيّ : لعلّهما في الأفضليّة سواء .
    وندب صلاة التّراويح - في البيوت عندهم - مشروط بثلاثة أمور : أن لا تعطّل المساجد ، وأن ينشط لفعلها في بيته ، ولا يقعد عنها ، وأن يكون غير آفاقيّ بالحرمين ، فإن تخلّف شرط كان فعلها في المسجد أفضل ، وقال الزّرقانيّ : يكره لمن في المسجد الانفراد بها عن الجماعة الّتي يصلّونها فيه ، وأولى إذا كان انفراده يعطّل جماعة المسجد .
    وقال الشّافعيّة : تسنّ الجماعة في التّراويح على الأصحّ ، لحديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - الّذي سبق ذكره ،وللأثر عن عمر - رضي الله تعالى عنه - ولعمل النّاس على ذلك. ومقابل الأصحّ عندهم أنّ الانفراد بصلاة التّراويح أفضل كغيرها من صلاة اللّيل لبعده عن الرّياء .
    وقال الحنابلة : صلاة التّراويح جماعةً أفضل من صلاتها فرادى ، قال أحمد : كان عليّ وجابر وعبد اللّه - رضي الله عنهم - يصلّونها في الجماعة .
    وفي حديث أبي ذرّ - رضي الله تعالى عنه - « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم جمع أهله ونساءه ، وقال : إنّ الرّجل إذا صلّى مع الإمام حتّى ينصرف كتب له قيام ليلة » .
    وقالوا : إن تعذّرت الجماعة صلّى وحده لعموم قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه » .
    القراءة وختم القرآن الكريم في التّراويح :
    17 - ذهب الحنابلة وأكثر المشايخ من الحنفيّة وهو ما رواه الحسن عن أبي حنيفة إلى أنّ السّنّة أن يختم القرآن الكريم في صلاة التّراويح ليسمع النّاس جميع القرآن في تلك الصّلاة . وقال الحنفيّة : السّنّة الختم مرّةً ، فلا يترك الإمام الختم لكسل القوم ، بل يقرأ في كلّ ركعة عشر آيات أو نحوها ، فيحصل بذلك الختم ، لأنّ عدد ركعات التّراويح في شهر رمضان ستّمائة ركعة ، أو خمسمائة وثمانون ، وآي القرآن الكريم ستّ آلاف وشيء .
    ويقابل قول هؤلاء ما قيل : الأفضل أن يقرأ قدر قراءة المغرب لأنّ النّوافل مبنيّة على التّخفيف خصوصاً بالجماعة ، وما قيل : يقرأ في كلّ ركعة ثلاثين آيةً لأنّ عمر - رضي الله تعالى عنه - أمر بذلك ، فيقع الختم ثلاث مرّات في رمضان ، لأنّ لكلّ عشر فضيلةً كما جاءت به السّنّة ، « أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النّار » .
    وقال الكاسانيّ : ما أمر به عمر - رضي الله تعالى عنه - هو من باب الفضيلة ، وهو أن يختم القرآن أكثر من مرّة ، وهذا في زمانهم ، وأمّا في زماننا فالأفضل أن يقرأ الإمام على حسب حال القوم ، فيقرأ قدر ما لا ينفّرهم عن الجماعة ، لأنّ تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة .
    ومن الحنفيّة من استحبّ الختم ليلة السّابع والعشرين رجاء أن ينالوا ليلة القدر ، وإذا ختم قبل آخره .. قيل : لا يكره له التّراويح فيما بقي ، قيل : يصلّيها ويقرأ فيها ما يشاء . وصرّح المالكيّة والشّافعيّة بأنّه يندب للإمام الختم لجميع القرآن في التّراويح في الشّهر كلّه، وقراءة سورة في تراويح جميع الشّهر تجزئ ، وكذلك قراءة سورة في كلّ ركعة ، أو كلّ ركعتين من تراويح كلّ ليلة في جميع الشّهر تجزئ وإن كان خلاف الأولى إذا كان يحفظ غيرها أو كان هناك من يحفظ القرآن غيره ، قال ابن عرفة : في المدوّنة لمالك : وليس الختم بسنّة .
    وقال الحنابلة : يستحبّ أن يبتدئ التّراويح في أوّل ليلة بسورة القلم : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } بعد الفاتحة لأنّها أوّل ما نزل من القرآن ، فإذا سجد للتّلاوة قام فقرأ من البقرة نصّ عليه أحمد ، والظّاهر أنّه قد بلغه في ذلك أثر ، وعنه : أنّه يقرأ بسورة القلم في عشاء الآخرة من اللّيلة الأولى من رمضان .
    قال الشّيخ : وهو أحسن ممّا نقل عنه أنّه يبتدئ بها التّراويح ويختم آخر ركعة من التّراويح قبل ركوعه ويدعو ، نصّ عليه .
    المسبوق في التّراويح :
    18 - قال الحنفيّة : من فاته بعض التّراويح وقام الإمام إلى الوتر أوتر معه ثمّ صلّى ما فاته .
    وقال المالكيّة : من أدرك مع الإمام ركعةً فلا يخلو أن تكون من الرّكعتين الأخيرتين من التّرويحة أو من الأوليين ، فإن كانت من الأخيرتين فإنّه يقضي الرّكعة الّتي فاتته بعد سلام الإمام في أثناء فترة الرّاحة ، وإن كانت من الرّكعتين الأوليين فقد روى ابن القاسم عن مالك أنّه لا يسلّم سلامه ولكن يقوم فيصحب الإمام فإذا قام الإمام من الرّكعة الأولى من الأخريين تشهّد وسلّم ثمّ دخل معه في الرّكعتين الأخريين فصلّى منهما ركعةً ثمّ قضى الثّانية منهما حين انفراده بالتّنفّل .
    وعند الحنابلة : سئل أحمد عمّن أدرك من ترويحة ركعتين يصلّي إليها ركعتين ؟ فلم ير ذلك، وقال : هي تطوّع .
    قضاء التّراويح :
    19 - إذا فاتت صلاة التّراويح عن وقتها بطلوع الفجر ، فقد ذهب الحنفيّة في الأصحّ عندهم، والحنابلة في ظاهر كلامهم إلى أنّها لا تقضى ; لأنّها ليست بآكد من سنّة المغرب والعشاء ، وتلك لا تقضى فكذلك هذه .
    وقال الحنفيّة : إن قضاها كانت نفلًا مستحبًّا لا تراويح كرواتب اللّيل ، لأنّها منها ، والقضاء عندهم من خواصّ الفرض وسنّة الفجر بشرطها .
    ومقابل الأصحّ عند الحنفيّة أنّ من لم يؤدّ التّراويح في وقتها فإنّه يقضيها وحده ما لم يدخل وقت تراويح أخرى ، وقيل : ما لم يمض الشّهر .
    ولم نجد تصريحاً للمالكيّة والشّافعيّة في هذه المسألة .
    لكن قال النّوويّ : لو فات النّفل المؤقّت ندب قضاؤه في الأظهر .
    هذا وبالله التوفيق لى ولكم ولسائر المسلمين
    تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال ووفقكم لكل خير
    اخوتكم فى الله
    ســـــــهم الاســــلام ** شـــــــاب مــصرى **
    والفقير الى الله راجى عفوه ورحمته
    ابوخــــــالد


  5. #20
    التسجيل
    18-07-2003
    الدولة
    بـلاد الـiـiـiــام , دمشق ..
    المشاركات
    3,356

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..



    الحمدلله و الصلاة و السلام على سيدنما محمد و على آله وصحبه و سلم ..

    أخوتي الأحبة :

    نقدم اليوم بعض الفتاوى الهامة التي تتعلق بشهرنا الفضيل و يجيب عليها
    العالم الاسلامي
    الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله ..

    السؤال باللون الأزرق الفاتح و الجواب باللون الأحمر الغامق ..

    نبدأ ..

    عمري 33 سنة‏،‏ بعد بلوغي لم أصُم رمضان لعدة سنين‏،‏ جهلاً مني بأهمية ومعنى فرض الصوم‏،‏ فهل تجب الفدية مع القضاء‏،‏ أم يمكن التقليد على مذهب آخر‏،‏ دون دفع الفدية‏؟‏ وهل تتكرر الفدية بتكرار السنين‏،‏ وسيصعب عليَّ حسابه‏؟‏
    يجب قضاء ما فاتك من صوم رمضان‏،‏ ويجب إخراج فدية معه عن تأخرك في القضاء إلى دخول شهر رمضان اللاحق‏،‏ عن كل يوم ما يساوي قيمة نصف كيلو قمح تقريباً.


    هل يمكن أن تصلى صلاة الوتر جماعة وجهرا" بغير رمضان‏؟‏
    صلاة الوتر جماعة في غير رمضان بدعة مخالفة لهدي رسول الله.


    نحن كجالية إسلامية في أستراليا نختلف كل سنة على ثبوت شهري رمضان وشوال‏،‏ وقد اتفق مجلس الأئمة على الأخذ بأقوال الأرصاد الجوية بحيث يثبتوا الشهر بمجرد إمكانية رؤية الهلال‏،‏ وليس برؤيته بالعين المجردة‏،‏ وأنا كإمام مسجد أخالفهم في هذا الرأي وأرى ضرورة رؤية الهلال‏،‏ فإن غُمَّ علينا أكملنا الشهر 30 يوماً. فهل يجوز الأخذ بقول المجلس وإن لم يُر الهلال بالعين المجردة‏؟‏
    إذا كان المسلمون في إستراليا يهتمون برؤية هلال رمضان ويتحرونه بالطريقة السليمة‏،‏ إذن لا يكفي الاعتماد على الإمكان العلمي لرؤيته.
    وأما إن كانوا غير مهتمين بالأمر‏،‏ والقلة اليسيرة فقط تهتم بالأمر‏،‏ مع عدم توفر الإمكان والوسائل اللازمة‏،‏ فيكفي الاعتماد على ولادة الهلال بالأدلة العلمية التي تثبت إمكان رؤية الهلال بعد غروب الشمس.



    ما حكم التقبيل بين الزوجين في رمضان‏؟‏
    التقبيل بين الزوجين في رمضان منهي عنه‏،‏ ولكنه وحده لا يبطل الصيام.


    أنا متزوج منذ سبع سنوات‏،‏ وقد هداني الله لطريق الالتزام والحمد لله‏،‏ ولكنني قبل ذلك وفي السنوات الأولى من زواجي‏،‏ كنت آتي زوجتي في الدبر‏،‏ دون إنزال مع علمي بحرمة ذلك ومع تمنع زوجتي‏،‏ وقد صادف زواجنا في رمضان‏،‏ وقد جامعتها مرات عديدة في نهار رمضان ونحن صائمين دون إنزال ودون إرادتها‏،‏ ظناً مني على جهالة أن الجماع دون إنزال لا يفسد الصوم‏،‏ وقمت بصيام شهرين متتابعين كفارة لذلك‏،‏ وأحياناً كنت آتي زوجتي وهي حائض‏،‏ مع علمي بحرمة ذلك‏،‏ وإحدى تلك المرات في نهار رمضان‏،‏ والآن قد عزمت على التوبة وأنا نادم أشد الندم‏،‏ لذا أسأل‏:‏ هل من كفارات لتلك المعاصي والكبائر‏؟‏ وهل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان عن كل مرة ارتكبت فيها تلك المعصية‏؟‏ بمعنى أنني إذا ارتكبت تلك المعصية ثلاث مرات فهل يجب علي صيام ستة أشهر متتالية‏؟‏
    يجب التكفير عن الجماع في نهار رمضان. ولكن إذا تكرر الجماع في يوم واحد‏،‏ فلاتجب إلاّ كفارة واحدة.
    فإذا علمت أنك الآن مطالب بالتكفير عن محرمات ماضية من هذا القبيل‏،‏ ورأيت أنك عاجز عن الصيام فبوسعك أن تكفر بالبديل عنه‏،‏ وهو إطعام ستين مسكيناً كلَّ واحد وجبة طعام.



    أضطر أحيانا لفحص المريضة فحصاً رحمياً‏،‏ فهل يوجب ذلك عليها الغسل‏؟‏ وإن كان في رمضان فهل يصح صيامها أم عليها قضاء ذلك اليوم‏؟‏.
    إن مجرد هذا الفحص لا يستوجب غسل المريضة‏،‏ ولكنه يستوجب بطلان صومها ومن ثم فعليها قضاء ذلك اليوم من رمضان.


    رجل من المسلمين زنى في رمضان ويريد التوبة‏؟‏
    إذا استغفر الله وتاب‏،‏ تاب الله عليه. ولكن عليه إن أفطر عن طريق الزنا في رمضان أن يكفِّر بصيام ستين يوماً متتابعاً. فإن لم يستطع أطعم عن كل يوم فقيراً وجبة طعام أو أعطاه قيمتها.


    ما حكم صلاة قيام الليل أو التهجد جماعة في غير رمضان‏؟‏
    لم يؤثر عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنه صلى التهجد جماعة‏،‏ وقيام الليل الذي صلاه الصحابة جماعة‏،‏ وجمع سيدنا عمر الناس عليه هو قيام رمضان‏،‏ الذي سمي فيما بعد بالتراويح.


    مارس الجنس مع زوجته في نهار رمضان وهو صائم فهل يُغفر ذنبه‏؟‏
    إذا جامع الصائم في شهر رمضان‏،‏ زوجته‏،‏ ارتكب بذلك إثماً كبيراً. وكفارة هذا الإثم أن يصوم شهرين متتابعين‏،‏ أي دون تفريق بين أيام الشهرين. فإن عجز عن الصيام بهذا الشكل وجب عليه أن يطعم ستين مسكيناً‏،‏ يطعم كلاًّ منهم وجبة طعام من أوسط ما يأكل منه هو وأولاده.


    إذا ظهر هلال رمضان في إحدى الدول العربية‏،‏ ولم يظهر في دولة عربية أخرى‏،‏ فهل من الواجب أن تصوم الثانية أم ماذا‏؟‏
    من المعلوم أن البلدين إذا كانا على خط طول واحد‏،‏ فإن مطلع الهلال يكون واحداً في حقِّ كلٍّ منهما. فمهما رؤي الهلال في بلدة منهما وجب على أهل البلدة الأخرى اتِّباعها. أما إن كانا موزعين على أكثر من خط طول واحد‏،‏ فإن مطلع الهلال لا يكون متساوياً بينهما. ولكن يلزم من رؤيته في البلدة التي هي أقرب إلى الشرق ظهوره في البلدة التي هي أقرب إلى الغرب دون العكس.
    ثم إن من الفقهاء من جعل من هذه الحقيقة الفلكية ميزاناً للحكم الشرعي‏،‏ وهم فقهاء الشافعية‏،‏ ومنهم من لم يجعل لهذا الفارق الفلكي أهميةً شرعيةً‏،‏ نظراً لدقَّة الفارق الزمني وضآلته‏،‏ وهم الحنفية والمالكية والحنابلة.
    والذي يقضي على هذا الخلاف في الاجتهاد الفقهي‏،‏ هو موقف حكّام وقادة الدول الإسلامية‏،‏ فإذا اتَّفقوا على اتِّباعهم لأي بلد ظهر فيه الهلال برؤية شرعية معتدّ بها بالمقاييس العلمية‏،‏ فإن كلمة الفقهاء جميعاً تتَّفق في هذه الحالة على وجوب اتِّباع ذلك البلد‏،‏ سواء بالنسبة لأول الصيام أم نهايته.
    إذن‏،‏ فوحدة البلاد العربية في بداية شهر رمضان ونهايته‏،‏ رهن باتِّفاق قادة هذه الأقطار على ذلك.


    جامعت زوجتي في رمضان نهاراً وأنا صائم عدة مرات‏،‏ وأكملت صيامي حتى وقت الإفطار‏،‏ وقد علمت أنه يجب علي كفارة صيام شهريين متتابعين عن كل يوم‏،‏ وأنا لدي عمل طويل ولا أستطيع الصيام بشكل متتابع‏،‏ بسبب ظروف العمل ولم أكن أصلي عندما اقترفت هذا الذنب‏،‏ وأنا الآن ولله الحمد أصلي فما العمل‏؟‏.
    إذا ثبت عجزك عن الصيام وجب عليك عن كل يوم فدية‏،‏ لا تزيد قيمتها على قيمة وجبة طعام من أوسط ما تأكله مع أهلك‏،‏ تعطيها للفقراء.


    حول موضوع دفع الكفارة‏،‏ عند عدم الصيام في رمضان‏،‏ هل يجوز دفع مبلغ معين بحدود 100ل.س في جمعية خيرية شهرية‏؟‏ أم أنها تعتبر صدقة‏؟‏ وهل يجوز الصيام في أيام متباعدة‏؟‏ لعدم القدرة على الصيام المتواصل.
    المهم في فدية الصيام وحولها إلى فقراء‏،‏ وقضاء الصيام الفائت لا يشترط فيه الموالاة.


    نذرت والدتي صيام شهر في حال عودتي من العراق سالماً‏،‏ وهي سيدة كبيرة بالعمر فما حكم ذلك‏؟‏ وهل تجوز الكفارة‏؟‏ وما هي‏؟‏.
    يجب عليها أن تصوم الأيام التي نذرت صيامها‏،‏ فإن عجزت وجبت عليها الفدية‏،‏ وهي وجبة طعام أو قيمتها عن كل يوم تعطى لفقير.


    نذرت لله تعالى نذراً‏،‏ وقلت إنني أنذر لله تعالى مبلغ كذا من المال و صيام ثلاثة أيام‏،‏ فهل يجوز أن أعطي هذا المال لأحد أفراد أسرتي‏؟‏ مثل والدتي أو أحد أخواتي البنات‏،‏ أم هذا المبلغ من حق الفقراء والمساكين فقط‏؟‏ وهل يجوز أن أعطي المبلغ على دفعات مثلاً إن كان المبلغ 1000 ليرة فهل يجوز أن أعطيه على دفعتين مثلاً‏؟‏ وهل يجوز أن أصوم الأيام الثلاثة بشكل متقطع أم يجب أن أصومها متتالية‏؟‏
    ‏-‏ هذا المبلغ من حق الفقراء حصراً.
    وإذا كان المبلغ متوفراً‏،‏ فالمفضل إعطاؤه دفعة واحدة.
    ‏-‏ نعم يجوز صيام الأيام الثلاثة بشكل متقطع.


    كنت أمارس العادة السرية منذ أن كان عمري اثنا عشرة عاماً‏،‏ وكنت أمارسها ولم أكن أعرف ما هذا العمل الذي أقوم به‏،‏ و لم أكن أعرف أنها العادة السرية‏،‏ وأنها محرمة‏،‏ وأنه يجب الاغتسال بعد ممارستها بسبب نزول المني‏،‏ وبقيت على هذه الحال إلى أن وقع في يدي كتابكم مع الناس وعندما قرأت فيه‏،‏ علمت أن ما أقوم به يسمى العادة السرية‏،‏ وأنها محرمة‏،‏ وكان عمري وقتها ثمانية عشر عاماً‏،‏ ومنذ أن عرفت ذلك توقفت عن ممارستها‏،‏ واستغفرت الله‏،‏ ولكن ماحكم صلاتي وصيامي وجميع أعمالي خلال السنوات الماضية فقد كنت أؤدي الواجبات الدينية‏،‏ وأنا جنبة بسبب جهلي‏،‏ هل علي إعادة الصلاة والصيام هل سيسامحني الله‏؟‏
    نعم‏،‏ عليك إعادة تلك الصلوات‏،‏ بوسعك أن تقضي مع كل صلاة أداء صلاة مثلها قضاء‏،‏ فهذا يريحك بطريقة منظمة‏،‏ أما الصيام فصحيح ولا يجب قضاؤه.


    إن كنت أريد أن أصوم بعون الله صيام سيدنا داود أصوم يوم وأفطر يوم فكيف يكون لي ذلك وقد سمعت أن أيّام الجمعة والسبت والأحد لا يجوز صيامها وحدها ولكن يجب صيام يوم قبلها أو بعدها كما أريد صيام أيام الاثنين والخميس‏؟‏
    عندما تنوي أن تصوم صيام سيدنا داود‏،‏ فإن مشكلة إفراد الجمعة والسبت بالصوم تحلّ‏،‏ ويصبح صومك لهذه الأيام جائزاً ومبروراً شرعاً.

    ما حكم قضاء الصيام عن الميت‏؟‏
    لا يقضى الصيام عن الميت‏،‏ بل تصدق عنه والمأمول أن يكون ذلك كفارة عنه.


    سمعت أن التطيب ‏(‏وضع العطر‏)‏ يفسد الصيام فما صحة ذلك‏؟‏
    استعمال الطيب لا يفسد الصيام‏،‏ ولم يقل بذلك أحد.


    أنا حامل وأود أن أعرف ماذا يمكن أن أفعل في رمضانِ حيث لا يمكنني الصيام من الشروق إلى الغروب خلال هذا الشهر‏؟‏
    تفطرين عند العجز عن الصيام ولا حرج‏،‏ ثم تقضين أيام الإفطار عندما تتمكين من القضاء.

    أسهر في رمضان لوقت متأخر جداً أصلي الفجر وأقرأ القرآن حتى الصباح ولا أستيقظ باكراً‏،‏ فمتى علي أن أستيقظ لأنهم يقولون لي أن الصيام لا يحسب لي إذا استيقظت قبل أذان المغرب بساعتين أو ثلاثة فهل هذا صحيح‏؟‏
    لا علاقة للنوم بالصوم‏،‏ صيامك صحيح‏،‏ حتى وإن أمضيت النهار كله نائماً‏،‏ ولكن نومك المتواصل هذا يكلفك ترك الصلوات لأوقاتها...


    ما حكم صيام يوم الشك‏؟‏ وإذا أعلنت أي دولة إسلامية الصيام‏،‏ فهل يجوز الصوم معها‏؟‏
    لايجوز صيام يوم الشك‏،‏ ولايجوز لك وأنت في حمص‏،‏ أن تخرج على تعليمات الحكومة السورية‏،‏ فتنفرد بالصوم مع دولة أخرى خلافاً لسورية‏،‏ لو فتح الشارع هذا الباب للناس لدبت الفوضى وانتشرت الفتنة.


    أنا متزوج منذ سبع سنوات‏،‏ وقد هداني الله لطريق الالتزام والحمد لله‏،‏ ولكنني قبل ذلك وفي السنوات الأولى من زواجي‏،‏ كنت آتي زوجتي في الدبر‏،‏ دون إنزال مع علمي بحرمة ذلك ومع تمنع زوجتي‏،‏ وقد صادف زواجنا في رمضان‏،‏ وقد جامعتها مرات عديدة في نهار رمضان ونحن صائمين دون إنزال ودون إرادتها‏،‏ ظناً مني على جهالة أن الجماع دون إنزال لا يفسد الصوم‏،‏ وقمت بصيام شهرين متتابعين كفارة لذلك‏،‏ وأحياناً كنت آتي زوجتي وهي حائض‏،‏ مع علمي بحرمة ذلك‏،‏ وإحدى تلك المرات في نهار رمضان‏،‏ والآن قد عزمت على التوبة وأنا نادم أشد الندم‏،‏ لذا أسأل‏:‏ هل من كفارات لتلك المعاصي والكبائر‏؟‏ وهل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان عن كل مرة ارتكبت فيها تلك المعصية‏؟‏ بمعنى أنني إذا ارتكبت تلك المعصية ثلاث مرات فهل يجب علي صيام ستة أشهر متتالية‏؟‏
    يجب التكفير عن الجماع في نهار رمضان. ولكن إذا تكرر الجماع في يوم واحد‏،‏ فلاتجب إلاّ كفارة واحدة.
    فإذا علمت أنك الآن مطالب بالتكفير عن محرمات ماضية من هذا القبيل‏،‏ ورأيت أنك عاجز عن الصيام فبوسعك أن تكفر بالبديل عنه‏،‏ وهو إطعام ستين مسكيناً كلَّ واحد وجبة طعام.



    ماهي الأيام التي كان يصومها الرسول عليه الصلاة والسلام من كل شهر هجري‏؟‏ كنت أتأخر في قضاء أيام الصيام التي أفطرها بعذر لعام آخر‏،‏ دون أن أعلم أن ذلك يستوجب دفع كفارة عن كل يوم أفطرته فما هي الكفارة التي يجب أن أدفعها عن تلك الأيام‏؟‏ كما قرأت في كتاب أن من قرأ سورة ياسين في صدر النهار لحاجة أجيبت بإذن الله فما المقصود بصدر النهار‏؟‏
    * يُسن صيام يومي الخميس والأثنين‏،‏ وصيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري‏،‏ وصيام ما تيسر من شهر شعبان على أن لا يبدأ بالصوم فيه من بعد اليوم الخامس عشر منه.
    * الكفارة تجب إن تأخرتِ في قضاء ما فاتك من رمضان العام الماضي مثلاً إلى دخول رمضان الذي بعد‏،‏ فعندئذ تجب مع الصيام الفدية‏،‏ وهي لاتزيد عن قيمة وجبة طعام لفقير عن كل يوم.
    * لم أجد فيما صح من السنة شيئاً عن هذه المزية التي تذكرينها لسورة ياسين.



    أود السؤال عما يحسن للمرء أن يستحضره في الذهن في الصلاة على النبي عليه السلام‏،‏ أيتصوره المرء مثلاً أم يتفكر في أمر آخر‏؟‏ ثم إن كان هذا الأمر الآخر مجرداً تعسر استحضاره‏،‏ وما حكم رجل ألحد وترك الدين لبضع سنين في جهالة شبابه إلى أن هداه الله‏؟‏ أعليه قضاء الصلوات والصيام‏؟‏ وهل تلزمه كفارة عن تركه الدين وعن الآثام الأخرى التي اكتسبها في تلك المدة‏؟‏
    لست بحاجة إلى أن تتصور رسول الله أثناء صلاتك عليه‏،‏ لأنك إنما تخاطب الله أثناء ذلك‏،‏ ويفضل أن تكون في تلك الأثناء منصرفاً إلى التأمل في صفات الله الذي تناجيه بالصلاة على رسوله‏،‏ وإذا شرد الذهن دون قصد فاعلم أنه لايكلف الله نفساً إلا وسعها.
    إذا كان فلان من الناس ملحداً ثم آمن وحسن إسلامه‏،‏ فليس عليه قضاء شيء من صلاته أو صيامه أيام كان ملحداً‏،‏ لأن الإسلام يجبّ ما قبله.



    عندما كنت صغيرة توقفت عن الصلاة والصيام مدة تقرب من سنة وفعلت العديد من الأفعال السيئة‏،‏ وبعد ذلك هداني الله إلى الطريق القويم طريق الهدى والتوبة والحمد لله‏،‏ أريد أن أسأل عن رمضان الذي لم أصمه هل علي صيام ثلاثين يوماً فقط أم أكثر‏؟‏ وهل التوبة كافية أم لا‏؟‏
    ليس عليك أكثر من صيام الأيام التي فاتتك.. هذا ما ذهب إليه كثير من الفقهاء ومنهم الشافعية‏،‏ ومادام الدين يَسراً كما هو معروف وثابت فإن بوسعك أن تتبعي هؤلاء الفقهاء‏،‏ وإن كان ذلك مخالفاً لمذهب الإمام مالك الذي يوجب صيام ستين يوماً عن إفطار كل يوم إفطاراً متعمداً.

    عمري 23 وأنا مصاب بداء السكري الشبابي منذ ثمان سنوات‏،‏ وقد منعني الطبيب المسلم من الصيام‏،‏ أريد أن أسأل فضيلتكم عن مقدار الفدية التي يجب علي إخراجها‏،‏ وما الذي علي أن أفعله للتخلص من شعوري بالتقصير في شهر رمضان المبارك‏؟‏
    إذا منعك الطبيب الذي تثق به من الصيام‏،‏ ولم يكن شفاؤك مظنوناً‏،‏ وجب عليك إخراج الفدية‏،‏ وهي لا تزيد على قيمة وجبة طعام لفقير عن كل يوم‏،‏ على أن تكون قيمة الوجبة ناظرة إلى وسطيّ ما تَطعمه أنت. واذكر في هذا قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ‏:‏
    ‏(‏‏(‏إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه‏)‏‏)‏ يغيب عنك هذا الشعور.



    هنــا ننتهي من الفتاوى في هذا اليوم ..
    و أرجو من الله أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ..
    و صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين ..

    التعديل الأخير تم بواسطة سهم الاسلام ; 08-10-2005 الساعة 10:33 PM

  6. #21
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    الخلاصة في أحكام الصوم في الفقه الإسلامي المقارن
    ***********************
    وفي الموسوعة الفقهية :
    صُوْم *
    التّعريف :
    1 - الصّوم في اللّغة : الإمساك مطلقاً عن الطّعام والشّراب والكلام والنّكاح والسّير .
    قال تعالى - حكايةً عن مريم عليها السلام - : { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً } .
    والصّوم : مصدر صام يصوم صوماً وصياماً .
    وفي الاصطلاح : هو الإمساك عن المفطر على وجه مخصوص .
    الألفاظ ذات الصّلة :
    أ - الإمساك :
    2 - الإمساك لغةً : هو حبس الشّيء والاعتصام به ، وأخذه وقبضه ، والإمساك عن الكلام هو : السّكوت ، والإمساك : البخل .
    وقوله تعالى : { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ } أمر بحبسهنّ وهو بذلك أعمّ من الصّوم .
    ب - الكفّ :
    3 - الكفّ عن الشّيء لغةً : تركه ، وإذا ذكر المتعلّق من الطّعام والشّراب كان مساوياً للصّوم .
    ج - الصّمت :
    4 - الصّمت وكذا السّكوت لغةً : الإمساك عن النّطق ، وهما أخصّ من الصّوم لغةً ، لا شرعاً ، لأنّ بينهما وبينه تبايناً .
    الحكم التّكليفيّ :
    5 - أجمعت الأمّة على أنّ صوم شهر رمضان فرض .
    والدّليل على الفرضيّة الكتاب والسّنّة والإجماع .
    أمّا الكتاب : فقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } وقوله { كُتِبَ عَلَيْكُمُ } : أي فرض .
    وقوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } .
    وأمّا السّنّة : فحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه ، وإقام الصّلاة ، وإيتاء الزّكاة ، والحجّ ، وصوم رمضان « .
    كما انعقد الإجماع على فرضيّة صوم شهر رمضان ، لا يجحدها إلاّ كافر .
    فضل الصّوم :
    6 - وردت في فضل الصّوم أحاديث كثيرة ، نذكر منها ما يلي :
    أ - عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : » من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدّم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه « .
    ب - وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : » كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يبشّر أصحابه بقدوم رمضان ، يقول : قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، كتب اللّه عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنّة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغلّ فيه الشّياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر « .
    ج - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » إنّ في الجنّة باباً ، يقال له : الرّيّان ، يدخل منه الصّائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصّائمون ؟ فيقومون ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ، فلم يدخل منه أحد « .
    د - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثمّ انسلخ قبل أن يغفر له « .
    حكمة الصّوم :
    7 - تتجلّى حكمة الصّوم فيما يلي :
    أ - أنّ الصّوم وسيلة إلى شكر النّعمة ، إذ هو كفّ النّفس عن الأكل والشّرب والجماع ، وإنّها من أجلّ النّعم وأعلاها ، والامتناع عنها زماناً معتبراً يعرّف قدرها ، إذ النّعم مجهولة، فإذا فقدت عرفت ، فيحمله ذلك على قضاء حقّها بالشّكر ، وشكر النّعم فرض عقلاً وشرعاً، وإليه أشار الرّبّ سبحانه وتعالى بقوله في آية الصّيام : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
    ب - أنّ الصّوم وسيلة إلى التّقوى ، لأنّه إذا انقادت نفس للامتناع عن الحلال طمعاً في مرضاة اللّه تعالى ، وخوفاً من أليم عقابه ، فأولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام ، فكان الصّوم سبباً لاتّقاء محارم اللّه تعالى ، وإنّه فرض ، وإليه وقعت الإشارة بقوله تعالى في آخر آية الصّوم { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
    ج - أنّ في الصّوم قهر الطّبع وكسر الشّهوة ، لأنّ النّفس إذا شبعت تمنّت الشّهوات ، وإذا جاعت امتنعت عمّا تهوى ، ولذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » يا معشر الشّباب : من استطاع منكم الباءة فليتزوّج ، فإنّه أغضّ للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم ، فإنّه له وجاء « فكان الصّوم ذريعةً إلى الامتناع عن المعاصي .
    د - أنّ الصّوم موجب للرّحمة والعطف على المساكين ، فإنّ الصّائم إذا ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات ، ذكر من هذا حاله في جميع الأوقات ، فتسارع إليه الرّقّة عليه ، والرّحمة به ، بالإحسان إليه ، فينال بذلك ما عند اللّه تعالى من حسن الجزاء .
    هـ - في الصّوم موافقة الفقراء ، بتحمّل ما يتحمّلون أحياناً ، وفي ذلك رفع حاله عند اللّه تعالى .
    و - في الصّوم قهر للشّيطان ، فإنّ وسيلته إلى الإضلال والإغواء : الشّهوات ، وإنّما تقوى الشّهوات بالأكل والشّرب ، ولذلك جاء في حديث صفيّة رضي الله عنها قوله - عليه الصلاة والسلام - : » إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم ، فضيّقوا مجاريه بالجوع « .
    أنواع الصّوم :
    8 - ينقسم الصّوم إلى صوم عين ، وصوم دين .
    وصوم العين : ماله وقت معيّن :
    أ - إمّا بتعيين اللّه تعالى ، كصوم رمضان ، وصوم التّطوّع خارج رمضان ، لأنّ خارج رمضان متعيّن للنّفل شرعاً .
    ب - وإمّا بتعيين العبد ، كالصّوم المنذور به في وقت بعينه .
    وأمّا صوم الدّين ، فما ليس له وقت معيّن ، كصوم قضاء رمضان ، وصوم كفّارة القتل والظّهار واليمين والإفطار في رمضان ، وصوم متعة الحجّ ، وصوم فدية الحلق ، وصوم جزاء الصّيد ، وصوم النّذر المطلق عن الوقت ، وصوم اليمين ، بأن قال : واللّه لأصومنّ شهراً .
    الصّوم المفروض :
    ينقسم الصّوم المفروض من العين والدّين ، إلى قسمين :
    منه ما هو متتابع ، ومنه ما هو غير متتابع ، بل صاحبه بالخيار : إن شاء تابع ، وإن شاء فرّق .
    أوّلاً : ما يجب فيه التّتابع ، ويشمل ما يلي :
    9 - أ - صوم رمضان ، فقد أمر اللّه تعالى بصوم الشّهر بقوله سبحانه : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } والشّهر متتابع ، لتتابع أيّامه ، فيكون صومه متتابعا ضرورةً .
    ب - صوم كفّارة القتل الخطأ ، وصوم كفّارة الظّهار ، والصّوم المنذور به في وقت بعينه ، وصوم كفّارة الجماع في نهار رمضان .
    وتفصيله في مصطلح : ( تتابع ) .
    ثانياً : ما لا يجب فيه التّتابع ، ويشمل ما يلي :
    10 - أ - قضاء رمضان ، فمذهب الجمهور عدم اشتراط التّتابع فيه ، لقوله تعالى : { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } فإنّه ذكر الصّوم مطلقاً عن التّتابع .
    ويروى عن جماعة من الصّحابة ، منهم : عليّ ، وابن عبّاس ، وأبو سعيد ، وعائشة ، رضي الله تعالى عنهم أنّهم قالوا : إن شاء تابع ، وإن شاء فرّق .
    ولو كان التّتابع شرطاً ، لما احتمل الخفاء على هؤلاء الصّحابة ، ولما احتمل مخالفتهم إيّاه. ومذهب الجمهور هو : ندب التّتابع أو استحبابه للمسارعة إلى إسقاط الفرض .
    وروي عن مجاهد أنّه يشترط تتابعه لأنّ القضاء يكون على حسب الأداء ، والأداء وجب متتابعاً ، فكذا القضاء .
    ب - الصّوم في كفّارة اليمين ، وفي تتابعه خلاف ، وتفصيله في مصطلح : ( تتابع ) .
    ج - صوم المتعة في الحجّ ، وصوم كفّارة الحلق ، وصوم جزاء الصّيد ، وصوم النّذر المطلق ، وصوم اليمين المطلقة .
    قال اللّه - عزّ وجلّ - في صوم المتعة : { فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ } .
    وقال في كفّارة الحلق : { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } .
    وقال في جزاء الصّيد : { أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ } .
    فذكر الصّوم في هذه الآيات مطلقاً عن شرط التّتابع .
    وكذا : النّاذر ، والحالف في النّذر المطلق ، واليمين المطلقة ، ذكر الصّوم فيها مطلقاً عن شرط التّتابع .
    وللتّفصيل انظر مصطلح : ( نذر ، وأيمان ) .
    الصّوم المختلف في وجوبه ، ويشمل ما يلي :
    الأوّل : وهو قضاء ما أفسده من صوم النّفل :
    11 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ قضاء نفل الصّوم إذا أفسده واجب ، واستدلّ له الحنفيّة : بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : » كنت أنا وحفصة صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه ، فأكلنا منه . فجاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة - وكانت ابنة أبيها - فقالت يا رسول اللّه : إنّا كنّا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه قال : اقضيا يوماً آخر مكانه « .
    وروي أنّ عمر رضي الله تعالى عنه خرج يوماً على أصحابه ، فقال : إنّي أصبحت صائماً ، فمرّت بي جارية لي ، فوقعت عليها ، فما ترون ؟ فقال عليّ : أصبت حلالاً ، وتقضي يوماً مكانه ، كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . قال عمر : أنت أحسنهم فتيا .
    ولأنّ ما أتى به قربةً ، فيجب صيانته وحفظه عن البطلان ، وقضاؤه عند الإفساد ، لقوله تعالى : { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } ولا يمكن ذلك إلاّ بإتيان الباقي ، فيجب إتمامه وقضاؤه عند الإفساد ضرورةً ، فصار كالحجّ والعمرة المتطوّعين .
    والحنفيّة لا يختلفون في وجوب القضاء إذا فسد صوم النّافلة عن قصد ، أو غير قصد بأن عرض الحيض للصّائمة المتطوّعة .
    وإنّما اختلفوا في الإفساد نفسه ، هل يباح أو لا ؟ فظاهر الرّواية ، أنّه لا يباح إلاّ بعذر ، وهذه الرّواية الصّحيحة .
    وفي رواية أخرى ، هي رواية المنتقى : يباح بلا عذر ، واستوجهها الكمال إذ قال : واعتقادي أنّ رواية المنتقى أوجه لكن قيّدت بشرط أن يكون من نيّته القضاء .
    واختلفوا - على ظاهر الرّواية - هل الضّيافة عذر أو لا ؟ .
    قال في الدّرّ : والضّيافة عذر ، إن كان صاحبها ممّن لا يرضى بمجرّد حضوره ، ويتأذّى بترك الإفطار ، فيفطر ، وإلاّ لا ، هذا هو الصّحيح من المذهب ، حتّى لو حلف عليه رجل بالطّلاق الثّلاث ، أفطر ولو كان صومه قضاءً ، ولا يحنّثه على المعتمد .
    وقيل : إن كان صاحب الطّعام يرضى بمجرّد حضوره ، وإن لم يأكل ، لا يباح له الفطر . وإن كان يتأذّى بذلك يفطر .
    وهذا إذا كان قبل الزّوال ، أمّا بعده فلا ، إلاّ لأحد أبويه إلى العصر ، لا بعده .
    والمالكيّة أوجبوا القضاء بالفطر العمد الحرام ، احترازاً عن الفطر نسياناً أو إكراهاً ، أو بسبب الحيض والنّفاس ، أو خوف مرض أو زيادته ، أو شدّة جوع أو عطش ، حتّى لو أفطر لحلف شخص عليه بطلاق باتّ ، فلا يجوز الفطر ، وإن أفطر قضى .
    واستثنوا ما إذا كان لفطره وجه :
    كأن حلف بطلاقها ، ويخشى أن لا يتركها إن حنث ، فيجوز الفطر ولا قضاء .
    أو أن يأمره أبوه أو أمّه بالفطر ، حناناً وإشفاقاً عليه من إدامة الصّوم ، فيجوز له الفطر ، ولا قضاء عليه .
    أو يأمره أستاذه أو مربّيه بالإفطار ، وإن لم يحلف الوالدان أو الشّيخ .
    12 - والشّافعيّة والحنابلة ، لا يوجبون إتمام نافلة الصّوم ، ولا يوجبون قضاءها إن فسدت، وذلك لقول عائشة رضي الله تعالى عنها : » يا رسول اللّه ، أهدي إلينا حيس فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائماً . فأكل « وزاد النّسائيّ : » إنّما مثل صوم المتطوّع مثل الرّجل يخرج من ماله الصّدقة ، فإن شاء أمضاها ، وإن شاء حبسها « .
    ولحديث أمّ هانئ رضي الله تعالى عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دخل عليها ، فدعا بشراب فشرب ، ثمّ ناولها فشربت ، فقالت : يا رسول اللّه ، أما إنّي كنت صائمةً ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » الصّائم المتطوّع أمين نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر « وفي رواية : » أمير نفسه « .
    ولحديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه قال : صنعت لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم طعاماً ، فأتاني هو وأصحابه ، فلمّا وضع الطّعام قال رجل من القوم : إنّي صائم ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » دعاكم أخوكم ، وتكلّف لكم . ثمّ قال له : أفطر ، وصم مكانه يوماً إن شئت « .
    ولأنّ القضاء يتبع المقضيّ عنه ، فإذا لم يكن واجباً ، لم يكن القضاء واجباً ، بل يستحبّ . ونصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّ من شرع في نافلة صوم لم يلزمه الإتمام ، لكن يستحبّ ، ولا كراهة ولا قضاء في قطع صوم التّطوّع مع العذر .
    أمّا مع عدم العذر فيكره ، لقوله تعالى : { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } .
    ومن العذر أن يعزّ على من ضيّفه امتناعه من الأكل .
    وإذا أفطر فإنّه لا يثاب على ما مضى إن أفطر بغير عذر ، وإلاّ أثيب .
    الثّاني : صوم الاعتكاف ، وفيه خلاف ، وتفصيله في مصطلح : ( اعتكاف ج 5 ف 17 ) .
    صوم التّطوّع :
    13 - وهو :
    أ - صوم يوم عاشوراء .
    ب - صوم يوم عرفة .
    ج - صوم يوم الاثنين والخميس من كلّ أسبوع .
    د - صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر ، وهي الأيّام البيض .
    هـ- صيام ستّة أيّام من شوّال .
    و- صوم شهر شعبان .
    ز- صوم شهر المحرّم .
    ح- صوم شهر رجب .
    ط- صيام ما ثبت طلبه والوعد عليه في السّنّة الشّريفة .
    وتفصيل أحكام هذا الصّوم في مصطلح : ( صوم التّطوّع ) .
    الصّوم المكروه ، ويشمل ما يلي :
    أ - إفراد يوم الجمعة بالصّوم :
    14 - نصّ على كراهته الجمهور ، وقد ورد فيه حديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - : » لا تصوموا يوم الجمعة ، إلاّ وقبله يوم ، أو بعده يوم « ، وفي رواية : » إنّ يوم الجمعة يوم عيد ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم ، إلاّ أن تصوموا قبله أو بعده « .
    وورد في حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » لا تصوموا يوم الجمعة وحده « .
    وذكر في الخانيّة أنّه لا بأس بصوم يوم الجمعة عند أبي حنيفة ومحمّد ، لما روي عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّه كان يصومه ولا يفطر ، وظاهر هذا أنّ المراد - بلا بأس- الاستحباب ، وقد صرّح الحصكفيّ بندب صومه ، ولو منفرداً .
    وكذا الدّردير صرّح بندب صومه وحده فقط ، لا قبله ولا بعده وهو المذهب عند المالكيّة ، وقال : فإن ضمّ إليه آخر فلا خلاف في ندبه .
    وقال الطّحطاويّ : ثبت في السّنّة طلب صومه، والنّهي عنه ، والأخير منهما : النّهي .
    وقال أبو يوسف : جاء حديث في كراهة صومه ، إلاّ أن يصوم قبله أو بعده ، فكان الاحتياط في أن يضمّ إليه يوماً آخر .
    قال الشّوكانيّ : فمطلق النّهي عن صومه مقيّد بالإفراد .
    وتنتفي الكراهة بضمّ يوم آخر إليه ، لحديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة ، وهي صائمة ، فقال : أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : تريدين أن تصومي غداً ؟ قالت : لا . قال : فأفطري « .
    ب - صوم يوم السّبت وحده خصوصاً :
    15 - وهو متّفق على كراهته ، وقد ورد فيه حديث عبد اللّه بن بسر ، عن أخته ، واسمها الصّمّاء رضي الله تعالى عنهما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : » لا تصوموا يوم السّبت إلاّ فيما افترض عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلاّ لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه « ووجه الكراهة أنّه يوم تعظّمه اليهود ، ففي إفراده بالصّوم تشبّه بهم ، إلاّ أن يوافق صومه بخصوصه يوماً اعتاد صومه ، كيوم عرفة أو عاشوراء .
    ج - صوم يوم الأحد بخصوصه :
    16 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ تعمّد صوم يوم الأحد بخصوصه مكروه ، إلاّ إذا وافق يوماً كان يصومه ، واستظهر ابن عابدين أنّ صوم السّبت والأحد معاً ليس فيه تشبّه باليهود والنّصارى ، لأنّه لم تتّفق طائفة منهم على تعظيمهما ، كما لو صام الأحد مع الاثنين، فإنّه تزول الكراهة ، ويستظهر من نصّ الحنابلة أنّه يكره صيام كلّ عيد لليهود والنّصارى أو يوم يفردونه بالتّعظيم إلاّ أن يوافق عادةً للصّائم .
    د - إفراد يوم النّيروز بالصّوم :
    17 - يكره إفراد يوم النّيروز ، ويوم المهرجان بالصّوم ، وذلك لأنّهما يومان يعظّمهما الكفّار ، وهما عيدان للفرس ، فيكون تخصيصهما بالصّوم - دون غيرهما - موافقةً لهم في تعظيمهما ، فكره ، كيوم السّبت .
    وعلى قياس هذا كلّ عيد للكفّار ، أو يوم يفردونه بالتّعظيم ونصّ ابن عابدين على أنّ الصّائم إذا قصد بصومه التّشبّه ، كانت الكراهة تحريميّةً .
    هـ - صوم الوصال :
    18 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والشّافعيّة في قول - إلى كراهة صوم الوصال ، وهو : أن لا يفطر بعد الغروب أصلاً ، حتّى يتّصل صوم الغد بالأمس ، فلا يفطر بين يومين ، وفسّره بعض الحنفيّة بأن يصوم السّنة ولا يفطر في الأيّام المنهيّة . وإنّما كره ، لما روي عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : » واصل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فواصل النّاس .. فنهاهم ، قيل له : إنّك تواصل ، قال : إنّي لست مثلكم ، إنّي أطعم وأسقى « .
    والنّهي وقع رفقاً ورحمةً ، ولهذا واصل النّبيّ صلى الله عليه وسلم .
    وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها ، وكذا بمجرّد الشّرب لانتفاء الوصال .
    ولا يكره الوصال إلى السّحر عند الحنابلة ، لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعاً : » فأيّكم إذا أراد أن يواصل ، فليواصل حتّى السّحر « ولكنّه ترك سنّةً ، وهي : تعجيل الفطر ، فترك ذلك أولى محافظةً على السّنّة .
    وعند الشّافعيّة قولان : الأوّل وهو الصّحيح : بأنّ الوصال مكروه كراهة تحريم ، وهو ظاهر نصّ الشّافعيّ رحمه الله ، والثّاني : يكره كراهة تنزيه .
    و - صوم الدّهر - صوم العمر - :
    19 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة - على وجه العموم إلى كراهة صوم الدّهر ، وعلّلت الكراهة بأنّه يضعف الصّائم عن الفرائص والواجبات والكسب الّذي لا بدّ منه ، أو بأنّه يصير الصّوم طبعاً له ، ومبنى العبادة على مخالفة العادة. واستدلّ للكراهة ، بحديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » لا صام من صام الأبد « .
    وفي حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - قال : » قال عمر : يا رسول اللّه ، كيف بمن يصوم الدّهر كلّه ؟ قال : لا صام ولا أفطر ، أو لم يصم ولم يفطر « أي : لم يحصّل أجر الصّوم لمخالفته ، ولم يفطر لأنّه أمسك .
    وقال الغزاليّ : هو مسنون .
    وقال الأكثرون من الشّافعيّة : إن خاف منه ضرراً ، أو فوّت به حقّاً كره ، وإلاّ فلا .
    والمراد بصوم الدّهر عند الشّافعيّة : سرد الصّوم في جميع الأيّام إلاّ الأيّام الّتي لا يصحّ صومها وهي : العيدان وأيّام التّشريق .

    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  7. #22
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    الصّوم المحرّم :
    20 - ذهب الجمهور إلى تحريم صوم الأيّام التّالية :
    أ - صوم يوم عيد الفطر ، ويوم عيد الأضحى ، وأيّام التّشريق ، وهي : ثلاثة أيّام بعد يوم النّحر .
    وذلك لأنّ هذه الأيّام منع صومها لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - : » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين : يوم الفطر ، ويوم النّحر « .
    وحديث نبيشة الهذليّ - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: » أيّام التّشريق أيّام أكل وشرب ، وذكر اللّه - عزّ وجلّ - « .
    وذهب الحنفيّة إلى جواز الصّوم فيها مع الكراهة التّحريميّة ، لما في صومها من الإعراض عن ضيافة اللّه تعالى ، فالكراهة ليست لذات اليوم ، بل لمعنىً خارج مجاور ، كالبيع عند الأذان يوم الجمعة ، حتّى لو نذر صومها صحّ ، ويفطر وجوباً تحامياً عن المعصية ، ويقضيها إسقاطاً للواجب ، ولو صامها خرج عن العهدة ، مع الحرمة .
    وصرّح الحنابلة بأنّ صومها لا يصحّ فرضاً ولا نفلاً ، وفي رواية عن أحمد أنّه يصومها عن الفرض .
    واستثنى المالكيّة والحنابلة في رواية : صوم أيّام التّشريق عن دم المتعة والقران ، ونقل المرداويّ أنّها المذهب ، لقول ابن عمر وعائشة - رضي الله تعالى عنهم - لم يرخّص في أيّام التّشريق أن يصمن إلاّ لمن لم يجد الهدي .
    وهذا هو القديم عند الشّافعيّة ، والأصحّ الّذي اختاره النّوويّ ما في الجديد وهو : عدم صحّة الصّوم فيها مطلقاً .
    قال الغزاليّ : وأمّا صوم يوم النّحر ، فقطع الشّافعيّ - رحمه الله تعالى - ببطلانه ، لأنّه لم يظهر انصراف النّهي عن عينه ووصفه ، ولم يرتض قولهم : إنّه نهى عنه ، لما فيه من ترك إجابة الدّعوة بالأكل .
    ب - ويحرم صيام الحائض والنّفساء ، وصيام من يخاف على نفسه الهلاك بصومه .
    ثبوت هلال شهر رمضان :
    21 - يجب صوم رمضان بإكمال شعبان ثلاثين يوماً اتّفاقاً ، أو رؤية الهلال ليلة الثّلاثين ، وفي ثبوت الرّؤية خلاف بين الفقهاء ينظر في مصطلح : ( رؤية ف 2 ، ورمضان ف 2 ).
    صوم من رأى الهلال وحده :
    22 - من رأى هلال رمضان وحده ، وردّت شهادته ، لزمه الصّوم وجوباً ، عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة - وهو مشهور مذهب أحمد ، وذلك : للآية الكريمة، وهي قوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } .
    ولحديث : » صوموا لرؤيته « .
    وحديث : » الصّوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون « .
    ولأنّه تيقّن أنّه من رمضان ، فلزمه صومه ، كما لو حكم به الحاكم .
    وروي عن أحمد : أنّه لا يصوم إلاّ في جماعة من النّاس .
    وقيل : يصوم ندباً احتياطاً ، كما ذكره الكاسانيّ .
    وقال المالكيّة : إن أفطر فعليه القضاء ، وإذا اعتقد عدم وجوب الصّوم عليه كغيره لجهله فقولان عندهم في وجوب الكفّارة ، لأنّه ليس بعد العيان بيان ، أو عدم وجوب الكفّارة ، بسبب عدم وجوب الصّوم على غيره .
    23 - وإن رأى هلال شوّال وحده ، لم يفطر عند الجمهور ، خوف التّهمة وسدّاً للذّريعة ، وقيل : يفطر إن خفي له ذلك ، وقال أشهب : ينوي الفطر بقلبه ، وعلى المذهب - وقول الجمهور الّذين منهم المالكيّة - إن أفطر فليس عليه شيء فيما بينه وبين اللّه تعالى ، فإن عثر عليه عوقب إن اتّهم ، ولا كفّارة ، كما نصّ عليه الحنفيّة ، لشبهة الرّدّ .
    وقال الشّافعيّ : له أن يفطر ، لأنّه تيقّن من شوّال ، فجاز له الأكل كما لو قامت بيّنة لكن يفطر سرّاً ، بحيث لا يراه أحد ، لأنّه إذا أظهر الفطر عرّض نفسه للتّهمة ، وعقوبة السّلطان .
    وقال الحنفيّة : لو أفطر من رأى الهلال وحده في الوقتين : رمضان وشوّال قضى ولا كفّارة عليه ، لأنّه بردّ شهادته في رمضان ، صار مكذّباً شرعاً ، ولو كان فطره قبل ما ردّ القاضي شهادته لا كفّارة عليه في الصّحيح الرّاجح ، لقيام الشّبهة ، لأنّ ما رآه يحتمل أن يكون خيالاً ، لا هلالاً - كما يقول الحصكفيّ - .
    وقيل : تجب الكفّارة فيهما - أي في الفطر وفي رمضان - وذلك للظّاهر بين النّاس في الفطر ، وللحقيقة الّتي عنده في رمضان .
    ركن الصّوم :
    24 - ركن الصّوم باتّفاق الفقهاء هو : الإمساك عن المفطرات ، وذلك من طلوع الفجر الصّادق ، حتّى غروب الشّمس .
    ودليله قوله تعالى : { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } .
    والمراد من النّصّ : بياض النّهار وظلمة اللّيل ، لا حقيقة الخيطين ، فقد أباح اللّه تعالى هذه الجملة من المفطرات ليالي الصّيام ، ثمّ أمر بالإمساك عنهنّ في النّهار ، فدلّ على أنّ حقيقة الصّوم وقوامه هو ذلك الإمساك .
    شروط وجوب الصّوم :
    25 - شروط وجوب الصّوم ، أي : اشتغال الذّمّة بالواجب - كما يقول الكاسانيّ - هي شروط افتراضه والخطاب به . وهي :
    أ - الإسلام ، وهو شرط عامّ للخطاب بفروع الشّريعة .
    ب - العقل ، إذ لا فائدة من توجّه الخطاب بدونه ، فلا يجب الصّوم على مجنون إلاّ إذا أثم بزوال عقله ، في شراب أو غيره ، ويلزمه قضاؤه بعد الإفاقة .
    وعبّر الحنفيّة بالإفاقة بدلاً من العقل ، أي الإفاقة من الجنون والإغماء أو النّوم ، وهي اليقظة .
    ج - البلوغ ، ولا تكليف إلاّ به ، لأنّ الغرض من التّكليف هو الامتثال ، وذلك بالإدراك والقدرة على الفعل - كما هو معلوم في الأصول - والصّبا والطّفولة عجز .
    ونصّ الفقهاء على أنّه يؤمر به الصّبيّ لسبع - كالصّلاة - إن أطاقه ، ويضرب على تركه لعشر .
    والحنابلة قالوا : يجب على وليّه أمره بالصّوم إذا أطاقه ، وضربه حينئذ إذا تركه ليعتاده ، كالصّلاة ، إلاّ أنّ الصّوم أشقّ ، فاعتبرت له الطّاقة ، لأنّه قد يطيق الصّلاة من لا يطيق الصّوم .
    د - العلم بالوجوب ، فمن أسلم في دار الحرب ، يحصل له العلم الموجب ، بإخبار رجلين عدلين ، أو رجل مستور وامرأتين مستورتين ، أو واحد عدل ، ومن كان مقيماً في دار الإسلام ، يحصل له العلم بنشأته في دار الإسلام ، ولا عذر له بالجهل .
    شروط وجوب أدائه :
    26 - شروط وجوب الأداء الّذي هو تفريغ ذمّة المكلّف عن الواجب في وقته المعيّن له هي:
    أ - الصّحّة والسّلامة من المرض ، لقوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
    ب - الإقامة ، للآية نفسها . قال ابن جزيّ : وأمّا الصّحّة والإقامة ، فشرطان في وجوب الصّيام ، لا في صحّته ، ولا في وجوب القضاء ، فإنّ وجوب الصّوم يسقط عن المريض والمسافر ، ويجب عليهما القضاء ، إن أفطرا إجماعاً ، ويصحّ صومهما إن صاما .
    ج - خلوّ المرأة من الحيض والنّفاس ، لأنّ الحائض والنّفساء ليستا أهلاً للصّوم ، ولحديث عائشة رضي الله تعالى عنها لمّا سألتها معاذة : » ما بال الحائض ، تقضي الصّوم ولا تقضي الصّلاة ؟ فقالت : أحروريّة أنت ؟ قلت : لست بحروريّة ، ولكنّي أسأل ، قالت : كان يصيبنا ذلك ، فنؤمر بقضاء الصّوم ، ولا نؤمر بقضاء الصّلاة « .
    فالأمر بالقضاء فرع وجوب الأداء .
    والإجماع منعقد على منعهما من الصّوم ، وعلى وجوب القضاء عليهما .
    شروط صحّة الصّوم :
    27 - شروط صحّة الصّوم هي :
    أ - الطّهارة من الحيض والنّفاس ، وقد عدّها بعض الفقهاء من شروط الصّحّة ، كالكمال من الحنفيّة ، وابن جزيّ من المالكيّة .
    وعدّها بعضهم من شروط وجوب الأداء ، وشروط الصّحّة معاً .
    ب - خلوّه عمّا يفسد الصّوم بطروّه عليه كالجماع .
    ج - النّيّة . وذلك لأنّ صوم رمضان عبادة ، فلا يجوز إلاّ بالنّيّة ، كسائر العبادات . ولحديث : » إنّما الأعمال بالنّيّات « .
    والإمساك قد يكون للعادة ، أو لعدم الاشتهاء ، أو للمرض ، أو للرّياضة ، فلا يتعيّن إلاّ بالنّيّة ، كالقيام إلى الصّلاة والحجّ .
    قال النّوويّ : لا يصحّ الصّوم إلاّ بنيّة ، ومحلّها القلب ، ولا يشترط النّطق بها ، بلا خلاف . وقال الحنفيّة : التّلفّظ بها سنّة .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  8. #23
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    صفة النّيّة :
    صفة النّيّة ، أن تكون جازمةً ، معيّنةً ، مبيّتةً ، مجدّدةً ، على ما يلي :
    28 - أوّلاً : الجزم ، فقد اشترط في نيّة الصّوم ، قطعاً للتّردّد ، حتّى لو نوى ليلة الشّكّ ، صيام غد ، إن كان من رمضان لم يجزه ، ولا يصير صائماً لعدم الجزم ، فصار كما إذا نوى أنّه إن وجد غداءً غداً يفطر ، وإن لم يجد يصوم .
    ونصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّه إن قال : إن كان غداً من رمضان فهو فرضي ، وإلاّ فهو نفل ، أو فأنا مفطر ، لم يصحّ صومه ، إن ظهر أنّه من رمضان ، لعدم جزمه بالنّيّة .
    وإن قال ذلك ليلة الثّلاثين من رمضان ، صحّ صومه إن بان منه ، لأنّه مبنيّ على أصل لم يثبت زواله ، ولا يقدح تردّده ، لأنّه حكم صومه مع الجزم . بخلاف ما إذا قاله ليلة الثّلاثين من شعبان ، لأنّه لا أصل معه يبني عليه ، بل الأصل بقاء شعبان .
    29 - ثانياً : التّعيين ، والجمهور من الفقهاء ذهبوا إلى أنّه لا بدّ من تعيين النّيّة في صوم رمضان ، وصوم الفرض والواجب ، ولا يكفي تعيين مطلق الصّوم ، ولا تعيين صوم معيّن غير رمضان .
    وكمال النّيّة - كما قال النّوويّ - : أن ينوي صوم غد ، عن أداء فرض رمضان هذه السّنة للّه تعالى .
    وإنّما اشترط التّعيين في ذلك ، لأنّ الصّوم عبادة مضافة إلى وقت ، فيجب التّعيين في نيّتها، كالصّلوات الخمس ، ولأنّ التّعيين مقصود في نفسه ، فيجزئ التّعيين عن نيّة الفريضة في الفرض ، والوجوب في الواجب .
    وذهب الحنفيّة في التّعيين إلى تقسيم الصّيام إلى قسمين :
    القسم الآول : لا يشترط فيه التّعيين ، وهو : أداء رمضان ، والنّذر المعيّن زمانه ، وكذا النّفل ، فإنّه يصحّ بمطلق نيّة الصّوم ، من غير تعيين .
    وذلك لأنّ رمضان معيار - كما يقول الأصوليّون - وهو مضيق ، لا يسع غيره من جنسه وهو الصّوم ، فلم يشرع فيه صوم آخر ، فكان متعيّناً للفرض ، والمتعيّن لا يحتاج إلى تعيين ، والنّذر المعيّن معتبر بإيجاب اللّه تعالى ، فيصاب كلّ منهما بمطلق النّيّة ، وبأصلها، وبنيّة نفل ، لعدم المزاحم كما يقول الحصكفيّ .
    وكلّ يوم معيّن للنّفل - كما سيأتي - ما عدا رمضان ، والأيّام المحرّم صومها ، وما يعيّنه المكلّف بنفسه ، فكلّ ذلك متعيّن ، ولا يحتاج إلى التّعيين .
    والقسم الثّاني : يشترط فيه التّعيين ، وهو : قضاء رمضان ، وقضاء ما أفسده من النّفل ، وصوم الكفّارات بأنواعها ، والنّذر المطلق عن التّقييد بزمان ، سواء أكان معلّقاً بشرط ، أم كان مطلقاً ، لأنّه ليس له وقت معيّن ، فلم يتّأد إلاّ بنيّة مخصوصة ، قطعاً للمزاحمة .
    30 - ثالثاً - التّبييت : وهو شرط في صوم الفرض عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة والتّبييت : إيقاع النّيّة في اللّيل ، ما بين غروب الشّمس إلى طلوع الفجر ، فلو قارن الغروب أو الفجر أو شكّ ، لم يصحّ ، كما هو قضيّة التّبييت .
    وفي قول للمالكيّة ، يصحّ لو قارنت الفجر ، كما في تكبيرة الإحرام ، لأنّ الأصل في النّيّة المقارنة للمنويّ .
    ويجوز أن تقدّم من أوّل اللّيل ، ولا تجوز قبل اللّيل .
    وذلك لحديث ابن عمر ، عن حفصة رضي الله تعالى عنهم عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : » من لم يجمع الصّيام قبل الفجر ، فلا صيام له « .
    ولأنّ صوم القضاء والكفّارات ، لا بدّ لها من تبييت النّيّة ، فكذا كلّ صوم فرض معيّن .
    ولا تجزئ بعد الفجر ويجزئ مع طلوع الفجر إن اتّفق ذلك ، وإن روى ابن عبد الحكم أنّها لا تجزئ مع الفجر ، وكلام القرافيّ وآخرين يفيد أنّ الأصل كونها مقارنةً للفجر ، ورخّص تقدّمها عليه للمشقّة في مقارنتها له .
    والصّحيح عند الشّافعيّة والحنابلة : أنّه لا يشترط في التّبييت النّصف الآخر من اللّيل ، لإطلاقه في الحديث ، ولأنّ تخصيص النّيّة بالنّصف الأخير يفضي إلى تفويت الصّوم ، لأنّه وقت النّوم ، وكثير من النّاس لا ينتبه فيه ، ولا يذكر الصّوم ، والشّارع إنّما رخّص في تقديم النّيّة على ابتدائه ، لحرج اعتبارها عنده ، فلا يخصّها بمحلّ لا تندفع المشقّة بتخصيصها به ، ولأنّ تخصيصها بالنّصف الأخير تحكّم من غير دليل ، بل تقرّب النّيّة من العبادة ، لمّا تعذّر اقترانها بها .
    والصّحيح أيضاً : أنّه لا يضرّ الأكل والجماع بعد النّيّة ما دام في اللّيل ، لأنّه لم يلتبس بالعبادة ، وقيل : يضرّ فتحتاج إلى تجديدها ، تحرّزاً عن تخلّل المناقض بينها وبين العبادة ، لمّا تعذّر اقترانها بها .
    والصّحيح أيضاً : أنّه لا يجب التّجديد لها إذا نام بعدها ، ثمّ تنبّه قبل الفجر ، وقيل : يجب ، تقريباً للنّيّة من العبادة بقدر الوسع .
    والحنفيّة لم يشترطوا التّبييت في رمضان . ولمّا لم يشترطوا تبييت النّيّة في ليل رمضان ، أجازوا النّيّة بعد الفجر دفعاً للحرج أيضاً ، حتّى الضّحوة الكبرى ، فينوي قبلها ليكون الأكثر منويّاً ، فيكون له حكم الكلّ ، حتّى لو نوى بعد ذلك لا يجوز ، لخلوّ الأكثر عن النّيّة ، تغليباً للأكثر .
    والضّحوة الكبرى : نصف النّهار الشّرعيّ ، وهو من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشّمس. وقال الحنفيّة ، منهم الموصليّ : والأفضل الصّوم بنيّة معيّنة مبيّتة للخروج عن الخلاف . ودليل الحنفيّة على ما ذهبوا إليه ، من صحّة النّيّة حتّى الضّحوة الكبرى ، وعدم شرطيّة التّبييت : حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما : » أنّ النّاس أصبحوا يوم الشّكّ ، فقدم أعرابيّ ، وشهد برؤية الهلال ، فقال صلى الله عليه وسلم : أتشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّي رسول اللّه ؟ فقال : نعم ، فقال عليه الصلاة والسلام : اللّه أكبر ، يكفي المسلمين أحدهم ، فصام وأمر بالصّيام ، وأمر منادياً فنادى : ألا من أكل فلا يأكل بقيّة يومه ، ومن لم يأكل فليصم « .
    فقد أمر بالصّوم ، وأنّه يقتضي القدرة على الصّوم الشّرعيّ ، ولو شرطت النّيّة من اللّيل لما كان قادراً عليه ، فدلّ على عدم اشتراطها .
    واستدلّوا أيضاً ، بما ورد في الحديث : » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار : من أصبح مفطراً فليتمّ بقيّة يومه ، ومن أصبح صائماً فليصم« . وكان صوم عاشوراء واجباً ، ثمّ نسخ بفرض رمضان .
    واشترط الحنفيّة تبييت النّيّة في صوم الكفّارات والنّذور المطلقة وقضاء رمضان .
    31 - أمّا النّفل فيجوز صومه عند الجمهور - خلافاً للمالكيّة - بنيّة قبل الزّوال ، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : » دخل عليّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فقال: هل عندكم شيء ؟ ، فقلنا : لا فقال : فإنّي إذن صائم « .
    ولأنّ النّفل أخفّ من الفرض ، والدّليل عليه : أنّه يجوز ترك القيام في النّفل مع القدرة ، ولا يجوز في الفرض .
    وعند بعض الشّافعيّة يجوز بنيّة بعد الزّوال ، والمذهب في القديم والجديد : لا يجوز ، لأنّ النّيّة لم تصحب معظم العبادة .
    ومذهب المالكيّة : أنّه يشترط في صحّة الصّوم مطلقاً ، فرضاً أو نفلاً ، نيّة مبيّتة ، وذلك لإطلاق الحديث المتقدّم : » من لم يجمع الصّيام من اللّيل ، فلا صيام له « .
    ومذهب الحنابلة جواز النّيّة في النّفل ، قبل الزّوال وبعده ، واستدلّوا بحديث عائشة ، وحديث صوم يوم عاشوراء ، وأنّه قول معاذ وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم وأنّه لم ينقل عن أحد من الصّحابة ما يخالفه صريحاً ، والنّيّة وجدت في جزء من النّهار ، فأشبه وجودها قبل الزّوال بلحظه .
    ويشترط لجواز نيّة النّفل في النّهار عند الحنابلة : أن لا يكون فعل ما يفطره قبل النّيّة ، فإن فعل فلا يجزئه الصّوم ، قال البهوتيّ : بغير خلاف نعلمه ، قاله في الشّرح ، لكن خالف فيه أبو زيد الشّافعيّ .
    وعند الشّافعيّة وجهان في اعتبار الثّواب : من أوّل النّهار ، أم من وقت النّيّة ؟ أصحّهما عند الأكثرين : أنّه صائم من أوّل النّهار ، كما إذا أدرك الإمام في الرّكوع ، يكون مدركاً لثواب جميع الرّكعة ، فعلى هذا يشترط جميع شروط الصّوم من أوّل النّهار .
    32 - رابعاً : تجديد النّيّة : ذهب الجمهور إلى تجديد النّيّة في كلّ يوم من رمضان ، من اللّيل أو قبل الزّوال - على الخلاف السّابق - وذلك : لكي يتميّز الإمساك عبادةً ، عن الإمساك عادةً أو حميةً .
    ولأنّ كلّ يوم عبادة مستقلّة ، لا يرتبط بعضه ببعض ، ولا يفسد بفساد بعض ، ويتخلّلها ما ينافيها ، وهو اللّيالي الّتي يحلّ فيها ما يحرّم في النّهار ، فأشبهت القضاء ، بخلاف الحجّ وركعات الصّلاة .
    وذهب زفر ومالك - وهو رواية عن أحمد - أنّه تكفي نيّة واحدة عن الشّهر كلّه في أوّله ، كالصّلاة . وكذلك في كلّ صوم متتابع ، ككفّارة الصّوم والظّهار ، ما لم يقطعه أو يكن على حاله يجوز له الفطر فيها ، فيلزمه استئناف النّيّة ، وذلك لارتباط بعضها ببعض ، وعدم جواز التّفريق ، فكفت نيّة واحدة ، وإن كانت لا تبطل ببطلان بعضها ، كالصّلاة .
    فعلى ذلك لو أفطر يوماً لعذر أو غيره ، لم يصحّ صيام الباقي بتلك النّيّة ، كما جزم به بعضهم ، وقيل : يصحّ ، وقدّمه بعضهم .
    ويقاس على ذلك النّذر المعيّن ومع ذلك ، فقد قال ابن عبد الحكم - من المالكيّة - : لا بدّ في الصّوم الواجب المتتابع من النّيّة كلّ يوم ، نظراً إلى أنّه كالعبادات المتعدّدة ، من حيث عدم فساد ما مضى منه بفساد ما بعده .
    بل روي عن زفر أنّ المقيم الصّحيح ، لا يحتاج إلى نيّة ، لأنّ الإمساك متردّد بين العادة والعبادة ، فكان متردّداً بأصله متعيّناً بوصفه ، فعلى أيّ وجه أتى به وقع عنه .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  9. #24
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    استمرار النّيّة :
    33 - اشترط الفقهاء الدّوام على النّيّة ، فلو نوى الصّيام من اللّيل ثمّ رجع عن نيّته قبل طلوع الفجر لا يصير صائماً .
    قال الطّحطاويّ : ويشترط الدّوام عليها .
    فلو نوى من اللّيل ، ثمّ رجع عن نيّته قبل طلوع الفجر ، صحّ رجوعه ولا يصير صائماً ، ولو أفطر لا شيء عليه إلاّ القضاء ، بانقطاع النّيّة بالرّجوع ، فلا كفّارة عليه في رمضان ، لشبهة خلاف من اشترط التّبييت ، إلاّ إذا جدّد النّيّة ، بأن ينوي الصّوم في وقت النّيّة ، تحصيلاً لها ، لأنّ الأولى غير معتبرة ، بسبب الرّجوع عنها .
    ولا تبطل النّيّة بقوله : أصوم غداً إن شاء اللّه ، لأنّه بمعنى الاستعانة ، وطلب التّوفيق والتّيسير . والمشيئة إنّما تبطل اللّفظ ، والنّيّة فعل القلب .
    قال البهوتيّ : وكذا سائر العبادات ، لا تبطل بذكر المشيئة في نيّتها .
    ولا تبطل النّيّة بأكله أو شربه أو جماعه بعدها عند جمهور الفقهاء ،وحكي عن أبي إسحاق بطلانها ، ولو رجع عن نيّته قبل طلوع الفجر صحّ رجوعه .
    ولو نوى الإفطار في أثناء النّهار فمذهب الحنفيّة والشّافعيّة أنّه لا يفطر ، كما لو نوى التّكلّم في صلاته ولم يتكلّم ، قال البيجوريّ : ويضرّ رفض النّيّة ليلاً ، ولا يضرّ نهاراً .
    وقال المالكيّة والحنابلة : يفطر ، لأنّه قطع نيّة الصّوم بنيّة الإفطار ، فكأنّه لم يأت بها ابتداءً.
    الإغماء والجنون والسّكر بعد النّيّة :
    34 - اختلف الفقهاء فيما إذا نوى الصّيام من اللّيل ، ثمّ طرأ عليه إغماء أو جنون أو سكر، فإن لم يفق إلاّ بعد غروب الشّمس ، فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى عدم صحّة صومه ، لأنّ الصّوم هو الإمساك مع النّيّة ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » قال اللّه : كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّوم ، فإنّه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي « فأضاف ترك الطّعام والشّراب إليه ، فإذا كان مغمىً عليه فلا يضاف الإمساك إليه ، فلم يجزئه .
    وذهب الحنفيّة إلى صحّة صومه ، لأنّ نيّته قد صحّت ، وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحّة الصّوم ، كالنّوم .
    أمّا إذا أفاق أثناء النّهار ، فذهب الحنفيّة إلى تجديد النّيّة إذا أفاق قبل الزّوال ، وذهب المالكيّة إلى عدم صحّة صومه ، وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه إذا أفاق في أيّ جزء من النّهار صحّ صومه ، سواء أكان في أوّله أم في آخره .
    وفرّق الشّافعيّة بين الجنون والإغماء ، فالمذهب : أنّه لو جنّ في أثناء النّهار بطل صومه ، وقيل : هو كالإغماء .
    وأمّا الرّدّة بعد نيّة الصّوم فتبطل الصّوم بلا خلاف .
    سنن الصّوم ومستحبّاته :
    35 - سنن الصّوم ومستحبّاته كثيرة ، أهمّها :
    أ - السّحور ، وقد ورد فيه حديث أنس رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » تسحّروا فإنّ في السّحور بركةً « .
    ب - تأخير السّحور ، وتعجيل الفطر ، وممّا ورد فيه حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » لا يزال النّاس بخير ما عجّلوا الفطر « .
    وحديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : » تسحّرنا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ قام إلى الصّلاة . قلت : كم كان بين الأذان والسّحور ؟ قال : قدر خمسين آيةً « .
    ج - ويستحبّ أن يكون الإفطار على رطبات ، فإن لم تكن فعلى تمرات ، وفي هذا ورد حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال : » كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلّي على رطبات ، فإن لم تكن رطبات فتميرات ، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء « .
    وورد فيه حديث عن سلمان بن عامر الضّبّيّ رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ، فإنّه بركة ، فمن لم يجد فليفطر على ماء، فإنّه طهور « .
    د - ويستحبّ أن يدعو عند الإفطار ، فقد ورد عن عبد اللّه بن عمرو رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً : » إنّ للصّائم دعوةً لا تردّ « .
    وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: » ذهب الظّمأ ، وابتلّت العروق ، وثبت الأجر إن شاء اللّه تعالى « .
    وهناك فضائل من خصائص شهر رمضان كالتّراويح ، والإكثار من الصّدقات ، والاعتكاف ، وغيرها تنظر في مصطلحاتها .
    36 - ومن أهمّ ما ينبغي أن يترفّع عنه الصّائم ويحذره : ما يحبط صومه من المعاصي الظّاهرة والباطنة ، فيصون لسانه عن اللّغو والهذيان والكذب ، والغيبة والنّميمة ، والفحش والجفاء ، والخصومة والمراء ، ويكفّ جوارحه عن جميع الشّهوات والمحرّمات ، ويشتغل بالعبادة ، وذكر اللّه ، وتلاوة القرآن وهذا كما يقول الغزاليّ : هو سرّ الصّوم .
    وفي الصّحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » قال اللّه تعالى : كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّيام ، فإنّه لي وأنا أجزي به ، والصّيام جنّة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابّه أحد أو قاتله ، فليقل : إنّي امرؤ صائم « ، وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » الصّيام جنّة ، ما لم يخرقها بكذب أو غيبة « .
    وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » من لم يدع قول الزّور ، والعمل به ، فليس للّه حاجة في أن يدع طعامه وشرابه
    مفسدات الصّوم :
    37 - يفسد الصّوم - بوجه عامّ - كلّما انتفى شرط من شروطه ، أو اختلّ أحد أركانه ، كالرّدّة ، وكطروء الحيض والنّفاس ، وكلّ ما ينافيه من أكل وشرب ونحوهما ، ودخول شيء من خارج البدن إلى جوف الصّائم .
    38 - ويشترط في فساد الصّوم بما يدخل إلى الجوف ما يلي :
    أ - أن يكون الدّاخل إلى الجوف ، من المنافذ الواسعة - كما قيّده بذلك المالكيّة - والمفتوحة - كما قال الشّافعيّة - أي : المخارق الطّبيعيّة الأصليّة في الجسم ، والّتي تعتبر موصّلةً للمادّة من الخارج إلى الدّاخل ، كالفم والأنف والأذن .
    وقد استدلّ لذلك ، بالاتّفاق على أنّ من اغتسل في ماء ، فوجد برده في باطنه لا يفطر ، ومن طلى بطنه بدهن لا يضرّ ، لأنّ وصوله إلى الجوف بتشرّب .
    ولم يشترط الحنابلة ذلك ، بل اكتفوا بتحقّق وصوله إلى الحلق والجوف ، والدّماغ جوف .
    ب - أن يكون الدّاخل إلى الجوف ممّا يمكن الاحتراز عنه ، كدخول المطر والثّلج بنفسه حلق الصّائم إذا لم يبتلعه بصنعه ، فإن لم يمكن الاحتراز عنه - كالذّباب يطير إلى الحلق ، وغبار الطّريق - لم يفطر إجماعاً .
    وهذا استحسان ، والقياس : الفساد ، لوصول المفطر إلى جوفه .
    وجه الاستحسان ، أنّه لا يستطاع الاحتراز عنه ، فأشبه الدّخان .
    والجوف هو : الباطن ، سواء أكان ممّا يحيل الغذاء والدّواء ، أي يغيّرهما كالبطن والأمعاء، أم كان ممّا يحيل الدّواء فقط كباطن الرّأس أو الأذن ، أم كان ممّا لا يحيل شيئاً كباطن الحلق.
    قال النّوويّ : جعلوا الحلق كالجوف ، في بطلان الصّوم بوصول الواصل إليه ، وقال الإمام : إذا جاوز الشّيء الحلقوم أفطر .
    قال : وعلى الوجهين جميعاً : باطن الدّماغ والأمعاء والمثانة ممّا يفطر الوصول إليه .
    ج - والجمهور على أنّه لا يشترط أن يكون الدّاخل إلى الجوف مغذّياً ، فيفسد الصّوم بالدّاخل إلى الجوف ، ممّا يغذّي أو لا يغذّي ، كابتلاع التّراب ونحوه ، وإن فرّق بينهما بعض المالكيّة ، قال ابن رشد : وتحصيل مذهب مالك ، أنّه يجب الإمساك عمّا يصل إلى الحلق ، من أيّ المنافذ وصل ، مغذّياً كان أو غير مغذّ .
    د - وشرط كون الصّائم قاصداً ذاكراً لصومه ، أمّا لو كان ناسياً أنّه صائم ، فلا يفسد صومه عند الجمهور ، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » من نسي وهو صائم ، فأكل أو شرب ، فليتمّ صومه ، فإنّما أطعمه اللّه وسقاه« .
    ويستوي في ذلك الفرض والنّفل لعموم الأدلّة .
    وخالف مالك في صوم رمضان فذهب إلى أنّ من نسي في رمضان ، فأكل أو شرب ، عليه القضاء ، أمّا لو نسي في غير رمضان ، فأكل أو شرب ، فإنّه يتمّ صومه ، ولا قضاء عليه. هـ - وشرط الحنفيّة والمالكيّة استقرار المادّة في الجوف ، وعلّلوه بأنّ الحصاة - مثلاً - تشغل المعدة شغلاً ما وتنقص الجوع .
    ولم يشترط الشّافعيّة والحنابلة استقرار المادّة في الجوف إذا كان باختياره .
    وعلى قول الحنفيّة والمالكيّة : لو لم تستقرّ المادّة ، بأن خرجت من الجوف لساعتها لا يفسد الصّوم ، كما لو أصابته سهام فاخترقت بطنه ونفذت من ظهره ، ولو بقي النّصل في جوفه فسد صومه ، ولو كان ذلك بفعله يفسد صومه ، قال الغزاليّ : ولو كان بعض السّكّين خارجاً .
    و - وشرط الشّافعيّة والحنابلة وزفر من الحنفيّة ، أن يكون الصّائم مختاراً فيما يتناوله ، من طعام أو شراب أو دواء ، فلو أوجر الماء ، أو صبّ الدّواء في حلقه مكرهاً ، لم يفسد صومه عندهم ، لأنّه لم يفعل ولم يقصد .
    ولو أكره على الإفطار ، فأكل أو شرب ، فللشّافعيّة قولان مشهوران في الفطر وعدمه . أصحّهما : عدم الفطر ، وعلّلوا عدم الإفطار بأنّ الحكم الّذي ينبني على اختياره ساقط ، لعدم وجود الاختيار .
    ومذهب الحنابلة : أنّه لا يفسد صومه قولاً واحداً ، وهو كالإيجار ، وذلك لحديث : » إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه « . فإنّه عامّ .
    ومذهب الحنفيّة والمالكيّة : أنّ الإكراه على الإفطار يفسد الصّوم ، ويستوجب القضاء ، وذلك لأنّ المراد من حديث : » إنّ اللّه وضع عن أمّتي الخطأ والنّسيان ، وما استكرهوا عليه « رفع الحكم ، لتصحيح الكلام اقتضاءً ، والمقتضي لا عموم له ، والإثم مراد إجماعاً ، فلا تصحّ إرادة الحكم الآخر - وهو الدّنيويّ - بالفساد .
    ما يفسد الصّوم ، ويوجب القضاء :
    39 - وذلك يرجع إلى الإخلال بأركانه وشروطه ، ويمكن حصره فيما يلي :
    أ - تناول ما لا يؤكل في العادة .
    ب - قضاء الوطر قاصراً .
    ج - شئون المعالجة والمداواة .
    د - التّقصير في حفظ الصّوم والجهل بأحكامه .
    هـ- الإفطار بسبب العوارض .
    أوّلاً : تناول ما لا يؤكل عادةً :
    40 - تناول ما لا يؤكل عادةً كالتّراب والحصى ، والدّقيق غير المخلوط - على الصّحيح - والحبوب النّيئة ، كالقمح والشّعير والحمّص والعدس ، والثّمار الفجّة الّتي لا تؤكل قبل النّضج ، كالسّفرجل والجوز ، وكذا تناول ملح كثير دفعةً واحدةً يوجب القضاء دون الكفّارة، أمّا إذا أكله على دفعات ، بتناول دفعة قليلة ، في كلّ مرّة ، فيجب القضاء والكفّارة عند الحنفيّة .
    أمّا في أكل نواة أو قطن أو ورق ، أو ابتلاع حصاة ، أو حديد أو ذهب أو فضّة ، وكذا شرب ما لا يشرب من السّوائل كالبترول فالقضاء دون كفّارة لقصور الجناية بسبب الاستقذار والعيافة ومنافاة الطّبع ، فانعدم معنى الفطر ، وهو بإيصال ما فيه نفع البدن إلى الجوف ، سواء أكان ممّا يتغذّى به أم يتداوى به . ولأنّ هذه المذكورات ليست غذائيّةً ، ولا في معنى الغذاء - كما يقول الطّحاويّ - ولتحقّق الإفطار في الصّورة ، وهو الابتلاع .
    قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : الفطر ممّا دخل .
    وقال الزّيلعيّ : كلّ ما لا يتغذّى به ، ولا يتداوى به عادةً ، لا يوجب الكفّارة .
    ثانياً : قضاء الوطر أو الشّهوة على وجه القصور :
    وذلك في الصّور الآتية :
    41 - أ - تعمّد إنزال المنيّ بلا جماع ، وذلك كالاستمناء بالكفّ أو بالتّبطين والتّفخيذ ، أو باللّمس والتّقبيل ونحوهما فإنّه يوجب القضاء دون الكفّارة عند جمهور الفقهاء - الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - وعند المالكيّة يوجب القضاء والكفّارة معاً .
    ب - الإنزال بوطء ميّتة أو بهيمة ، أو صغيرة لا تشتهى :
    42 - وهو يفسد الصّوم ، لأنّ فيه قضاء إحدى الشّهوتين ، وأنّه ينافي الصّوم ، ولا يوجب الكفّارة ، لتمكّن النّقصان في قضاء الشّهوة ، فليس بجماع خلافاً للحنابلة ، فإنّه لا فرق عندهم بين كون الموطوءة كبيرةً أو صغيرةً ، ولا بين العمد والسّهو ، ولا بين الجهل والخطأ ، وفي كلّ ذلك القضاء والكفّارة ، لإطلاق حديث الأعرابيّ .
    والمالكيّة يوجبون في ذلك الكفّارة ، لتعمّد إخراج المنيّ .
    ج - المساحقة بين المرأتين إذا أنزلت :
    43 - عمل المرأتين ، كعمل الرّجال ، جماع فيما دون الفرج ، ولا قضاء على واحدة منهما، إلاّ إذا أنزلت ، ولا كفّارة مع الإنزال ، وهذا عند الحنفيّة وهو وجه عند الحنابلة ، وعلّله الحنابلة بأنّه ، لا نصّ في الكفّارة ، ولا يصحّ قياسه على الجماع .
    قال ابن قدامة : وأصحّ الوجهين أنّهما لا كفّارة عليهما ، لأنّ ذلك ليس بمنصوص عليه ، ولا في معنى المنصوص عليه ، فيبقى على الأصل .
    د - الإنزال بالفكر والنّظر :
    44 - إنزال المنيّ بالنّظر أو الفكر ، فيه التّفصيل الآتي :
    مذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلاّ قليلاً منهم أنّ الإنزال بالفكر - وإن طال - وبالنّظر بشهوة ، ولو إلى فرج المرأة مراراً ، لا يفسد الصّوم ، وإن علم أنّه ينزل به ، لأنّه إنزال من غير مباشرة ، فأشبه الاحتلام .
    قال القليوبيّ : النّظر والفكر المحرّك للشّهوة ، كالقبلة ، فيحرم وإن لم يفطر به .
    ومذهب المالكيّة أنّه إن أمنى بمجرّد الفكر أو النّظر ، من غير استدامة لهما ، يفسد صومه ويجب القضاء دون الكفّارة . وإن استدامهما حتّى أنزل فإن كانت عادته الإنزال بهما عند الاستدامة ، فالكفّارة قطعاً ، وإن كانت عادته عدم الإنزال بهما عند الاستدامة ، فخالف عادته وأمنى ، فقولان في لزوم الكفّارة ، واختار اللّخميّ عدم اللّزوم .
    ولو أمنى في أداء رمضان بتعمّد نظرة واحدة يفسد صومه ويجب القضاء ، وفي وجوب الكفّارة وعدمه تأويلان ، محلّهما إذا كانت عادته الإنزال بمجرّد النّظر ، وإلاّ فلا كفّارة اتّفاقاً.
    وقال الأذرعيّ من الشّافعيّة ، وتبعه شيخ القليوبيّ ، والرّمليّ : يفطر إذا علم الإنزال بالفكر والنّظر ، وإن لم يكرّره .
    ومذهب الحنابلة ، التّفرقة بين النّظر وبين الفكر ، ففي النّظر ، إذا أمنى يفسد الصّوم ، لأنّه أنزل بفعل يتلذّذ به ، ويمكن التّحرّز منه ، فأفسد الصّوم ، كالإنزال باللّمس ، والفكر لا يمكن التّحرّز منه ، بخلاف النّظر .
    ولو أمذى بتكرار النّظر ، فظاهر كلام أحمد لا يفطر به ، لأنّه لا نصّ في الفطر به ، ولا يمكن قياسه على إنزال المنيّ ، لمخالفته إيّاه في الأحكام ، فيبقى على الأصل .
    وإذا لم يكرّر النّظر لا يفطر ، سواء أمنى أو أمذى ، وهو المذهب ، لعدم إمكان التّحرّز ، ونصّ أحمد : يفطر بالمنيّ لا بالمذي .
    أمّا الفكر ، فإنّ الإنزال به لا يفسد الصّوم . واختار ابن عقيل : الإفساد به ، لأنّ الفكر يدخل تحت الاختيار ، لكن جمهورهم استدلّوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه : » إنّ اللّه تجاوز لأمّتي عمّا وسوست أو حدّثت به أنفسها ، ما لم تعمل به أو تكلّم « .
    ولأنّه لا نصّ في الفطر به ولا إجماع ، ولا يمكن قياسه على المباشرة ولا تكرار النّظر ، لأنّه دونهما في استدعاء الشّهوة ، وإفضائه إلى الإنزال .
    ثالثاً : المعالجات ونحوها ، وهي أنواع أهمّها :
    أ - الاستعاط :
    45 - الاستعاط : افتعال من السّعوط ، مثال رسول : دواء يصبّ في الأنف ، والاستعاط والإسعاط عند الفقهاء : إيصال الشّيء إلى الدّماغ من الأنف .
    وإنّما يفسد الاستعاط الصّوم ، بشرط أن يصل الدّواء إلى الدّماغ ، والأنف منفذ إلى الجوف ، فلو لم يصل إلى الدّماغ لم يضرّ ، بأن لم يجاوز الخيشوم ، فلو وضع دواءً في أنفه ليلاً ، وهبط نهاراً ، فلا شيء عليه .
    ولو وضعه في النّهار ، ووصل إلى دماغه أفطر ، لأنّه واصل إلى جوف الصّائم باختياره فيفطّره كالواصل إلى الحلق ، والدّماغ جوف - كما قرّروا - والواصل إليه يغذّيه ، فيفطّره، كجوف البدن .
    والواجب فيه القضاء لا الكفّارة ، هذا هو الأصحّ ، لأنّ الكفّارة موجب الإفطار صورةً ومعنىً، والصّورة هي الابتلاع ، وهي منعدمة ، والنّفع المجرّد عنها يوجب القضاء فقط . وهذا الحكم لا يخصّ صبّ الدّواء ، بل لو استنشق الماء ، فوصل إلى دماغه أفطر عند الحنفيّة .
    ب - استعمال البخور :
    46 - ويكون بإيصال الدّخان إلى الحلق ، فيفطر ، أمّا شمّ رائحة البخور ونحوه بلا وصول دخانه إلى الحلق فلا يفطر ولو جاءته الرّائحة واستنشقها ، لأنّ الرّائحة لا جسم لها .
    فمن أدخل بصنعه دخاناً حلقه ، بأيّة صورة كان الإدخال ، فسد صومه ، سواء أكان دخان عنبر أم عود أم غيرهما ، حتّى من تبخّر بعود ، فآواه إلى نفسه ، واشتمّ دخانه ، ذاكراً لصومه ، أفطر ، لإمكان التّحرّز من إدخال المفطر جوفه ودماغه .
    قال الشرنبلالي : هذا ممّا يغفل عنه كثير من النّاس ، فلينبّه له ، ولا يتوهّم أنّه كشمّ الورد والمسك ، لوضوح الفرق بين هواء تطيّب بريح المسك وشبهه ، وبين جوهر دخان وصل إلى جوفه بفعله
    ج - بخار القدر :
    47 - بخار القدر ، متى وصل للحلق باستنشاق أوجب القضاء ، لأنّ دخان البخور وبخار القدر كلّ منهما جسم يتكيّف به الدّماغ ، ويتقوّى به ، أي تحصل له قوّة كالّتي تحصل من الأكل ، أمّا لو وصل واحد منهما للحلق بغير اختياره فلا قضاء عليه .
    هذا بخلاف دخان الحطب ، فإنّه لا قضاء في وصوله للحلق ، ولو تعمّد استنشاقه ، لأنّه لا يحصل للدّماغ به قوّة كالّتي تحصل له من الأكل .
    وقال الشّافعيّة : لو فتح فاه عمداً حتّى دخل الغبار في جوفه ، لم يفطر على الأصحّ . ومذهب الحنابلة الإفطار بابتلاع غربلة الدّقيق وغبار الطّريق ، إن تعمّده .
    د - التّدخين :
    48 - اتّفق الفقهاء على أنّ شرب الدّخان المعروف أثناء الصّوم يفسد الصّيام ، لأنّه من المفطرات .
    وتفصيل ذلك ينظر في مصطلح : ( تبغ ، الموسوعة الفقهيّة 10 فقرة 30 ) .
    هـ - التّقطير في الأذن :
    49 - ذهب جمهور الفقهاء ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة إلى فساد الصّوم بتقطير الدّواء أو الدّهن أو الماء في الأذن .
    فقال المالكيّة : يجب الإمساك عمّا يصل إلى الحلق ، ممّا ينماع أو لا ينماع .
    والمذهب : أنّ الواصل إلى الحلق مفطّر ولو لم يجاوزه ، إن وصل إليه ، ولو من أنف أو أذن أو عين نهاراً .
    وتوجيهه عندهم : أنّه واصل من أحد المنافذ الواسعة في البدن ، وهي : الفم والأنف والأذن، وأنّ كلّ ما وصل إلى المعدة من منفذ عال ، موجب للقضاء ، سواء أكان ذلك المنفذ واسعاً أم ضيّقاً . وأنّه لا تفرقة عندهم ، بين المائع وبين غيره في الواصل إلى المعدة من الحلق . وقال النّوويّ : لو صبّ الماء أو غيره في أذنيه ، فوصل دماغه أفطر على الأصحّ عندنا ، ولم ير الغزاليّ الإفطار بالتّقطير في الأذنين .
    وقال البهوتيّ : إذا قطّر في أذنه فوصل إلى دماغه فسد صومه ، لأنّ الدّماغ أحد الجوفين ، فالواصل إليه يغذّيه ، فأفسد الصّوم .
    والحنفيّة قالوا : بفساد الصّوم بتقطير الدّواء والدّهن في الأذن ، لأنّ فيه صلاحاً لجزء من البدن ، فوجد إفساد الصّوم معنىً .
    واختلف الحنفيّة في تقطير الماء في الأذن : فاختار المرغينانيّ في الهداية - وهو الّذي صحّحه غيره - عدم الإفطار به مطلقاً ، دخل بنفسه أو أدخله .
    وفرّق قاضي خان ، بين الإدخال قصداً فأفسد به الصّوم ، وبين الدّخول فلم يفسده به ، وهذا الّذي صحّحوه ، لأنّ الماء يضرّ الدّماغ ، فانعدم الإفساد صورةً ومعنىً .
    فالاتّفاق عند الحنفيّة على الفطر بصبّ الدّهن ، وعلى عدمه بدخول الماء ، والاختلاف في التّصحيح في إدخاله .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  10. #25
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..



    و - مداواة الآمّة والجائفة والجراح :
    50 - الآمّة : جراحة في الرّأس ، والجائفة : جراحة في البطن .
    والمراد بهذا - كما يقول الكاسانيّ - ما يصل إلى الجوف من غير المخارق الأصليّة .
    فإذا داوى الصّائم الآمّة أو الجراح ، فمذهب الجمهور - بوجه عامّ - فساد الصّوم ، إذا وصل الدّواء إلى الجوف .
    قال النّوويّ : لو داوى جرحه فوصل الدّواء إلى جوفه أو دماغه أفطر عندنا سواء أكان الدّواء رطباً أم يابساً .
    وعلّله الحنابلة بأنّه أوصل إلى جوفه شيئاً باختياره ، فأشبه ما لو أكل .
    قال المرداويّ : وهذا هو المذهب ، وعليه الأصحاب .
    وعلّله الحنفيّة - مع نصّهم على عدم التّفرقة بين الدّواء الرّطب وبين الدّواء اليابس - بأنّ بين جوف الرّأس وجوف المعدة منفذاً أصليّاً ، فمتى وصل إلى جوف الرّأس ، يصل إلى جوف البطن .
    أمّا إذا شكّ في وصول الدّواء إلى الجوف ، فعند الحنفيّة بعض التّفصيل والخلاف : فإن كان الدّواء رطباً ، فعند أبي حنيفة الظّاهر هو الوصول ، لوجود المنفذ إلى الجوف ، وهو السّبب، فيبنى الحكم على الظّاهر ، وهو الوصول عادةً ، وقال الصّاحبان : لا يفطر ، لعدم العلم به ، فلا يفطر بالشّكّ ، فهما يعتبران المخارق الأصليّة ، لأنّ الوصول إلى الجوف من المخارق الأصليّة متيقّن به ، ومن غيرها مشكوك به ، فلا نحكم بالفساد مع الشّكّ .
    وأمّا إذا كان الدّواء يابساً ، فلا فطر اتّفاقاً ، لأنّه لم يصل إلى الجوف ولا إلى الدّماغ .
    لكن قال البابرتيّ : وأكثر مشايخنا على أنّ العبرة بالوصول ، حتّى إذا علم أنّ الدّواء اليابس وصل إلى جوفه ، فسد صومه ، وإن علم أنّ الرّطب لم يصل إلى جوفه ، لم يفسد صومه عنده ، إلاّ أنّه ذكر الرّطب واليابس بناءً على العادة .
    وإذا لم يعلم يقيناً فسد عند أبي حنيفة ، نظراً إلى العادة ، لا عندهما .
    ومذهب المالكيّة عدم الإفطار بمداواة الجراح ، وهو اختيار الشّيح تقيّ الدّين .
    قال المرداويّ : واختار الشّيخ تقيّ الدّين عدم الإفطار بمداواة جائفة ومأمومة .
    قال ابن جزيّ : أمّا دواء الجرح بما يصل إلى الجوف ، فلا يفطر .
    وقال الدّردير ، معلّلاً عدم الإفطار بوضع الدّهن على الجائفة ، والجرح الكائن في البطن الواصل للجوف : لأنّه لا يصل لمحلّ الطّعام والشّراب ، وإلاّ لمات من ساعته .
    ز - الاحتقان :
    51 - الاحتقان : صبّ الدّواء أو إدخال نحوه في الدّبر .
    وقد يكون بمائع أو بغيره : فالاحتقان بالمائع من الماء - وهو الغالب - أو غير الماء ، يفسد الصّوم ويوجب القضاء ، فيما ذهب إليه الجمهور ، وهو مشهور مذهب المالكيّة ، ومنصوص خليل ، وهو معلّل بأنّه يصل به الماء إلى الجوف من منفذ مفتوح ، وبأنّ غير المعتاد كالمعتاد في الواصل ، وبأنّه أبلغ وأولى بوجوب القضاء من الاستعاط استدراكاً للفريضة الفاسدة .
    ولا تجب الكفّارة ، لعدم استكمال الجناية على الصّوم صورةً ومعنىً ، كما هو سبب الكفّارة ، بل هو لوجود معنى الفطر ، وهو وصول ما فيه صلاح البدن إلى الجوف ، دون صورته ، وهو الوصول من الفم دون ما سواه .
    واستدلّ المرغينانيّ وغيره للإفطار بالاحتقان وغيره ، كالاستعاط والإفطار ، بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها : إنّما الإفطار ممّا دخل ، وليس ممّا خرج .
    وقول ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما : الفطر ممّا دخل ، وليس ممّا يخرج .
    أمّا الاحتقان بالجامد ، ففيه بعض الخلاف :
    فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ ما يدخل إلى الجوف من الدّبر بالحقنة يفطر ، لأنّه واصل إلى الجوف باختياره ، فأشبه الأكل .
    كذلك دخول طرف أصبع في المخرج حال الاستنجاء يفطر ، قال النّوويّ : لو أدخل الرّجل أصبعه أو غيرها دبره ، وبقي البعض خارجاً ، بطل الصّوم ، باتّفاق أصحابنا .
    وذهب الحنفيّة إلى أنّ تغييب القطن ونحوه من الجوامد الجافّة ، يفسد الصّوم ، وعدم التّغييب لا يفسده ، كما لو بقي طرفه خارجاً ، لأنّ عدم تمام الدّخول كعدم دخول شيء بالمرّة ، كإدخال الأصبع غير المبلولة ، أمّا المبلولة بالماء والدّهن فيفسده .
    وخصّ المالكيّة الإفطار وإبطال الصّوم ، بالحقنة المائعة نصّاً .
    وقالوا : احترز " خليل " بالمائع عن الحقنة بالجامد ، فلا قضاء فيها ، ولا في فتائل عليها دهن لخفّتها .
    وفي المدوّنة ، قال ابن القاسم : سئل مالك عن الفتائل تجعل للحقنة ؟ قال مالك : أرى ذلك خفيفاً ، ولا أرى عليه فيه شيئاً ، قال مالك : وإن احتقن بشيء يصل إلى جوفه ، فأرى عليه القضاء ، قال ابن القاسم : ولا كفّارة عليه .
    ويبدو مع ذلك تلخيصاً ، أنّ للمالكيّة في الحقنة أربعة أقوال :
    أحدها : وهو المشهور المنصوص عليه في مختصر خليل : الإفطار بالحقنة المائعة .
    الثّاني : أنّ الحقنة تفطر مطلقاً .
    الثّالث : أنّها لا تفطر ، واستحسنه اللّخميّ ، لأنّ ذلك لا يصل إلى المعدة ، ولا موضع يتصرّف منه ما يغذّي الجسم بحال .
    الرّابع : أنّ استعمال الحقنة مكروه .
    قال ابن حبيب : وكان من مضى من السّلف وأهل العلم يكرهون التّعالج بالحقن إلاّ من ضرورة غالبة ، لا توجد عن التّعالج بها مندوحة ، فلهذا استحبّ قضاء الصّوم باستعمالها . ح - الحقنة المتّخذة في مسالك البول :
    ويعبّر عن هذا الشّافعيّة بالتّقطير ، ولا يسمّونه احتقاناً وفيه هذا التّفصيل :
    الأوّل : التّقطير في الإحليل ، أي الذّكر :
    52 - في التّقطير أقوال : فذهب أبو حنيفة ومحمّد ومالك وأحمد ، وهو وجه عند الشّافعيّة، إلى أنّه لا يفطر ، سواء أوصل إلى المثانة أم لم يصل ، لأنّه ليس بين باطن الذّكر وبين الجوف منفذ ، وإنّما يمرّ البول رشحاً ، فالّذي يتركه فيه لا يصل إلى الجوف ، فلا يفطر ، كالّذي يتركه في فيه ولا يبتلعه ، وقال الموّاق : هو أخفّ من الحقنة .
    وقال البهوتيّ : لو قطّر فيه ، أو غيّب فيه شيئاً فوصل إلى المثانة لم يبطل صومه . وللشّافعيّة - مع ذلك - في المسألة أقوال :
    أحدها : إذا قطّر فيه شيئاً لم يصل إلى المثانة لم يفطر ، وهذا أصحّها ، لأنّه - كما قال المحلّيّ - في جوف غير محيل .
    الثّاني : لا يفطر .
    الثّالث : إن جاوز الحشفة أفطر ، وإلاّ لا .
    وذهب أبو يوسف إلى أنّه يفطر إذا وصل إلى المثانة ، أمّا ما دام في قصبة الذّكر فلا يفسد. الثّاني : التّقطير في فرج المرأة :
    53 - الأصحّ عند الحنفيّة ، والمنصوص في مذهب المالكيّة ، والّذي يؤخذ من مذهب الشّافعيّة والحنابلة - الّذين نصّوا على الإحليل فقط - هو فساد الصّوم به ، وعلّله الحنفيّة بأنّه شبيه بالحقنة .
    ووجهه عند المالكيّة ، استجماع شرطين :
    أحدهما : أنّه من المنفذ السّافل الواسع ، والآخر : الاحتقان بالمائع .
    وقد نصّ الدّردير على الإفطار به ، ونصّ الدّسوقيّ على وجوب القضاء على المشهور ، ومقابله ما لابن حبيب من استحباب القضاء ، بسبب الحقنة من المائع الواصلة إلى المعدة ، من الدّبر أو فرج المرأة ، كما نصّ الدّردير على أنّ الاحتقان بالجامد لا قضاء فيه ، ولا في الفتائل الّتي عليها دهن .
    رابعاً : التّقصير في حفظ الصّوم والجهل به :
    الأوّل : التّقصير :
    54 - أ - من صور التّقصير ما لو تسحّر أو جامع ، ظانّاً عدم طلوع الفجر ، والحال أنّ الفجر طالع ، فإنّه يفطر ويجب عليه القضاء دون الكفّارة ، وهذا مذهب الحنفيّة ، ومشهور مذهب المالكيّة ، والصّحيح من مذهب الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة ، وذلك للشّبهة، لأنّ الأصل بقاء اللّيل ، والجناية قاصرة ، وهي جناية عدم التّثبّت ، لا جناية الإفطار ، لأنّه لم يقصده ، ولهذا صرّحوا بعدم الإثم عليه .
    واختار الشّيخ تقيّ الدّين ابن تيميّة - أنّه لا قضاء عليه .
    وإذا لم يتبيّن له شيء ، لا يجب عليه القضاء في ظاهر الرّواية - عند الحنفيّة - وقيل : يقضي احتياطاً وكذلك الحكم إذا أفطر بظنّ الغروب ، والحال أنّ الشّمس لم تغرب ، عليه القضاء ولا كفّارة عليه ، لأنّ الأصل بقاء النّهار ، وابن نجيم فرّع هذين الحكمين على قاعدة: اليقين لا يزول بالشّكّ .
    قال ابن جزيّ : من شكّ في طلوع الفجر ، حرّم عليه الأكل ، وقيل : يكره .
    فإن أكل فعليه القضاء وجوباً - على المشهور - وقيل : استحباباً ، وإن شكّ في الغروب ، لم يأكل اتّفاقاً ، فإن أكل فعليه القضاء والكفّارة ، وقيل : القضاء فقط ، وقال الدّسوقيّ : المشهور عدمها .
    ومن المالكيّة من خصّ القضاء بصيام الفرض في الشّكّ في الفجر ، دون صيام النّفل ، ومنهم من سوّى بينهما .
    وقيل عند الشّافعيّة : لا يفطر في صورتي الشّكّ في الغروب والفجر ، وقيل : يفطر في الأولى ، دون الثّانية .
    ومن ظنّ أو اشتبه في الفطر ، كمن أكل ناسياً فظنّ أنّه أفطر ، فأكل عامداً ، فإنّه لا تجب عليه الكفّارة ، لقيام الشّبهة الشّرعيّة .
    والقضاء هو ظاهر الرّواية عند الحنفيّة وهو الأصحّ .
    أمّا لو فعل ما لا يظنّ به الفطر ، كالفصد والحجامة والاكتحال واللّمس والتّقبيل بشهوة ونحو ذلك ، فظنّ أنّه أفطر بذلك ، فأكل عمداً ، فإنّه يقضي في تلك الصّور ويكفّر لأنّه ظنّ في غير محلّه .
    فلو كان ظنّه في محلّه فلا كفّارة ، كما لو أفتاه مفت - يعتمد على قوله ويؤخذ بفتواه في البلد - بالإفطار في الحجامة فأكل عامداً ، بعدما احتجم لا يكفّر .
    والمالكيّة قسّموا الظّنّ في الفطر إلى قسمين :
    أ - تأويل قريب ، وهو الّذي يستند فيه المفطر إلى أمر موجود ، يعذر به شرعاً ، فلا كفّارة عليه ، كما في هذه الصّور :
    لو أفطر ناسياً ، فظنّ لفساد صومه إباحة الفطر ، فأفطر ثانياً عامداً ، فلا كفّارة عليه .
    أو لزمه الغسل ليلاً لجنابة أو حيض ، ولم يغتسل إلاّ بعد الفجر ، فظنّ الإباحة ، فأفطر عمداً.
    أو تسحّر قرب الفجر ، فظنّ بطلان صومه ، فأفطر .
    أو قدم المسافر ليلاً ، فظنّ أنّه لا يلزمه صوم صبيحة قدومه ، فأفطر مستنداً إلى هذا التّأويل، لا تلزمه الكفّارة .
    أو سافر دون مسافة القصر ، فظنّ إباحة الفطر فبيّت الفطر ، فلا كفّارة عليه .
    أو رأى هلال شوّال نهاراً ، يوم ثلاثين من رمضان ، فاعتقد أنّه يوم عيد ، فأفطر .
    فهؤلاء إذا ظنّوا إباحة الفطر فأفطروا ، فعليهم القضاء ولا كفّارة عليهم ، وإن علموا الحرمة ، أو شكّوا فيها فعليهم الكفّارة .
    ب - تأويل بعيد ، وهو المستند فيه إلى أمر معدوم ، أو موجود لكنّه لم يعذر به شرعاً ، فلا ينفعه ، وعرّفه الأبيّ بأنّه : ما لم يستند لموجود غالباً ، مثال ذلك .
    من رأى هلال رمضان ، فشهد عند حاكم ، فردّ ولم يقبل لمانع ، فظنّ إباحة الفطر ، فأفطر، فعليه الكفّارة لبعد تأويله .
    وقال أشهب : لا كفّارة عليه لقرب تأويله لاستناده لموجود ، وهو ردّ الحاكم شهادته . والتّحقيق : أنّه استند لمعدوم ، وهو أنّ اليوم ليس من رمضان ، مع أنّه منه برؤية عينه . أو بيّت الفطر وأصبح مفطراً ، في يوم لحمّى تأتيه فيه عادةً ، ثمّ حمّ في ذلك اليوم ، وأولى إن لم يحمّ .
    أو بيّتت الفطر امرأة لحيض اعتادته في يومها ، ثمّ حصل الحيض بعد فطرها ، وأولى إن لم يحصل .
    أو أفطر لحجّامة فعلها بغيره ، أو فعلت به ، فظنّ الإباحة ، فإنّه يكفّر .
    لكن قال الدّردير : المعتمد في هذا عدم الكفّارة ، لأنّه من القريب ، لاستناده لموجود ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام : » أفطر الحاجم والمحجوم « .
    أو اغتاب شخصاً في نهار رمضان ، فظنّ إباحة الفطر فأفطر ، فعليه الكفّارة .
    ونصّ الشّافعيّة على أنّ من جامع عامداً ، بعد الأكل ناسياً ، وظنّ أنّه أفطر به ، لا كفّارة عليه ، وإن كان الأصحّ بطلان صومه بالجماع ، لأنّه جامع وهو يعتقد أنّه غير صائم ، فلم يأثم به ، لذلك قيل : لا يبطل صومه ، وبطلانه مقيس على من ظنّ اللّيل وقت الجماع ، فبان خلافه .
    وعند القاضي أبي الطّيّب ، أنّه يحتمل أن تجب به الكفّارة ، لأنّ هذا الظّنّ لا يبيح الوطء . وأمّا لو قال : علمت تحريمه ، وجهلت وجوب الكفّارة ، لزمته الكفّارة بلا خلاف .
    ونصّ الحنابلة على أنّه لو جامع في يوم رأى الهلال في ليلته ، وردّت شهادته لفسقه أو غيره ، فعليه القضاء والكفّارة ، لأنّه أفطر يوماً من رمضان بجماع ، فلزمته كما لو قبلت شهادته .
    وإذا لم يعلم برؤية الهلال إلاّ بعد طلوع الفجر ، أو نسي النّيّة ، أو أكل عامداً ، ثمّ جامع تجب عليه الكفّارة ، لهتكه حرمة الزّمن به ، ولأنّها تجب على المستديم للوطء ، ولا صوم هناك ، فكذا هنا .
    الثّاني : الجهل :
    54 - ب - الجهل : عدم العلم بما من شأنه أن يعلم .
    فالجمهور من الحنفيّة والشّافعيّة ، وهو مشهور مذهب المالكيّة ، على إعذار حديث العهد بالإسلام ، إذا جهل الصّوم في رمضان .
    قال الحنفيّة : يعذر من أسلم بدار الحرب فلم يصم ، ولم يصلّ ، ولم يزكّ بجهله بالشّرائع ، مدّة جهله ، لأنّ الخطاب إنّما يلزم بالعلم به أو بدليله ، ولم يوجد ، إذ لا دليل عنده على فرض الصّلاة والصّوم .
    وقال الشّافعيّة : لو جهل تحريم الطّعام أو الوطء ، بأن كان قريب عهد بالإسلام ، أو نشأ بعيداً عن العلماء ، لم يفطر ، كما لو غلب عليه القيء .
    والمعتمد عند المالكيّة : أنّ الجاهل بأحكام الصّيام لا كفّارة عليه ، وليس هو كالعامد .
    وقسّم الدّسوقيّ الجاهل إلى ثلاثة :
    فجاهل حرمة الوطء ، وجاهل رمضان ، لا كفّارة عليهما ، وجاهل وجوب الكفّارة - مع علمه بحرمة الفعل - تلزمه الكفّارة .
    وأطلق الحنابلة وجوب الكفّارة ، كما قرّر بعض من المالكيّة ، وصرّحوا بالتّسوية بين العامد والجاهل والمكره والسّاهي والمخطئ .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  11. #26
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..



    خامساً : عوارض الإفطار :
    55 - المراد بالعوارض : ما يبيح عدم الصّوم .
    وهي : المرض ، والسّفر ، والحمل ، والرّضاع ، والهرم ، وإرهاق الجوع والعطش ، والإكراه .
    أوّلاً : المرض :
    56 - المرض هو : كلّ ما خرج به الإنسان عن حدّ الصّحّة من علّة .
    قال ابن قدامة : أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة .
    والأصل فيه قول اللّه تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
    وعن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه قال : » لمّا نزلت هذه الآية : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } كان من أراد أن يفطر ، يفطر ويفتدي ، حتّى أنزلت الآية الّتي بعدها يعني قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } فنسختها « .
    فالمريض الّذي يخاف زيادة مرضه بالصّوم أو إبطاء البرء أو فساد عضو ، له أن يفطر ، بل يسنّ فطره ، ويكره إتمامه ، لأنّه قد يفضي إلى الهلاك ، فيجب الاحتراز عنه .
    ثمّ إنّ شدّة المرض تجيز الفطر للمريض .
    أمّا الصّحيح إذا خاف الشّدّة أو التّعب ، فإنّه لا يجوز له الفطر ، إذا حصل له بالصّوم مجرّد شدّة تعب ، هذا هو المشهور عند المالكيّة ، وإن قيل بجواز فطره .
    وقال الحنفيّة : إذا خاف الصّحيح المرض بغلبة الظّنّ فله الفطر ، فإن خافه بمجرّد الوهم ، فليس له الفطر .
    وقال المالكيّة : إذا خاف حصول أصل المرض بصومه ، فإنّه لا يجوز له الفطر - على المشهور - إذ لعلّه لا ينزل به المرض إذا صام . وقيل : يجوز له الفطر .
    فإن خاف كلّ من المريض والصّحيح الهلاك على نفسه بصومه ، وجب الفطر .
    وكذا لو خاف أذىً شديداً ، كتعطيل منفعة ، من سمع أو بصر أو غيرهما ، لأنّ حفظ النّفس والمنافع واجب ، وهذا بخلاف الجهد الشّديد ، فإنّه يبيح الفطر للمريض ، قيل : والصّحيح أيضاً .
    وقال الشّافعيّة : إنّ المريض - وإن تعدّى بفعل ما أمرضه - يباح له ترك الصّوم ، إذا وجد به ضرراً شديداً ، لكنّهم شرطوا لجواز فطره نيّة التّرخّص - كما قال الرّمليّ واعتمده - وفرّقوا بين المرض المطبق ، وبين المرض المتقطّع : فإن كان المرض مطبقاً ، فله ترك النّيّة في اللّيل .
    وإن كان يحمّ وينقطع ، نظر : فإن كان محموماً وقت الشّروع في الصّوم ، فله ترك النّيّة ، وإلاّ فعليه أن ينوي من اللّيل ، فإن احتاج إلى الإفطار أفطر .
    ومثل ذلك الحصّاد والبنّاء والحارس - ولو متبرّعاً - فتجب عليهم النّيّة ليلاً ، ثمّ إن لحقتهم مشقّة أفطروا .
    قال النّوويّ : ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصّوم ، بل قال أصحابنا : شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصّوم مشقّة يشقّ احتمالها ، وأمّا المرض اليسير الّذي لا يلحق به مشقّة ظاهره فلم يجز له الفطر ، بلا خلاف عندنا ، خلافاً لأهل الظّاهر .
    وخوف الضّرر هو المعتبر عند الحنابلة ، أمّا خوف التّلف بسبب الصّوم فإنّه يجعل الصّوم مكروهاً ، وجزم جماعة بحرمته ، ولا خلاف في الإجزاء ، لصدوره من أهله في محلّه ، كما لو أتمّ المسافر .
    قالوا : ولو تحمّل المريض الضّرر ، وصام معه ، فقد فعل مكروهاً ، لما يتضمّنه من الإضرار بنفسه ، وتركه تخفيفاً من اللّه وقبول رخصته ، لكن يصحّ صومه ويجزئه ، لأنّه عزيمة أبيح تركها رخصةً ، فإذا تحمّله أجزأه ، لصدوره من أهله في محلّه ، كما أتمّ المسافر ، وكالمريض الّذي يباح له ترك الجمعة ، إذا حضرها .
    قال في المبدع : فلو خاف تلفاً بصومه ، كره ، وجزم جماعة بأنّه يحرم . ولم يذكروا خلافاً في الإجزاء .
    ولخصّ ابن جزيّ من المالكيّة أحوال المريض بالنّسبة إلى الصّوم ، وقال : للمريض أحوال: الأولى : أن لا يقدر على الصّوم أو يخاف الهلاك من المرض أو الضّعف إن صام ، فالفطر عليه واجب .
    الثّانية : أن يقدر على الصّوم بمشقّة ، فالفطر له جائز ، وقال ابن العربيّ : مستحبّ . الثّالثة : أن يقدر بمشقّة ، ويخاف زيادة المرض ، ففي وجوب فطره قولان .
    الرّابعة : أن لا يشقّ عليه ، ولا يخاف زيادة المرض ، فلا يفطر عند الجمهور ، خلافاً لابن سيرين .
    ونصّ الشّافعيّة على أنّه إذا أصبح الصّحيح صائماً ، ثمّ مرض ، جاز له الفطر بلا خلاف ، لأنّه أبيح له الفطر للضّرورة ، والضّرورة موجودة ، فجاز له الفطر .
    ثانياً : السّفر :
    57 - يشترط في السّفر المرخّص في الفطر ما يلي :
    أ - أن يكون السّفر طويلاً ممّا تقصر فيه الصّلاة قال ابن رشد : وأمّا المعنى المعقول من إجازة الفطر في السّفر فهو المشقّة ، ولمّا كانت لا توجد في كلّ سفر ، وجب أن يجوز الفطر في السّفر الّذي فيه المشقّة ، ولمّا كان الصّحابة كأنّهم مجمعون على الحدّ في ذلك ، وجب أن يقاس ذلك على الحدّ في تقصير الصّلاة .
    ب - أن لا يعزم المسافر الإقامة خلال سفره مدّة أربعة أيّام بلياليها عند المالكيّة والشّافعيّة، وأكثر من أربعة أيّام عند الحنابلة ، وهي نصف شهر أو خمسة عشر يوماً عند الحنفيّة .
    ج - أن لا يكون سفره في معصية ، بل في غرض صحيح عند الجمهور ، وذلك : لأنّ الفطر رخصة وتخفيف ، فلا يستحقّها عاص بسفره ، بأن كان مبنى سفره على المعصية ، كما لو سافر لقطع طريق مثلاً .
    والحنفيّة يجيزون الفطر للمسافر ، ولو كان عاصياً بسفره ، عملاً بإطلاق النّصوص المرخّصة ، ولأنّ نفس السّفر ليس بمعصية ، وإنّما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره ، والرّخصة تتعلّق بالسّفر لا بالمعصية .
    د - أن يجاوز المدينة وما يتّصل بها ، والبناءات والأفنية والأخبية .
    وذهب عامّة الصّحابة والفقهاء ، إلى أنّ من أدرك هلال رمضان وهو مقيم ، ثمّ سافر ، جاز له الفطر ، لأنّ اللّه تعالى جعل مطلق السّفر سبب الرّخصة ، بقوله : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، ولما ثبت من » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة الفتح في رمضان مسافرًا ، وأفطر « .
    ولأنّ السّفر إنّما كان سبب الرّخصة لمكان المشقّة .
    وحكى النّوويّ عن أبي مخلد التّابعيّ أنّه لا يسافر ، فإن سافر لزمه الصّوم وحرّم الفطر وعن سويد بن غفلة التّابعيّ : أنّه يلزمه الصّوم بقيّة الشّهر ، ولا يمتنع السّفر ، واستدلّ لهما بقوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } .
    حكى الكاسانيّ عن عليّ وابن عبّاس - رضي الله تعالى عنهم - أنّه إذا أهلّ في المصر ، ثمّ سافر ، لا يجوز له أن يفطر .
    واستدلّ لهم بقوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } .
    ولأنّه لمّا استهلّ في الحضر لزمه صوم الإقامة ، وهو صوم الشّهر حتماً ، فهو بالسّفر يريد إسقاطه عن نفسه فلا يملك ذلك ، كاليوم الّذي سافر فيه ، فإنّه لا يجوز له أن يفطر فيه . 58 - وفي وقت جواز الفطر للمسافر ثلاث أحوال :
    الأولى : أن يبدأ السّفر قبل الفجر ، أو يطلع الفجر وهو مسافر ، وينوي الفطر ، فيجوز له الفطر إجماعاً - كما قال ابن جزيّ - لأنّه متّصف بالسّفر ، عند وجود سبب الوجوب . الثّانية : أن يبدأ السّفر بعد الفجر ، بأن يطلع الفجر وهو مقيم ببلده ، ثمّ يسافر بعد طلوع الفجر ، أو خلال النّهار ، فإنّه لا يحلّ له الفطر بإنشاء السّفر بعدما أصبح صائماً ، ويجب عليه إتمام ذلك اليوم ، وهذا مذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو الصّحيح من مذهب الشّافعيّة ، ورواية عن أحمد . وذلك تغليباً لحكم الحضر .
    ومع ذلك لا كفّارة عليه في إفطاره عند الحنفيّة ، وفي المشهور من مذهب المالكيّة ، خلافاً لابن كنانة ، وذلك للشّبهة في آخر الوقت . ولأنّه لمّا سافر بعد الفجر صار من أهل الفطر ، فسقطت عنه الكفّارة .
    والصّحيح عند الشّافعيّة أنّه يحرم عليه الفطر حتّى لو أفطر بالجماع لزمته الكفّارة . والمذهب عند الحنابلة وهو أصحّ الرّوايتين عن أحمد ، وهو ما ذهب إليه المزنيّ وغيره من الشّافعيّة : أنّ من نوى الصّوم في الحضر ، ثمّ سافر في أثناء اليوم ، طوعاً أو كرهاً ، فله الفطر بعد خروجه ومفارقته بيوت قريته العامرة ، وخروجه من بين بنيانها ، واستدلّوا بما يلي :
    ظاهر قوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
    وحديث جابر - رضي الله تعالى عنه - » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكّة عام الفتح فصام حتّى بلغ كراع الغميم ، وصام النّاس معه ، فقيل له : إنّ النّاس قد شقّ عليهم الصّيام ، وإنّ النّاس ينظرون فيما فعلت ، فدعا بقدح من ماء بعد العصر ، فشرب - والنّاس ينظرون إليه - فأفطر بعضهم ، وصام بعضهم ، فبلغه أنّ ناساً صاموا ، فقال : أولئك العصاة « .
    وحديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما قال : » خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح إلى مكّة ، في شهر رمضان ، فصام حتّى مرّ بغدير في الطّريق ، وذلك في نحر الظّهيرة . قال : فعطش النّاس ، وجعلوا يمدّون أعناقهم ، وتتوق أنفسهم إليه . قال : فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء ، فأمسكه على يده ، حتّى رآه النّاس ، ثمّ شرب ، فشرب النّاس « .
    وقالوا : إنّ السّفر مبيح للفطر ، فإباحته في أثناء النّهار كالمرض الطّارئ ولو كان بفعله . وقال الّذين أباحوه من الشّافعيّة : إنّه تغليب لحكم السّفر .
    وقد نصّ الحنابلة ، المؤيّدون لهذا الرّأي على أنّ الأفضل لمن سافر في أثناء يوم نوى صومه إتمام صوم ذلك اليوم ، خروجاً من خلاف من لم يبح له الفطر ، وهو قول أكثر العلماء ، تغليباً لحكم الحضر ، كالصّلاة .
    الثّالثة : أن يفطر قبل مغادرة بلده .
    وقد منع من ذلك الجمهور ، وقالوا : إنّ رخصة السّفر لا تتحقّق بدونه ، كما لا تبقى بدونه، ولمّا يتحقّق السّفر بعد ، بل هو مقيم وشاهد ، وقد قال تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ولا يوصف بكونه مسافراً حتّى يخرج من البلد ، ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين ، ولذلك لا يقصر الصّلاة .
    والجمهور الّذين قالوا بعدم جواز الإفطار في هذه الصّورة ، اختلفوا فيما إذا أكل ، هل عليه كفّارة ؟ فقال مالك : لا . وقال أشهب : هو متأوّل وقال غيرهما : يكفّر .
    وقال ابن جزيّ : فإن أفطر قبل الخروج ، ففي وجوب الكفّارة عليه ثلاثة أقوال : يفرّق في الثّالث بين أن يسافر فتسقط ، أو لا ، فتجب .
    59 - ويتّصل بهذه المسائل في إفطار المسافر : ما لو نوى في سفره الصّوم ليلاً ، وأصبح صائماً ، من غير أن ينقض عزيمته قبل الفجر ، لا يحلّ فطره في ذلك اليوم عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو وجه محتمل عند الشّافعيّة ، ولو أفطر لا كفّارة عليه للشّبهة .
    قال ابن عابدين : وكذا لا كفّارة عليه بالأولى ، لو نوى نهاراً .
    وقال ابن جزيّ : من كان في سفر ، فأصبح على نيّة الصّوم ، لم يجز له الفطر إلاّ بعذر ، كالتّغذّي للقاء العدوّ ، وأجازه مطرّف من غير عذر ، وعلى المشهور : إن أفطر ، ففي وجوب الكفّارة ثلاثة أقوال : يفرّق في الثّالث بين أن يفطر بجماع فتجب ، أو بغيره فلا تجب.
    لكن الّذي في شروح خليل ، وفي حاشية الدّسوقيّ : أنّه إذا بيّت نيّة الصّوم في السّفر وأصبح صائماً فيه ثمّ أفطر ، لزمته الكفّارة سواء أفطر متأوّلاً أم لا . فسأل سحنون ابن القاسم ، عن الفرق بين من بيّت الصّوم في الحضر ثمّ أفطر بعد أن سافر بعد الفجر من غير أن ينويه فلا كفّارة عليه ، وبين من نوى الصّوم في السّفر ثمّ أفطر فعليه الكفّارة ؟ فقال : لأنّ الحاضر من أهل الصّوم ، فسافر فصار من أهل الفطر ، فسقطت عنه الكفّارة ، والمسافر مخيّر فيهما ، فاختار الصّوم وترك الرّخصة ، فصار من أهل الصّيام ، فعليه ما عليهم من الكفّارة .
    والشّافعيّة في المذهب ، والحنابلة قالوا : لو أصبح صائماً في السّفر ، ثمّ أراد الفطر ، جاز من غير عذر ، لأنّ العذر قائم - وهو السّفر - أو لدوام العذر - كما يقول المحلّيّ .
    وممّا استدلّوا به حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما : » ... فصام حتّى مرّ بغدير في الطّريق « .
    وحديث جابر - رضي الله تعالى عنه - » ... فصام حتّى بلغ كراع الغميم « .
    قال ابن قدامة : وهذا نصّ صريح ، لا يعرج على ما خالفه .
    قال النّوويّ : وفيه احتمال لإمام الحرمين ، وصاحب المهذّب : أنّه لا يجوز ، لأنّه دخل في فرض المقيم ، فلا يجوز له التّرخّص برخصة المسافر ، كما لو دخل في الصّلاة بنيّة الإتمام، ثمّ أراد أن يقصر ، وإذا قلنا بالمذهب ، ففي كراهة الفطر وجهان ، وأصحّهما أنّه لا يلزمه ذلك ، للحديث الصّحيح ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك .
    وزاد الحنابلة أنّ له الفطر بما شاء ، من جماع وغيره ، كأكل وشرب ، لأنّ من أبيح له الأكل أبيح له الجماع ، كمن لم ينو ، ولا كفّارة عليه بالوطء ، لحصول الفطر بالنّيّة قبل الجماع ، فيقع الجماع بعده .



    صحّة الصّوم في السّفر :
    60 - ذهب الأئمّة الأربعة ، وجماهير الصّحابة والتّابعين إلى أنّ الصّوم في السّفر جائز صحيح منعقد ، وإذا صام وقع صيامه وأجزأه .
    وروي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنّه غير صحيح ، ويجب القضاء على المسافر إن صام في سفر . وروي القول بكراهته .
    والجمهور من الصّحابة والسّلف ، والأئمّة الأربعة ، الّذين ذهبوا إلى صحّة الصّوم في السّفر، اختلفوا بعد ذلك في أيّهما أفضل ، الصّوم أم الفطر ، أو هما متساويان ؟
    فمذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ، وهو وجه عند الحنابلة ، أنّ الصّوم أفضل ، إذا لم يجهده الصّوم ولم يضعفه ، وصرّح الحنفيّة والشّافعيّة بأنّه مندوب .
    قال الغزاليّ : والصّوم أحبّ من الفطر في السّفر ، لتبرئة الذّمّة ، إلاّ إذا كان يتضرّر به . وقيّد القليوبيّ الضّرر بضرر لا يوجب الفطر .
    واستدلّوا لذلك بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } إلى قوله { وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ } . فقد دلّت الآيات على أنّ الصّوم عزيمة والإفطار رخصة ، ولا شكّ في أنّ العزيمة أفضل ، كما تقرّر في الأصول ، قال ابن رشد : ما كان رخصةً ، فالأفضل ترك الرّخصة . وبحديث أبي الدّرداء المتقدّم قال : » خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ، في حرّ شديد ... ما فينا صائم إلاّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعبد اللّه بن رواحة « .
    وقيّد الحدّاديّ ، صاحب الجوهرة من الحنفيّة ، أفضليّة الصّوم - أيضاً - بما إذا لم تكن عامّة رفقته مفطرين ، ولا مشتركين في النّفقة ، فإن كانوا كذلك ، فالأفضل فطره موافقةً للجماعة .
    ومذهب الحنابلة ، أنّ الفطر في السّفر أفضل ، بل قال الخرقيّ : والمسافر يستحبّ له الفطر قال المرداويّ : وهذا هو المذهب .
    وفي الإقناع : والمسافر سفر قصر يسنّ له الفطر . ويكره صومه ، ولو لم يجد مشقّةً . وعليه الأصحاب ، ونصّ عليه ، سواء وجد مشقّةً أو لا ، وهذا مذهب ابن عمر وابن عبّاس رضي الله عنهم وسعيد والشّعبيّ والأوزاعيّ .
    واستدلّ هؤلاء بحديث جابر رضي الله تعالى عنه : » ليس من البرّ الصّوم في السّفر « وزاد في رواية : » عليكم برخصة اللّه الّذي رخّص لكم فاقبلوها « .
    قال المجد : وعندي لا يكره لمن قوي ، واختاره الآجرّيّ .
    قال النّوويّ والكمال بن الهمام : إنّ الأحاديث الّتي تدلّ على أفضليّة الفطر ، محمولة على من يتضرّر بالصّوم ، وفي بعضها التّصريح بذلك ، ولا بدّ من هذا التّأويل ، ليجمح بين الأحاديث ، وذلك أولى من إهمال بعضها ، أو ادّعاء النّسخ ، من غير دليل قاطع .
    والّذين سوّوا بين الصّوم وبين الفطر ، استدلّوا بحديث عائشة رضي الله عنها : » أنّ حمزة بن عمرو الأسلميّ رضي الله تعالى عنه قال للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أأصوم في السّفر ؟ - وكان كثير الصّيام - فقال : إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر « .
    انقطاع رخصة السّفر :
    61 - تسقط رخصة السّفر بأمرين اتّفاقاً :
    الأوّل : إذا عاد المسافر إلى بلده ، ودخل وطنه ، وهو محلّ إقامته ، ولو كان دخوله بشيء نسيه ، يجب عليه الصّوم ، كما لو قدم ليلاً ، أو قدم قبل نصف النّهار عند الحنفيّة .
    أمّا لو قدم نهاراً ، ولم ينو الصّوم ليلاً ، أو قدم بعد نصف النّهار - عند الحنفيّة ، ولم يكن نوى الصّوم قبلاً - فإنّه يمسك بقيّة النّهار ، على خلاف وتفصيل في وجوب إمساكه . الثّاني : إذا نوى المسافر الإقامة مطلقاً ، أو مدّة الإقامة الّتي تقدّمت في شروط جواز فطر المسافر في مكان واحد ، وكان المكان صالحاً للإقامة ، لا كالسّفينة والمفازة ودار الحرب ، فإنّه يصير مقيماً بذلك ، فيتمّ الصّلاة ، ويصوم ولا يفطر في رمضان ، لانقطاع حكم السّفر . وصرّحوا بأنّه يحرم عليه الفطر - على الصّحيح - لزوال العذر ، وفي قول يجوز له الفطر، اعتباراً بأوّل اليوم .
    قال ابن جزيّ : إنّ السّفر لا يبيح قصراً ولا فطراً إلاّ بالنّيّة والفعل ، بخلاف الإقامة ، فإنّها توجب الصّوم والإتمام بالنّيّة دون الفعل .
    وإذا لم ينو الإقامة لكنّه أقام لقضاء حاجة له ، بلا نيّة إقامة ، ولا يدري متى تنقضي ، أو كان يتوقّع انقضاءها في كلّ وقت ، فإنّه يجوز له أن يفطر ، كما يقصر الصّلاة .
    قال الحنفيّة : ولو بقي على ذلك سنين .
    فإن ظنّ أنّها لا تنقضي إلاّ فوق أربعة أيّام عند الجمهور ، أو خمسة عشر يوماً عند الحنفيّة، فإنّه يعتبر مقيماً ، فلا يفطر ولا يقصر ، إلاّ إذا كان الفرض قتالاً - كما قال الغزاليّ- فإنّه يترخّص على أظهر القولين ، أو دخل المسلمون أرض الحرب أو حاصروا حصناً فيها ، أو كانت المحاصرة للمصر على سطح البحر ، فإنّ لسطح البحر حكم دار الحرب .
    ودليل هذا : » أنّه - صلى الله عليه وسلم - أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصّلاة « ويلاحظ أنّ الفطر كالقصر الّذي نصّوا عليه في صلاة المسافر ، من حيث التّرخّص ، فإنّ المسافر له سائر رخص السّفر .
    ثالثاً : الحمل والرّضاع :
    62 - الفقهاء متّفقون على أنّ الحامل والمرضع لهما أن تفطرا في رمضان ، بشرط أن تخافا على أنفسهما أو على ولدهما المرض أو زيادته ، أو الضّرر أو الهلاك ، فالولد من الحامل بمنزلة عضو منها ، فالإشفاق عليه من ذلك كالإشفاق منه على بعض أعضائها . قال الدّردير : ويجب - يعني الفطر - إن خافتا هلاكاً أو شديد أذىً ، ويجوز إن خافتا عليه المرض أو زيادته .
    ونصّ الحنابلة على كراهة صومهما ، كالمريض .
    ودليل ترخيص الفطر لهما : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } وليس المراد من المرض صورته ، أو عين المرض ، فإنّ المريض الّذي لا يضرّه الصّوم ليس له أن يفطر ، فكان ذكر المرض كنايةً عن أمر يضرّ الصّوم معه ، وهو معنى المرض ، وقد وجد هاهنا ، فيدخلان تحت رخصة الإفطار .
    وصرّح المالكيّة بأنّ الحمل مرض حقيقةً ، والرّضاع في حكم المرض ، وليس مرضاً حقيقةً. وكذلك ، من أدلّة ترخيص الفطر لهما ، حديث أنس بن مالك الكعبيّ رضي الله تعالى عنه أنّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال : » إنّ اللّه وضع عن المسافر الصّوم وشطر الصّلاة ، وعن الحامل أو المرضع الصّوم أو الصّيام « وفي لفظ بعضهم : » عن الحبلى والمرضع « .
    وإطلاق لفظ الحامل يتناول - كما نصّ القليوبيّ - كلّ حمل ، ولو من زنىً وسواء أكانت المرضع أمّاً للرّضيع ، أم كانت مستأجرةً لإرضاع غير ولدها ، في رمضان أو قبله ، فإنّ فطرها جائز ، على الظّاهر عند الحنفيّة ، وعلى المعتمد عند الشّافعيّة ، بل لو كانت متبرّعةً ولو مع وجود غيرها ، أو من زنىً ، جاز لها الفطر مع الفدية .
    وقال بعض الحنفيّة ، كابن الكمال والبهنسيّ : تقيّد المرضع بما إذا تعيّنت للإرضاع ، كالظّئر بالعقد ، والأمّ بأن لم يأخذ ثدي غيرها ، أو كان الأب معسراً ، لأنّه حينئذ واجب عليها ، لكن ظاهر الرّواية خلافه ، وأنّ الإرضاع واجب على الأمّ ديانةً مطلقاً وإن لم تتعيّن ، وقضاءً إذا كان الأب معسراً ، أو كان الولد لا يرضع من غيرها .
    وأمّا الظّئر فلأنّه واجب عليها بالعقد ، ولو كان العقد في رمضان ، خلافاً لمن قيّد الحلّ بالإجارة قبل رمضان .
    كما قال بعض الشّافعيّة كالغزاليّ : يقيّد فطر المرضع ، بما إذا لم تكن مستأجرةً لإرضاع غير ولدها ، أو لم تكن متبرّعةً ، لكن المعتمد المصحّح عندهم خلافه ، قياساً على السّفر فإنّه يستوي في جواز الإفطار به من سافر لغرض نفسه ، وغرض غيره ، بأجرة وغيرها
    .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  12. #27
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    رابعاً : الشّيخوخة والهرم :
    63 - وتشمل الشّيخوخة والهرم ما يلي :
    الشّيخ الفاني ، وهو الّذي فنيت قوّته ، أو أشرف على الفناء ، وأصبح كلّ يوم في نقص إلى أن يموت .
    المريض الّذي لا يرجى برؤه ، وتحقّق اليأس من صحّته .
    العجوز ، وهي المرأة المسنّة .
    قال البهوتيّ : المريض الّذي لا يرجى برؤه في حكم الكبير .
    وقيّد الحنفيّة عجز الشّيخوخة والهرم ، بأن يكون مستمرّاً ، فلو لم يقدرا على الصّوم لشدّة الحرّ مثلاً ، كان لهما أن يفطرا ، ويقضياه في الشّتاء .
    ولا خلاف بين الفقهاء في أنّه لا يلزمهما الصّوم ، ونقل ابن المنذر الإجماع عليه ، وأنّ لهما أن يفطرا ، إذا كان الصّوم يجهدهما ويشقّ عليهما مشقّةً شديدةً .
    قال ابن جزيّ : إنّ الشّيخ والعجوز العاجزين عن الصّوم ، يجوز لهما الفطر إجماعاً ، ولا قضاء عليهما .
    والأصل في شرعيّة إفطار من ذكر :
    أ - قوله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } فقد قيل في بعض وجوه التّأويل : إنّ ( لا ) مضمرة في الآية ، والمعنى : وعلى الّذين لا يطيقونه .
    وقال ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما : الآية ليست بمنسوخة ، وهي للشّيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة ، لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعمان مكان كلّ يوم مسكيناً .
    والآية في محلّ الاستدلال ، حتّى على القول بنسخها ، لأنّها إن وردت في الشّيخ الفاني - كما ذهب إليه بعض السّلف - فظاهر ، وإن وردت للتّخيير فكذلك ، لأنّ النّسخ إنّما يثبت في حقّ القادر على الصّوم ، فبقي الشّيخ الفاني على حاله كما كان .
    ب - والعمومات القاضية برفع الحرج ، كقوله تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } .
    وموجب الإفطار بسبب الشّيخوخة عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة ، وهو قول عند المالكيّة : وجوب الفدية ، ويأتي تفصيله .
    خامساً : إرهاق الجوع والعطش :
    64 - من أرهقه جوع مفرط ، أو عطش شديد ، فإنّه يفطر ويقضي .
    وقيّده الحنفيّة بأمرين :
    الأوّل : أن يخاف على نفسه الهلاك ، بغلبة الظّنّ ، لا بمجرّد الوهم ، أو يخاف نقصان العقل، أو ذهاب بعض الحواسّ ، كالحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما الهلاك أو على أولادهما .
    قال المالكيّة : فإن خاف على نفسه حرّم عليه الصّيام ، وذلك لأنّ حفظ النّفس والمنافع واجب .
    الثّاني : أن لا يكون ذلك بإتعاب نفسه ، إذ لو كان به تلزمه الكفّارة ، وقيل : لا .
    وألحقه بعض الفقهاء بالمريض ، وقالوا : إنّ الخوف على النّفس في معنى المرض .
    وقال القليوبيّ : ومثل المرض غلبة جوع وعطش ، لا نحو صداع ، ووجع أذن وسنّ خفيفة.
    ومثّلوا له بأرباب المهن الشّاقّة ، لكن قالوا : عليه أن ينوي الصّيام ليلاً ، ثمّ إن احتاج إلى الإفطار ، ولحقته مشقّة ، أفطر .
    قال الحنفيّة : المحترف المحتاج إلى نفقته كالخبّاز والحصّاد ، إذا علم أنّه لو اشتغل بحرفته يلحقه ضرر مبيح للفطر ، يحرم عليه الفطر قبل أن تلحقه مشقّة .
    وقال أبو بكر الآجرّيّ من الحنابلة : من صنعته شاقّة ، فإن خاف بالصّوم تلفاً ، أفطر وقضى ، إن ضرّه ترك الصّنعة ، فإن لم يضرّه تركها أثم بالفطر وبتركها ، وإن لم ينتف الضّرر بتركها ، فلا إثم عليه بالفطر للعذر .
    65 - وألحقوا بإرهاق الجوع والعطش خوف الضّعف عن لقاء العدوّ المتوقّع أو المتيقّن كأن كان محيطاً : فالغازي إذا كان يعلم يقيناً أو بغلبة الظّنّ القتال بسبب وجوده بمقابلة العدوّ ، ويخاف الضّعف عن القتال بالصّوم ، وليس مسافراً ، له الفطر قبل الحرب .
    قال في الهنديّة : فإن لم يتّفق القتال فلا كفّارة عليه ، لأنّ في القتال يحتاج إلى تقديم الإفطار، ليتقوّى ولا كذلك المرض .
    وقال البهوتيّ : ومن قاتل عدوّاً ، أو أحاط العدوّ ببلده ، والصّوم يضعفه عن القتال ، ساغ له الفطر بدون سفر نصّاً ، لدعاء الحاجة إليه .
    ولا خلاف بين الفقهاء ، في أنّ المرهق ومن في حكمه ، يفطر ، ويقضي - كما ذكرنا - وإنّما الخلاف بينهم فيما إذا أفطر المرهق ، فهل يمسك بقيّة يومه ، أم يجوز له الأكل ؟
    سادساً : الإكراه :
    66 - الإكراه : حمل الإنسان غيره ، على فعل أو ترك ما لا يرضاه بالوعيد .
    ومذهب الحنفيّة والمالكيّة ، أنّ من أكره على الفطر فأفطر قضى .
    قالوا : إذا أكره الصّائم بالقتل على الفطر ، بتناول الطّعام في شهر رمضان ، وهو صحيح مقيم ، فمرخّص له به ، والصّوم أفضل ، حتّى لو امتنع من الإفطار حتّى قتل ، يثاب عليه ، لأنّ الوجوب ثابت حالة الإكراه ، وأثر الرّخصة في الإكراه هو سقوط المأثم بالتّرك ، لا في سقوط الوجوب ، بل بقي الوجوب ثابتاً ، والتّرك حراماً ، وإذا كان الوجوب ثابتاً ، والتّرك حراماً ، كان حقّ اللّه تعالى قائماً ، فهو بالامتناع بذل نفسه لإقامة حقّ اللّه تعالى ، طلباً لمرضاته ، فكان مجاهداً في دينه ، فيثاب عليه .
    وأمّا إذا كان المكره مريضاً أو مسافراً ، فالإكراه - كما يقول الكاسانيّ - حينئذ مبيح مطلق، في حقّ كلّ منهما ، بل موجب ، والأفضل هو الإفطار ، بل يجب عليه ذلك ، ولا يسعه أن لا يفطر ، حتّى لو امتنع من ذلك ، فقتل ، يأثم . ووجه الفرق : أنّ في الصّحيح المقيم كان الوجوب ثابتاً قبل الإكراه من غير رخصة التّرك أصلاً ، فإذا جاء الإكراه - وهو سبب من أسباب الرّخصة - كان أثره في إثبات رخصة التّرك ، لا في إسقاط الوجوب .
    وأمّا في المريض والمسافر ، فالوجوب مع رخصة التّرك ، كان ثابتاً قبل الإكراه ، فلا بدّ أن يكون للإكراه أثر آخر لم يكن ثابتاً قبله ، وليس ذلك إلاّ إسقاط الوجوب رأساً ، وإثبات الإباحة المطلقة ، فنزل منزلة الإكراه على أكل الميتة ، وهناك يباح له الأكل ، بل يجب عليه، فكذا هنا .
    وفرّق الشّافعيّة بين الإكراه على الأكل أو الشّرب ، وبين الإكراه على الوطء : فقالوا في الإكراه على الأكل : لو أكره حتّى أكل أو شرب لم يفطر ، كما لو أوجر في حلقه مكرهاً ، لأنّ الحكم الّذي ينبني على اختياره ساقط لعدم وجود الاختيار .
    أمّا لو أكره على الوطء زنىً ، فإنّه لا يباح بالإكراه ، فيفطر به ، بخلاف وطء زوجته . واعتمد العزيزيّ الإطلاق ، ووجّهه بأنّ عدم الإفطار ، لشبهة الإكراه ، على الوطء ، والحرمة من جهة الوطء ، فعلى هذا يكون الإكراه على الإفطار مطلقاً بالوطء والأكل والشّرب ، إذا فعله المكره لا يفطر به ، ولا يجب عليه القضاء إلاّ في الإكراه على الإفطار بالزّنى ، فإنّ فيه وجهاً بالإفطار والقضاء عندهم .
    وهذا الإطلاق عند الشّافعيّة ، هو مذهب الحنابلة أيضاً : فلو أكره على الفعل ، أو فعل به ما أكره عليه ، بأن صبّ في حلقه ، مكرهاً أو نائماً ، كما لو أوجر المغمى عليه معالجةً ، لا يفطر ، ولا يجب عليه القضاء ، لحديث : » وما استكرهوا عليه « .
    ملحقات بالعوارض :
    67 - يمكن إلحاق ما يلي ، من الأعذار ، بالعوارض الّتي ذكرها الفقهاء ، وأقرّوها وأفردوا لها أحكاماً كلّما عرضت في الصّوم ، كالحيض والنّفاس والإغماء والجنون والسّكر والنّوم والرّدّة والغفلة .
    وأحكامهما تنظر في مصطلحاتها .
    ما يفسد الصّوم ويوجب القضاء والكفّارة :
    أوّلاً : الجماع عمداً :
    68 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ جماع الصّائم في نهار رمضان عامداً مختاراً بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السّبيلين مفطر يوجب القضاء والكفّارة ، أنزل أو لم ينزل . وفي قول ثان للشّافعيّة لا يجب القضاء ، لأنّ الخلل انجبر بالكفّارة .
    وفي قول ثالث لهم : إن كفّر بالصّوم دخل فيه القضاء ، وإلاّ فلا يدخل فيجب القضاء .
    وعند الحنابلة : إذا جامع في نهار رمضان - بلا عذر - آدميّاً أو غيره حيّاً أو ميّتاً أنزل أم لا فعليه القضاء والكفّارة ، عامداً كان أو ساهياً ، أو جاهلاً أو مخطئاً ، مختاراً أو مكرهاً ، وهذا لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : » بينما نحن جلوس عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل ، فقال : يا رسول اللّه ، هلكت ، قال : ما لك ؟ قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبةً تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . قال : فهل تجد إطعام ستّين مسكيناً ؟ قال : لا . قال : فمكث النّبيّ صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك ، أتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعرَقٍ فيها تمر ، قال : أين السّائل ؟ فقال : أنا ، قال : خذ هذا فتصدّق به ، فقال الرّجل : على أفقر منّي يا رسول اللّه ، فواللّه ما بين لابتيها - يريد الحرّتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتّى بدت أنيابه ، ثمّ قال : أطعمه أهلك « .
    ولا خلاف في فساد صوم المرأة بالجماع لأنّه نوع من المفطرات ، فاستوى فيه الرّجل والمرأة . وإنّما الخلاف في وجوب الكفّارة عليها :
    فمذهب أبي حنيفة ومالك وقول للشّافعيّ ، ورواية عن أحمد وهي المذهب عند الحنابلة ، وجوب الكفّارة عليها أيضاً ، لأنّها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها كالرّجل . وعلّل الحنفيّة وجوبها عليها ، بأنّ السّبب في ذلك هو جناية الإفساد ، لا نفس الوقاع ، وقد شاركته فيها ، وقد استويا في الجناية ، والبيان في حقّ الرّجل بيان في حقّ المرأة ، فقد وجد فساد صوم رمضان بإفطار كامل حرام محض متعمّد ، فتجب الكفّارة عليها بدلالة النّصّ، ولا يتحمّل الرّجل عنها ، لأنّ الكفّارة عبادة أو عقوبة ، ولا يجري فيها التّحمّل . وفي قول للشّافعيّ وهو الأصحّ ، ورواية أخرى عن أحمد : أنّه لا كفّارة عليها ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبةً ، ولم يأمر المرأة بشيء ، مع علمه بوجود ذلك منها . ولأنّ الجماع فعله ، وإنّما هي محلّ الفعل .
    وفي قول للشّافعيّة : تجب ، ويتحمّلها الرّجل .
    وروي عن أحمد : أنّ الزّوج تلزمه كفّارة واحدة عنهما ، وضعّفها بعض الحنابلة بأنّ الأصل عدم التّداخل .
    وقال ابن عقيل من الحنابلة : إن أكرهت المرأة على الجماع في نهار رمضان حتّى مكّنت الرّجل منها لزمتها الكفّارة ، وإن غصبت أو أتيت نائمةً فلا كفّارة عليها .
    ثانياً : الأكل والشّرب عمداً :
    69 - ممّا يوجب القضاء والكفّارة ، عند الحنفيّة والمالكيّة : الأكل والشّرب .
    فإذا أكل الصّائم ، في أداء رمضان أو شرب غذاءً أو دواءً ، طائعاً عامداً ، بغير خطأ ولا إكراه ولا نسيان ، أفطر وعليه الكفّارة .
    وضابطه عند الحنفيّة : وصول ما فيه صلاح بدنه لجوفه ، بأن يكون ممّا يؤكل عادةً على قصد التّغذّي أو التّداوي أو التّلذّذ ، أو ممّا يميل إليه الطّبع ، وتنقضي به شهوة البطن ، وإن لم يكن فيه صلاح البدن ، بل ضرره .
    وشرطوا أيضاً لوجوب الكفّارة : أن ينوي الصّوم ليلاً ، وأن لا يكون مكرهاً ، وأن لا يطرأ عذر شرعيّ لا صنع له فيه ، كمرض وحيض .
    وشرط المالكيّة : أن يكون إفساد صوم رمضان خاصّةً ، عمداً قصداً لانتهاك حرمة الصّوم ، من غير سبب مبيح للفطر .
    وتجب الكفّارة في شرب الدّخان عند الحنفيّة والمالكيّة ، فإنّه ربّما أضرّ البدن ، لكن تميل إليه بعض الطّباع ، وتنقضي به شهوة البطن ، يضاف إلى ذلك أنّه مفتر وحرام ، لحديث أمّ سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : » نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن كلّ مسكر ومفتر « .
    ودليل وجوب الكفّارة على من أكل أو شرب عمداً ، ما ورد في الصّحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً أفطر في رمضان ، أن يعتق رقبةً أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستّين مسكيناً « فإنّه علّق الكفّارة بالإفطار ، وهي وإن كانت واقعة حال لا عموم لها ، لكنّها علّقت بالإفطار ، لا باعتبار خصوص الإفطار ولفظ الرّاوي عامّ ، فاعتبر ، كقوله : » قضى بالشّفعة للجار « .
    ومذهب الشّافعيّة والحنابلة عدم وجوب الكفّارة على من أكل أو شرب عمداً في نهار رمضان أداءً ، وذلك لأنّ النّصّ - وهو حديث الأعرابيّ الّذي وقع على امرأته في رمضان - ورد في الجماع ، وما عداه ليس في معناه .
    ولأنّه لا نصّ في إيجاب الكفّارة بهذا ، ولا إجماع .
    ولا يصحّ قياسه على الجماع ، لأنّ الحاجة إلى الزّجر عنه أمسّ ، والحكمة في التّعدّي به آكد ، ولهذا يجب به الحدّ إذا كان محرّماً .
    ثالثاً : رفع النّيّة :
    70 - وممّا يوجب الكفّارة عند المالكيّة ، ما لو تعمّد رفع النّيّة نهارًا ، كأن يقول وهو صائم : رفعت نيّة صومي ، أو يقول رفعت نيّتي .
    وأولى من ذلك ، رفع النّيّة في اللّيل ، كأن يكون غير ناو للصّوم ، لأنّه رفعها في محلّها فلم تقع النّيّة في محلّها .
    وكذلك تجب الكفّارة عند المالكيّة بالإصباح بنيّة الفطر ، ولو نوى الصّيام بعده ، على الأصحّ كما يقول ابن جزيّ .
    أمّا إن علّق الفطر على شيء ، كأن يقول : إن وجدت طعاماً أكلت فلم يجده ، أو وجده ولم يفطر فلا قضاء عليه .
    أمّا عند الحنابلة - وفي وجه عند الشّافعيّة - فإنّه يجب القضاء بترك النّيّة دون الكفّارة . وعند الحنفيّة ، وفي الوجه الآخر عند الشّافعيّة : لا يجب القضاء .
    ما لا يفسد الصّوم :
    أوّلاً : الأكل والشّرب في حال النّسيان :
    71 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الأكل والشّرب في حال النّسيان لا يفسد الصّوم فرضاً أو نفلاً ، خلافاً للمالكيّة ، كما تقدّم في ف /38.
    ثانياً : الجماع في حال النّسيان :
    72 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة في المذهب ، والحسن البصريّ ومجاهد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر إلى أنّ الجماع في حال النّسيان لا يفطّر قياساً على الأكل والشّرب ناسياً . وذهب المالكيّة في المشهور - وهو ظاهر مذهب الحنابلة - إلى أنّ من جامع ناسياً فسد صومه ، وعليه القضاء فقط عند المالكيّة ، والقضاء والكفّارة عند الحنابلة .
    ثالثاً : دخول الغبار ونحوه حلق الصّائم :
    73 - إذا دخل حلق الصّائم غبار أو ذباب أو دخان بنفسه ، بلا صنعه ، ولو كان الصّائم ذاكراً لصومه ، لم يفطر إجماعاً - كما قال ابن جزيّ - لعدم قدرته على الامتناع عنه ، ولا يمكن الاحتراز منه .
    وكذلك إذا دخل الدّمع حلقه وكان قليلاً نحو القطرة أو القطرتين فإنّه لا يفسد صومه ، لأنّ التّحرّز منه غير ممكن .
    وإن كان كثيراً حتّى وجد ملوحته في جميع فمه وابتلعه فسد صومه .
    رابعاً : الادّهان :
    74 - لو دهن الصّائم رأسه ، أو شاربه لا يضرّه ذلك ، وكذا لو اختضب بحنّاء ، فوجد الطّعم في حلقه لم يفسد صومه ، ولا يجب عليه القضاء ، إذ لا عبرة بما يكون من المسامّ ، وهذا قول الجمهور .
    لكن صرّح الدّردير من المالكيّة ، بأنّ المعروف من المذهب وجوب القضاء .
    خامساً : الاحتلام :
    75 - إذا نام الصّائم فاحتلم لا يفسد صومه ، بل يتمّه إجماعاً ، إذا لم يفعل شيئاً يحرم عليه ويجب عليه الاغتسال .
    وفي الحديث عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: » ثلاث لا يفطرن الصّائم : الحجامة والقيء والاحتلام « .
    ومن أجنب ليلاً ، ثمّ أصبح صائماً ، فصومه صحيح ، ولا قضاء عليه عند الجمهور .
    وقال الحنفيّة : وإن بقي جنباً كلّ اليوم ، وذلك لحديث : عائشة وأمّ سلمة رضي الله تعالى عنهما قالتا : » نشهد على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنباً ، من غير احتلام ثمّ يغتسل ، ثمّ يصوم « .
    قال الشّوكانيّ : وإليه ذهب الجمهور ، وجزم النّوويّ بأنّه استقرّ الإجماع على ذلك ، وقال ابن دقيق العيد : إنّه صار إجماعاً أو كالإجماع .
    وقد أخرج الشّيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّه صلى الله عليه وسلم قال : » من أصبح جنباً فلا صوم له « وحمل على النّسخ أو الإرشاد إلى الأفضل ، وهو : أنّه يستحبّ أن يغتسل قبل الفجر ، ليكون على طهارة من أوّل الصّوم .
    سادساً : البلل في الفم :
    76 - ممّا لا يفسد الصّوم البلل الّذي يبقى في الفم بعد المضمضة ، إذا ابتلعه الصّائم مع الرّيق ، بشرط أن يبصق بعد مجّ الماء ، لاختلاط الماء بالبصاق ، فلا يخرج بمجرّد المجّ ، ولا تشترط المبالغة في البصق ، لأنّ الباقي بعده مجرّد بلل ورطوبة ، لا يمكن التّحرّز عنه .
    سابعاً : ابتلاع ما بين الأسنان :
    77 - ابتلاع ما بين الأسنان ، إذا كان قليلاً ، لا يفسد ولا يفطر ، لأنّه تبع لريقه ، ولأنّه لا يمكن الاحتراز عنه ، بخلاف الكثير فإنّه لا يبقى بين الأسنان ، والاحتراز عنه ممكن . والقليل : هو ما دون الحمّصة ، ولو كان قدرها أفطر .
    ومذهب زفر ، وهو قول للشّافعيّة : فساد الصّوم مطلقاً ، بابتلاع القليل والكثير ، لأنّ الفم له حكم الظّاهر ، ولهذا لا يفسد صومه بالمضمضة - كما قال المرغينانيّ - ولو أكل القليل من خارج فمه أفطر ، فكذا إذا أكل من فمه .
    وللشّافعيّة قول آخر بعدم الإفطار به مطلقاً .
    وشرط الشّافعيّة والحنابلة ، لعدم الإفطار بابتلاع ما بين الأسنان شرطين :
    أوّلهما : أن لا يقصد ابتلاعه .
    والآخر : أن يعجز عن تمييزه ومجّه ، لأنّه معذور فيه غير مفرّط ، فإن قدر عليهما أفطر ، ولو كان دون الحمّصة ، لأنّه لا مشقّة في لفظه ، والتّحرّز عنه ممكن .
    ومذهب المالكيّة : عدم الإفطار بما سبق إلى جوفه من بين أسنانه ، ولو عمداً ، لأنّه أخذه في وقت يجوز له أخذه فيه - كما يقول الدّسوقيّ - وقيل : لا يفطر ، إلاّ إن تعمّد بلعه فيفطر ، أمّا لو سبق إلى جوفه فلا يفطر .
    ثامناً : دم اللّثة والبصاق :
    78 - لو دميت لثته ، فدخل ريقه حلقه مخلوطاً بالدّم ، ولم يصل إلى جوفه ، لا يفطر عند الحنفيّة ، وإن كان الدّم غالباً على الرّيق ، لأنّه لا يمكن الاحتراز منه ، فصار بمنزلة ما بين أسنانه أو ما يبقى من أثر المضمضة ، أمّا لو وصل إلى جوفه ، فإن غلب الدّم فسد صومه، وعليه القضاء ولا كفّارة ، وإن غلب البصاق فلا شيء عليه ، وإن تساويا ، فالقياس أن لا يفسد وفي الاستحسان يفسد احتياطاً .
    ولو خرج البصاق على شفتيه ثمّ ابتلعه ، فسد صومه ، وفي الخانيّة : ترطّبت شفتاه ببزاقه، عند الكلام ونحوه ، فابتلعه ، لا يفسد صومه ، وهذا ما ذهب إليه الحنفيّة .
    ومذهب الشّافعيّة والحنابلة : الإفطار بابتلاع الرّيق المختلط بالدّم ، لتغيّر الرّيق ، والدّم نجس لا يجوز ابتلاعه وإذا لم يتحقّق أنّه بلع شيئاً نجساً لا يفطر ، إذ لا فطر ببلع ريقه الّذي لم تخالطه النّجاسة .
    تاسعاً : ابتلاع النّخامة :
    79 - النّخامة هي : النّخاعة ، وهي ما يخرجه الإنسان من حلقه ، من مخرج الخاء المعجمة .
    قال الفيّوميّ : هكذا قيّده ابن الأثير ، وهكذا قال المطرّزيّ ، وزاد : ما يخرج من الخيشوم عند التّنحنح .
    ومذهب الحنفيّة ، والمعتمد عند المالكيّة : أنّ النّخامة سواء أكانت مخاطاً نازلاً من الرّأس ، أم بلغماً صاعداً من الباطن ، بالسّعال أو التّنحنح - ما لم يفحش البلغم - لا يفطر مطلقاً . وفي نصوص المالكيّة : إنّ البلغم لا يفطر مطلقاً ، ولو وصل إلى طرف اللّسان ، لمشقّته ، خلافاً لخليل ، الّذي رأى الفساد ، فيما إذا أمكن طرحه ، بأن جاوز الحلق ، ثمّ أرجعه وابتلعه ، وأنّ عليه القضاء .
    وفي رواية عن أحمد أنّ ابتلاع النّخامة لا يفطر ، لأنّه معتاد في الفم غير واصل من خارج، فأشبه الرّيق .
    وعند الشّافعيّة هذا التّفصيل :
    إن اقتلع النّخامة من الباطن ، ولفظها فلا بأس بذلك في الأصحّ ، لأنّ الحاجة إليه ممّا يتكرّر، وفي قول : يفطر بها كالاستقاءة .
    ولو صعدت بنفسها ، أو بسعاله ، ولفظها لم يفطر جزماً .
    ولو ابتلعها بعد وصولها إلى ظاهر الفم ، أفطر جزماً .
    وإذا حصلت في ظاهر الفم ، يجب قطع مجراها إلى الحلق ، ومجّها ، فإن تركها مع القدرة على ذلك ، فوصلت إلى الجوف ، أفطر في الأصحّ ، لتقصيره ، وفي قول : لا يفطر ، لأنّه لم يفعل شيئاً ، وإنّما أمسك عن الفعل .
    ولو ابتلعها بعد وصولها إلى ظاهر الفم ، أفطر جزماً .
    ونصّ الحنابلة على أنّه يحرم على الصّائم بلع نخامة ، إذا حصلت في فمه ، ويفطر بها إذا بلعها ، سواء أكانت في جوفه أم صدره ، بعد أن تصل إلى فمه ، لأنّها من غير الفم ، فأشبه القيء ، ولأنّه أمكن التّحرّز منها فأشبه الدّم .
    من أجل هذا الخلاف ، نبّه ابن الشّحنة على أنّه ينبغي إلقاء النّخامة ، حتّى لا يفسد صومه على قول الإمام الشّافعيّ ، وليكون صومه صحيحاً بالاتّفاق لقدرته على مجّها .
    عاشراً : القيء :
    80 - يفرّق بين ما إذا خرج القيء بنفسه ، وبين الاستقاءة .
    وعبّر الفقهاء عن الأوّل ، بما : إذا ذرعه القيء ، أي غلب القيء الصّائم .
    فإذا غلب القيء ، فلا خلاف بين الفقهاء في عدم الإفطار به ، قلّ القيء أم كثر ، بأن ملأ الفم ، وهذا لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: » من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمداً فليقض « .
    أمّا لو عاد القيء بنفسه ، في هذه الحال ، بغير صنع الصّائم ، ولو كان ملء الفم ، مع تذكّر الصّائم للصّوم ، فلا يفسد صومه ، عند محمّد - من الحنفيّة - وهو الصّحيح عندهم ، لعدم وجود الصّنع منه ، ولأنّه لم توجد صورة الفطر ، وهي الابتلاع ، وكذا معناه ، لأنّه لا يتغذّى به عادةً ، بل النّفس تعافه .
    وعند أبي يوسف : يفسد صومه ، لأنّه خارج ، حتّى انتقضت به الطّهارة ، وقد دخل .
    وإن أعاده ، أو عاد قدر حمّصة منه فأكثر ، فسد صومه باتّفاق الحنفيّة ، لوجود الإدخال بعد الخروج ، فتتحقّق صورة الفطر ولا كفّارة فيه .
    وإن كان أقلّ من ملء الفم ، فعاد ، لم يفسد صومه ، لأنّه غير خارج ، ولا صنع له في الإدخال .
    وإن أعاده فكذلك عند أبي يوسف لعدم الخروج ، وعند محمّد يفسد صومه ، لوجود الصّنع منه في الإدخال .
    ومذهب المالكيّة : أنّ المفطر في القيء هو رجوعه ، سواء أكان القيء لعلّة أو امتلاء معدة، قلّ أو كثر ، تغيّر أو لا ، رجع عمداً أو سهواً ، فإنّه مفطر وعليه القضاء .
    ومذهب الحنابلة : أنّه لو عاد القيء بنفسه ، لا يفطر لأنّه كالمكره ، ولو أعاده أفطر ، كما لو أعاد بعد انفصاله عن الفم .
    81 - أمّا الاستقاءة ، وهي : استخراج ما في الجوف عمداً ، أو هي : تكلّف القيء فإنّها مفسدة للصّوم موجبة للقضاء عند جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - مع اختلافهم في الكفّارة .
    وروي عند الحنابلة ، أنّه لا يفطر بالاستقاءة إلاّ بملء الفم ، قال ابن عقيل : ولا وجه لهذه الرّواية عندي .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  13. #28
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    حادي عشر : طلوع الفجر في حالة الأكل أو الجماع :
    82 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب فليلفظه ، ويصحّ صومه . فإن ابتلعه أفطر ، وكذا الحكم عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة فيمن أكل أو شرب ناسياً ثمّ تذكّر الصّوم ، صحّ صومه إن بادر إلى لفظه . وإن سبق شيء إلى جوفه بغير اختياره ، فلا يفطر عند الحنابلة ، وهو الصّحيح عند الشّافعيّة .
    وأمّا المالكيّة فقالوا : إذا وصل شيء من ذلك إلى جوفه - ولو غلبه - أفطر .
    وإذا نزع ، وقطع الجماع عند طلوع الفجر في الحال فمذهب الحنفيّة والشّافعيّة - وأحد قولين للمالكيّة - لا يفسد صومه ، وقيّده القليوبيّ بأن لا يقصد اللّذّة بالنّزع ، وإلاّ بطل صومه ، حتّى لو أمنى بعد النّزع ، لا شيء عليه ، وصومه صحيح ، لأنّه كالاحتلام ، كما يقول الحنفيّة ، ولتولّده من مباشرة مباحة ، كما يقول الشّافعيّة .
    ومشهور مذهب المالكيّة : أنّه لو نزع عند طلوع الفجر ، وأمنى حال الطّلوع - لا قبله ولا بعده - فلا قضاء ، لأنّ الّذي بعده من النّهار والّذي قبله من اللّيل ، والنّزع ليس وطئاً . والقول الآخر للمالكيّة هو وجوب القضاء .
    وسبب هذا الاختلاف عند المالكيّة هو أنّه : هل يعدّ النّزع جماعاً ، أو لا يعدّ جماعاً ؟
    ولهذا قالوا : من طلع عليه الفجر - وهو يجامع - فعليه القضاء ، وقيل : والكفّارة . ومذهب الحنابلة : أنّ النّزع جماع ، فمن طلع عليه الفجر وهو مجامع فنزع في الحال ، مع أوّل طلوع الفجر ، فعليه القضاء والكفّارة ، لأنّه يلتذّ بالنّزع ، كما يلتذّ بالإيلاج ، كما لو استدام بعد طلوع الفجر .
    ولو مكث بعد طلوع الفجر مجامعاً ، بطل صومه ، ولو لم يعلم بطلوعه .
    وفي وجوب الكفّارة في المكث والبقاء ، في هذه الحال ، خلاف : فظاهر الرّواية ، في مذهب الحنفيّة ، والمذهب عند الشّافعيّة عدم وجوب الكفّارة ، لأنّها تجب بإفساد الصّوم ، والصّوم منتف حال الجماع فاستحال إفساده ، فلم تجب الكفّارة .
    أو كما قال النّوويّ : لأنّ مكثه مسبوق ببطلان الصّوم .
    وروي عن أبي يوسف وجوب الكفّارة .
    مكروهات الصّوم :
    83 - يكره للصّائم بوجه عامّ - مع الخلاف - ما يلي :
    أ - ذوق شيء بلا عذر ، لما فيه من تعريض الصّوم للفساد ، ولو كان الصّوم نفلاً ، على المذهب عند الحنفيّة ، لأنّه يحرم إبطال النّفل بعد الشّروع فيه ، وظاهر إطلاق الكراهة يفيد أنّها تحريميّة .
    ومن العذر مضغ الطّعام للولد ، إذا لم تجد الأمّ منه بدّاً ، فلا بأس به ، ويكره إذا كان لها منه بدّ .
    وليس من العذر ، ذوق اللّبن والعسل لمعرفة الجيّد منه والرّديء عند الشّراء ، فيكره ذلك . وكذا ذوق الطّعام ، لينظر اعتداله ، ولو كان لصانع الطّعام .
    لكن نقل عن الإمام أحمد قوله : أحبّ إليّ أن يجتنب ذوق الطّعام ، فإن فعل فلا بأس به ، بل قال بعض الحنابلة : إنّ المنصوص عنه : أنّه لا بأس به لحاجة ومصلحة ، واختاره ابن عقيل وغيره وإلاّ كره .
    وإن وجد طعم المذوق في حلقه أفطر .
    ب - ويكره مضغ العلك ، الّذي لا يتحلّل منه أجزاءً ، فلا يصل منه شيء إلى الجوف . ووجه الكراهة : اتّهامه بالفطر ، سواء أكان رجلاً أم امرأةً ، قال عليّ رضي الله تعالى عنه: إيّاك وما يسبق إلى العقول إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره .
    أمّا ما يتحلّل منه أجزاء ، فيحرم مضغه ، ولو لم يبتلع ريقه ، إقامةً للمظنّة مقام المئنّة ، فإن تفتّت فوصل شيء منه إلى جوفه عمداً أفطر ، وإن شكّ في الوصول لم يفطر .
    ج - تكره القبلة إن لم يأمن على نفسه وقوع مفسد من الإنزال أو الجماع .
    وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( تقبيل ف /17 ) .
    د - ويرى جمهور الفقهاء أنّ المباشرة والمعانقة ودواعي الوطء - كاللّمس وتكرار النّظر- حكمها حكم القبلة فيما تقدّم .
    وخصّ الحنفيّة المباشرة الفاحشة ، بالكراهة التّحريميّة ، وهي - عندهم - أن يتعانقا ، وهما متجرّدان ، ويمسّ فرجه فرجها . ونصّوا على أنّ الصّحيح أنّها تكره ، وإن أمن على نفسه الإنزال والجماع .
    ونقل الطّحاويّ وابن عابدين عدم الخلاف في كراهتها ، وكذلك القبلة الفاحشة ، وهي : أن يمصّ شفتها ، فيكره على الإطلاق .
    هـ - الحجامة ، وهي أيضاً ممّا يكره للصّائم - في الجملة - وهي استخراج الدّم المحقن من الجسم ، مصّاً أو شرطاً .
    ومذهب الجمهور أنّها لا تفطّر الحاجم ولا المحجوم ، ولكنّهم كرهوها بوجه عامّ .
    وقال الحنفيّة : لا بأس بها ، إن أمن الصّائم على نفسه الضّعف ، أمّا إذا خاف الضّعف ، فإنّها تكره ، وشرط شيخ الإسلام الكراهة ، إذا كانت تورث ضعفاً يحتاج معه إلى الفطر . وقال المالكيّة : إنّ المريض والصّحيح ، إذا علمت سلامتهما بالحجامة أو ظنّت ، جازت الحجامة لهما ، وإن علم أو ظنّ عدم السّلامة لهما حرّمت لهما ، وفي حالة الشّكّ تكره للمريض ، وتجوز للصّحيح .
    قالوا : إنّ محلّ المنع إذا لم يخش بتأخيرها عليل هلاكاً أو شديد أذىً ، وإلاّ وجب فعلها وإن أدّت للفطر ، ولا كفّارة عليه .
    وقال الشّافعيّة : يستحبّ الاحتراز من الحجامة ، من الحاجم والمحجوم ، لأنّها تضعفه .
    قال الشّافعيّ في الأمّ : لو ترك رجل الحجامة صائماً للتّوقّي ، كان أحبّ إليّ ، ولو احتجم لم أره يفطره .
    ونقل النّوويّ عن الخطّابيّ ، أنّ المحجوم قد يضعف فتلحقه مشقّة ، فيعجز عن الصّوم فيفطر بسببها ، والحاجم قد يصل إلى جوفه شيء من الدّم .
    ودليل عدم الإفطار بالحجامة ، حديث : ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما : » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم ، واحتجم وهو صائم « .
    ودليل كراهة الحجامة حديث ثابت البنانيّ أنّه قال لأنس بن مالك : » أكنتم تكرهون الحجامة للصّائم على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ، إلاّ من أجل الضّعف « .
    وقالوا أيضاً : إنّه دم خارج من البدن ، فأشبه الفصد .
    ومذهب الحنابلة أنّ الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم ، لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » أفطر الحاجم والمحجوم « .
    قال المرداويّ : ولا نعلم أحداً من الأصحاب ، فرّق - في الفطر وعدمه - بين الحاجم والمحجوم .
    قال الشّوكانيّ : يجمع بين الأحاديث ، بأنّ الحجامة مكروهة في حقّ من كان يضعف بها ، وتزداد الكراهة إذا كان الضّعف يبلغ إلى حدّ يكون سبباً للإفطار ، ولا تكره في حقّ من كان لا يضعف بها ، وعلى كلّ حال تجنّب الحجامة للصّائم أولى .
    أمّا الفصد ، فقد نصّ الحنفيّة على كراهته ، كالحجامة ، وكراهة كلّ عمل شاقّ ، وكلّ ما يظنّ أنّه يضعف عن الصّوم ، وكذلك صرّح المالكيّة والشّافعيّة بأنّ الفصادة كالحجامة .
    غير أنّ الحنابلة الّذين قالوا ، بالفطر في الحجامة ، قالوا : لا فطر بفصد وشرط ، ولا بإخراج دمه برعاف ، لأنّه لا نصّ فيه ، والقياس لا يقتضيه .
    وفي قول لهم - اختاره الشّيخ تقيّ الدّين - إفطار المفصود دون الفاصد ، كما اختار إفطار الصّائم ، بإخراج دمه ، برعاف وغيره .
    و - وتكره المبالغة في المضمضة والاستنشاق في الصّوم .
    ففي المضمضة : بإيصال الماء إلى رأس الحلق ، وفي الاستنشاق : بإيصاله إلى فوق المارن .
    وذلك لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له : » بالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائماً « ، وذلك خشية فساد صومه .
    ومن المكروهات الّتي عدّدها المالكيّة : فضول القول والعمل ، وإدخال كلّ رطب له طعم - في فمه - وإن مجّه ، والإكثار من النّوم في النّهار .
    وللحنفيّة تفصيل في الاستقاءة :
    أ - فإن كانت عمداً ، والصّائم متذكّر لصومه ، غير ناس ، والقيء ملء فمه ، فعليه القضاء للحديث المذكور ، والقياس متروك به ، ولا كفّارة فيه لعدم صورة الفطر .
    ب - وإن كان أقلّ من ملء الفم ، فكذلك عند محمّد ، يفسد صومه ، لإطلاق الحديث ، وهو ظاهر الرّواية .
    وعند أبي يوسف لا يفسد ، لعدم الخروج حكماً ، قالوا : وهو الصّحيح ، ثمّ إن عاد بنفسه لم يفسد عنده ، لعدم سبق الخروج ، وإن أعاده فعنه : أنّه لا يفسد لعدم الخروج ، وهي أصحّ الرّوايتين عنه .
    ونصّ الحنفيّة على أنّ هذا كلّه إذا كان القيء طعاماً ، أو مرّةً فإن كان الخارج بلغماً ، فغير مفسد للصّوم ، عند أبي حنيفة ومحمّد ، خلافاً لأبي يوسف

    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  14. #29
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    ما لا يكره في الصّوم :
    84 - لا يكره للصّائم - في الجملة - ما يلي ، مع الخلاف في بعضها :
    أ - الاكتحال غير مكروه عند الحنفيّة والشّافعيّة ، بل أجازوه ، ونصّوا على أنّه لا يفطر به الصّائم ولو وجد طعمه في حلقه ، قال النّوويّ : لأنّ العين ليست بجوف ، ولا منفذ منها إلى الحلق .
    واحتجّوا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : » اكتحل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو صائم « ، وحديث أنس رضي الله تعالى عنه قال : » جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : اشتكت عيني ، أفأكتحل وأنا صائم ؟ قال : نعم « .
    وتردّد المالكيّة في الاكتحال ، فقالوا : إن كان لا يتحلّل منه شيء لم يفطر ، وإن تحلّل منه شيء أفطر . وقال أبو مصعب : لا يفطر . ومنعه ابن القاسم مطلقاً .
    وقال أبو الحسن : إن تحقّق أنّه يصل إلى حلقه ، لم يكن له أن يفعله ، وإن شكّ كره ، ولْيَتَمَادَ - أي يستمرّ في صومه - وعليه القضاء ، فإن علم أنّه لا يصل ، فلا شيء عليه . وقال مالك في المدوّنة : إذا دخل حلقه ، وعلم أنّه قد وصل الكحل إلى حلقه ، فعليه القضاء ولا كفّارة عليه . وإن تحقّق عدم وصوله للحلق لا شيء عليه ، كاكتحاله ليلاً وهبوطه نهاراً للحلق ، لا شيء عليه في شيء من ذلك .
    وهذا أيضاً مذهب الحنابلة ، فقد قالوا : إذا اكتحل بما يصل إلى حلقه ويتحقّق الوصول إليه فسد صومه ، وهذا الصّحيح من المذهب .
    واستدلّوا بأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » أمر بالإثمد المروّح عند النّوم ، وقال : ليتّقه الصّائم « ولأنّ العين منفذ ، لكنّه غير معتاد ، وكالواصل من الأنف .
    واختار الشّيخ تقيّ الدّين أنّه لا يفطر بذلك .
    ب - التّقطير في العين ، ودهن الأجفان ، أو وضع دواء مع الدّهن في العين لا يفسد الصّوم، لأنّه لا ينافيه وإن وجد طعمه في حلقه ، وهو الأصحّ عند الحنفيّة ، والظّاهر من كلام الشّافعيّة أنّهم يوافقون الحنفيّة .
    وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ التّقطير في العين مفسد للصّوم إذا وصل إلى الحلق ، لأنّ العين منفذ وإن لم يكن معتاداً .
    ج - دهن الشّارب ونحوه ، كالرّأس والبطن ، لا يفطر بذلك عند الحنفيّة والشّافعيّة ، ولو وصل إلى جوفه بشرب المسامّ ، لأنّه لم يصل من منفذ مفتوح ، ولأنّه ليس فيه شيء ينافي الصّوم ، ولأنّه - كما يقول المرغينانيّ - : نوع ارتفاق ، وليس من محظورات الصّوم . لكن المالكيّة قالوا : من دهن رأسه نهاراً ، ووجد طعمه في حلقه ، أو وضع حنّاء في رأسه نهاراً ، فاستطعمها في حلقه ، فالمعروف في المذهب وجوب القضاء وإن قال الدّردير : لا قضاء عليه ، والقاعدة عندهم : وصول مائع للحلق ، ولو كان من غير الفم ، مع أنّهم قالوا: لا قضاء في دهن جائفة ، وهي : الجرح النّافذ للجوف ، لأنّه لا يدخل مدخل الطّعام .
    د - الاستياك ، لا يرى الفقهاء بالاستياك بالعود اليابس أوّل النّهار بأساً ، ولا يكره عند الحنفيّة والمالكيّة بعد الزّوال ، وهو وجه عند الشّافعيّة في النّفل ، ليكون أبعد من الرّياء ، ورواية عند الحنابلة آخر النّهار . بل صرّح الأوّلون بسنّيّته آخر النّهار وأوّله ، وذلك لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » من خير خصال الصّائم السّواك « .
    ولقول عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه : » رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي ، يتسوّك وهو صائم « .
    وقد أطلقت هذه الأحاديث السّواك ، فيسنّ ولو كان رطباً ، أو مبلولاً بالماء ، خلافاً لأبي يوسف في رواية كراهة الرّطب ، ولأحمد في رواية كراهة المبلول بالماء ، لاحتمال أن يتحلّل منه أجزاء إلى حلقه ، فيفطّره ، وروي عن أحمد أنّه لا يكره .
    وشرط المالكيّة لجوازه أن لا يتحلّل منه شيء ، فإن تحلّل منه شيء كره ، وإن وصل إلى الحلق أفطر .
    وذهب الشّافعيّة إلى سنّيّة ترك السّواك بعد الزّوال ، وإذا استاك فلا فرق بين الرّطب واليابس ، بشرط أن يحترز عن ابتلاع شيء منه أو من رطوبته .
    واستحبّ أحمد ترك السّواك بالعشيّ ، وقال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » خلوف فم الصّائم أطيب عند اللّه من ريح المسك الأذفر « لتلك الرّائحة لا يعجبني للصّائم أن يستاك بالعشيّ .
    وعنه روايتان في الاستياك بالعود الرّطب :
    إحداهما : الكراهة - كما تقدّم - والأخرى : أنّه لا يكره ، قال ابن قدامة : ولم ير أهل العلم بالسّواك أوّل النّهار بأساً ، إذا كان العود يابساً .
    هـ - المضمضة والاستنشاق في غير الوضوء والغسل لا يكره ذلك ولا يفطر .
    وقيّده المالكيّة بما إذا كان لعطش ونحوه ، وكرهوه لغير موجب ، لأنّ فيه تغريراً ومخاطرةً، وذلك لاحتمال سبق شيء من الماء إلى الحلق ، فيفسد الصّوم حينئذ .
    وفي الحديث عن عمر رضي الله تعالى عنه : » أنّه سأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن القبلة للصّائم ؟ فقال : أرأيت لو مضمضت من الماء وأنت صائم ؟ قلت : لا بأس ، قال : فمه « .
    ولأنّ الفم في حكم الظّاهر ، لا يبطل الصّوم بالواصل إليه كالأنف والعين .
    ومع ذلك ، فقد قال ابن قدامة : إنّ المضمضة ، إن كانت لحاجة كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه ، فحكمه حكم المضمضة للطّهارة ، وإن كان عابثاً ، أو مضمض من أجل العطش كره .
    ولا بأس أن يصبّ الماء على رأسه من الحرّ والعطش ، لما روي عن بعض أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : » لقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالعرج ، يصبّ الماء على رأسه وهو صائم ، من العطش ، أو من الحرّ « .
    وكذا التّلفّف بثوب مبتلّ للتّبرّد ودفع الحرّ على المفتى به - عند الحنفيّة - لهذا الحديث ، ولأنّ بهذه عوناً له على العبادة ، ودفعاً للضّجر والضّيق .
    وكرهها أبو حنيفة ، لما فيها من إظهار الضّجر في إقامة العبادة .
    و - اغتسال الصّائم ، فلا يكره ، ولا بأس به حتّى للتّبرّد ، عند الحنفيّة وذلك لما روي عن عائشة وأمّ سلمة رضي الله تعالى عنهما قالتا : » نشهد على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنباً ، من غير احتلام ، ثمّ يغتسل ثمّ يصوم « .
    وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما أنّه دخل الحمّام وهو صائم هو وأصحاب له في شهر رمضان .
    وأمّا الغوص في الماء ، إذا لم يخف أن يدخل في مسامعه ، فلا بأس به ، وكرهه بعض الفقهاء حال الإسراف والتّجاوز أو العبث ، خوف فساد الصّوم .
    الآثار المترتّبة على الإفطار :
    85 - حصر الفقهاء الآثار المترتّبة على الإفطار في أمور ، منها : القضاء ، والكفّارة الكبرى ، والكفّارة الصّغرى - وهذه هي الفدية - والإمساك بقيّة النّهار ، وقطع التّتابع ، والعقوبة .
    أوّلاً : القضاء :
    86 - من أفطر أيّاماً من رمضان - كالمريض والمسافر - قضى بعدّة ما فاته ، لأنّ القضاء يجب أن يكون بعدّة ما فاته ، لقوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
    ومن فاته صوم رمضان كلّه ، قضى الشّهر كلّه ، سواء ابتدأه من أوّل الشّهر أو من أثنائه ، كأعداد الصّلوات الفائتة .
    قال الأبيّ : القضاء لما فات من رمضان بالعدد : فمن أفطر رمضان كلّه ، وكان ثلاثين ، وقضاه في شهر بالهلال ، وكان تسعةً وعشرين يوماً ، صام يوماً آخر . وإن فاته صوم رمضان وهو تسعة وعشرون يوماً ، وقضاه في شهر - وكان ثلاثين يوماً - فلا يلزمه صوم اليوم الأخير ، لقوله تعالى : { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
    وقال ابن وهب : إن صام بالهلال ، كفاه ما صامه ، ولو كان تسعةً وعشرين ، ورمضان ثلاثين .
    وكذا قال القاضي من الحنابلة : إن قضى شهراً هلاليّاً أجزأه ، سواء كان تامّاً أو ناقصاً وإن لم يقض شهراً ، صام ثلاثين يوماً . وهو ظاهر كلام الخرقيّ .
    قال المجد : وهو ظاهر كلام الإمام أحمد وقال : هو أشهر .
    ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف ، ويجوز عكسه ، بأن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء ، وهذا لعموم الآية المذكورة وإطلاقها .
    وقضاء رمضان يكون على التّراخي . لكن الجمهور قيّدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه ، بأن يهلّ رمضان آخر ، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها : » كان يكون عليّ الصّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان ، لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم « . كما لا يؤخّر الصّلاة الأولى إلى الثّانية .
    ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر ، من غير عذر يأثم به ، لحديث عائشة هذا ، فإن أخّر فعليه الفدية : إطعام مسكين لكلّ يوم ، لما روي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتّى أدركه رمضان آخر : عليه القضاء وإطعام مسكين لكلّ يوم ، وهذه الفدية للتّأخير ، أمّا فدية المرضع ونحوها فلفضيلة الوقت ، وفدية الهرم لأصل الصّوم ، ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده .
    ومذهب الحنفيّة ، وهو وجه محتمل عند الحنابلة : إطلاق التّراخي بلا قيد ، فلو جاء رمضان آخر ، ولم يقض الفائت ، قدّم صوم الأداء على القضاء ، حتّى لو نوى الصّوم عن القضاء لم يقع إلاّ عن الأداء ، ولا فدية عليه بالتّأخير إليه ، لإطلاق النّصّ ، وظاهر قوله تعالى : { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
    وعند غير الحنفيّة يحرم التّطوّع بالصّوم قبل قضاء رمضان ، ولا يصحّ تطوّعه بالصّوم قبل قضاء ما عليه من رمضان ، بل يبدأ بالفرض حتّى يقضيه ، وإن كان عليه نذر صامه بعد الفرض ، لأنّ الصّوم عبادة متكرّرة ، فلم يجز تأخير الأولى عن الثّانية ، كالصّلوات المفروضة .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

  15. #30
    التسجيل
    28-08-2004
    الدولة
    معشوقتي مصر
    المشاركات
    2,404

    مشاركة: المـجـلـة الـرمـضـانـيـة 1426 هـ ..

    مسائل تتعلّق بالقضاء :
    الأولى :
    87 - إن أخّر قضاء رمضان - وكذا النّذر والكفّارة - لعذر ، بأن استمرّ مرضه أو سفره المباح إلى موته ، ولم يتمكّن من القضاء ، فلا شيء عليه ، ولا تدارك للغائب بالفدية ولا بالقضاء ، لعدم تقصيره ، ولا إثم به ، لأنّه فرض لم يتمكّن منه إلى الموت ، فسقط حكمه ، كالحجّ ، ولأنّه يجوز تأخير رمضان بهذا العذر أداءً ، فتأخير القضاء أولى ، كما يقول النّوويّ .
    وسواء استمرّ العذر إلى الموت ، أم حصل الموت في رمضان ، ولو بعد زوال العذر كما قال الشّربينيّ الخطيب .
    وقال أبو الخطّاب : يحتمل أن يجب الصّوم عنه أو التّكفير
    الثّانية :
    88 - لو أفطر بعذر واتّصل العذر بالموت فقد اتّفق الفقهاء على أنّه لا يصام عنه ولا كفّارة فيه ، لأنّه فرض لم يتمكّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه ، كالحجّ .
    أمّا إذا زال العذر وتمكّن من القضاء ، ولم يقض حتّى مات ففيه تفصيل :
    فذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في المذهب ، وهو الأصحّ والجديد عند الشّافعيّة - إلى أنّه لا يصام عنه ، لأنّ الصّوم واجب بأصل الشّرع لا يقضى عنه ، لأنّه لا تدخله النّيابة في الحياة فكذلك بعد الممات كالصّلاة .
    وذهب الشّافعيّة في القديم ، وهو المختار عند النّوويّ ، وهو قول أبي الخطّاب من الحنابلة إلى أنّه يجوز لوليّه أن يصوم عنه ، زاد الشّافعيّة : ويصحّ ذلك ، ويجزئه عن الإطعام ، وتبرأ به ذمّة الميّت ولا يلزم الوليّ الصّوم بل هو إلى خيرته ، لحديث عائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » من مات وعليه صيام صام عنه وليّه « .
    أمّا في وجوب الفدية فقد اختلفوا فيه على النّحو التّالي :
    قال الحنفيّة : لو أخّر قضاء رمضان بغير عذر ، ثمّ مات قبل رمضان آخر أو بعده ، ولم يقض لزمه الإيصاء بكفّارة ما أفطره بقدر الإقامة من السّفر والصّحّة من المرض وزوال العذر ، ولا يجب الإيصاء بكفّارة ما أفطره على من مات قبل زوال العذر .
    وذهب الشّافعيّة - في الجديد - إلى أنّه يجب في تركته لكلّ يوم مدّ من طعام .
    وذهب الحنابلة في المذهب إلى الإطعام عنه لكلّ يوم مسكيناً .
    والظّاهر من مذهب المالكيّة : وجوب مدّ عن كلّ يوم أفطره إذا فرّط ، بأن كان صحيحاً مقيماً خالياً من الأعذار .
    ثانياً : الكفّارة الكبرى :
    89 - ثبتت الكفّارة الكبرى بالنّصّ في حديث الأعرابيّ الّذي واقع زوجته في نهار رمضان . ولا خلاف بين الفقهاء في وجوبها بإفساد الصّوم بالوقاع في الجملة ، وإنّما الخلاف في وجوبها بإفساده بالطّعام والشّراب : فتجب - في الجملة أيضاً - بإفساد صوم رمضان خاصّةً ، طائعاً متعمّداً غير مضطرّ ، قاصداً انتهاك حرمة الصّوم ، من غير سبب مبيح للفطر .
    وقال الحنفيّة : إنّما يكفّر إذا نوى الصّيام ليلاً ، ولم يكن مكرهاً ، ولم يطرأ مسقط ، كمرض وحيض .
    فلا كفّارة في الإفطار في غير رمضان ، ولا كفّارة على النّاسي والمكره - عند الجمهور - ولا على النّفساء والحائض والمجنون ، ولا على المريض والمسافر ، ولا على المرهق بالجوع والعطش ، ولا على الحامل ، لعذرهم .
    ولا على المرتدّ ، لأنّه هتك حرمة الإسلام ، لا حرمة الصّيام خصوصاً .
    فتجب بالجماع عمداً، لا ناسياً - خلافاً لأحمد وابن الماجشون من المالكيّة - وتجب بالأكل والشّرب عمداً ، خلافاً للشّافعيّ وأحمد ، وتقدّمت موجبات أخرى مختلف فيها ، كالإصباح بنيّة الفطر ، ورفض النّيّة نهاراً والاستقاء العامد ، وابتلاع ما لا يغذّي عمداً .
    أمّا خصال الكفّارة فهي : العتق والصّيام والإطعام ، وهذا بالاتّفاق بين الفقهاء ، لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : » بينما نحن جلوس عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل ، فقال : يا رسول اللّه ، هلكت ، قال : ما لك ؟ قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبةً تعتقها ؟ قال : لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا ، قال : فهل تجد إطعام ستّين مسكيناً ؟ قال : لا ، قال : فمكث النّبيّ صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك ، أتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ فيها تمر ، قال : أين السّائل ؟ فقال : أنا ، قال : خذ هذا فتصدّق به ، فقال الرّجل : على أفقر منّي يا رسول اللّه ، فواللّه ما بين لابتيها - يريد الحرّتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي ، فضحك النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتّى بدت أنيابه ، ثمّ قال : أطعمه أهلك « .
    قال ابن تيميّة الجدّ في تعليقه على هذا الحديث : وفيه دلالة قويّة على التّرتيب .
    قالوا : فكفّارته ككفّارة الظّهار ، لكنّها ثابتة بالكتاب ، وأمّا هذه فبالسّنّة .
    وقال الشّوكانيّ : ظاهر الحديث أنّ الكفّارة بالخصال الثّلاث على التّرتيب .
    قال ابن العربيّ : لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نقله من أمر بعد عدمه إلى أمر آخر ، وليس هذا شأن التّخيير .
    وقال البيضاويّ : إنّ ترتيب الثّاني على الأوّل ، والثّالث على الثّاني ، بالفاء يدلّ على عدم التّخيير ، مع كونها في معرض البيان وجواب السّؤال ، فنزل منزلة الشّرط وإلى القول بالتّرتيب ذهب الجمهور . وأنّها ككفّارة الظّهار : فيعتق أوّلاً ، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع أطعم ستّين مسكيناً ، لهذا الحديث .
    ثالثاً : الكفّارة الصّغرى :
    90 - الكفّارة الصّغرى : هي الفدية ، وتقدّم أنّها مدّ من طعام لمسكين إذا كان من البرّ ، أو نصف صاع إذا كان من غيره ، وذلك عن كلّ يوم ، وهي عند الحنفيّة كالفطرة قدراً ، وتكفي فيها الإباحة ، ولا يشترط التّمليك هنا ، بخلاف الفطرة .
    وتجب على من أخّر قضاء رمضان حتّى دخل رمضان آخر ، وعلى الحامل والمرضع والشّيخ الهرم .
    وينظر التّفصيل في مصطلح : ( فدية ) .
    رابعاً : الإمساك لحرمة شهر رمضان :
    91 - من لوازم الإفطار في رمضان : الإمساك لحرمة الشّهر ، قال النّوويّ : وهو من خواصّ رمضان ، كالكفّارة ، فلا إمساك على متعدّ بالفطر ، وفي نذر أو قضاء وفيه خلاف وتفصيل وتفريع في المذاهب الفقهيّة :
    فالحنفيّة وضعوا أصلين لهذا الإمساك :
    أوّلهما : أنّ كلّ من صار في آخر النّهار بصفة ، لو كان في أوّل النّهار عليها للزمه الصّوم، فعليه الإمساك .
    ثانيهما : كلّ من وجب عليه الصّوم ، لوجود سبب الوجوب والأهليّة ، ثمّ تعذّر عليه المضيّ، بأن أفطر متعمّداً ، أو أصبح يوم الشّكّ مفطراً ، ثمّ تبيّن أنّه من رمضان ، أو تسحّر على ظنّ أنّ الفجر لم يطلع ، ثمّ تبيّن طلوعه ، فإنّه يجب عليه الإمساك تشبّهاً على الأصحّ ، لأنّ الفطر قبيح ، وترك القبيح واجب شرعاً ، وقيل : يستحبّ .
    وأجمع الحنفيّة على أنّه لا يجب على الحائض والنّفساء والمريض والمسافر هذا الإمساك . وأجمعوا على وجوبه على من أفطر عمداً ، أو خطأً ، أو أفطر يوم الشّكّ ثمّ تبيّن أنّه من رمضان ، وكذا على مسافر أقام ، وحائض ونفساء طهرتا ، ومجنون أفاق ، ومريض صحّ، ومفطر ولو مكرهاً أو خطأً ، وصبيّ بلغ ، وكافر أسلم .
    وقال ابن جزيّ من المالكيّة : وأمّا إمساك بقيّة اليوم ، فيؤمر به من أفطر في رمضان خاصّةً ، عمداً أو نسياناً ، لا من أفطر لعذر مبيح ثمّ زال العذر مع العلم برمضان ، فإنّه لا يندب له الإمساك ، كمن اضطرّ للفطر في رمضان ، من شدّة جوع أو عطش فأفطر ، وكحائض ونفساء طهرتا نهاراً ، ومريض صحّ نهاراً ، ومرضع مات ولدها ، ومسافر قدم ، ومجنون أفاق ، وصبيّ بلغ نهاراً ، فلا يندب الإمساك منهم .
    وقيّد العلم برمضان ، احتراز عمّن أفطر ناسياً ، وعمّن أفطر يوم الشّكّ ثمّ ثبت أنّه من رمضان ، فإنّه يجب الإمساك ، كصبيّ بيّت الصّوم ، واستمرّ صائماً حتّى بلغ ، فإنّه يجب عليه الإمساك ، لانعقاد صومه له نافلةً ، أو أفطر ناسياً قبل بلوغه فيجب عليه بعد الإمساك، وإن لم يجب القضاء على الصّبيّ في هاتين الصّورتين .
    ونصّوا كذلك على أنّ من أكره على الفطر ، فإنّه يجب عليه الإمساك ، بعد زوال الإكراه قالوا : لأنّ فعله قبل زوال العذر ، لا يتّصف بإباحة ولا غيرها .
    ونصّوا على أنّه يندب إمساك بقيّة اليوم لمن أسلم ، لتظهر عليه علامة الإسلام بسرعة ، ولم يجب ، تأليفاً له للإسلام ، كما ندب قضاؤه ، ولم يجب لذلك .
    والشّافعيّة بعد أن نصّوا على أنّ الإمساك تشبّهاً من خواصّ رمضان ، كالكفّارة ، وأنّ من أمسك تشبّهاً ليس في صوم وضعوا هذه القاعدة ، وهي : أنّ الإمساك يجب على كلّ متعدّ بالفطر في رمضان ، سواء أكل أو ارتدّ أو نوى الخروج من الصّوم - وقلنا إنّه يخرج بذلك- كما يجب على من نسي النّيّة من اللّيل ، وهو غير واجب على من أبيح له الفطر إباحةً حقيقيّةً ، كالمسافر إذا قدم ، والمريض إذا برئ بقيّة النّهار .
    ونظروا بعد ذلك في هذه الأحوال :
    المريض والمسافر ، اللّذان يباح لهما الفطر ، لهما ثلاثة أحوال :
    الأولى : أن يصبحا صائمين ، ويدوما كذلك إلى زوال العذر ، فالمذهب لزوم إتمام الصّوم . الثّانية : أن يزول العذر بعد ما أفطر ، فلا يجب الإمساك ، لكن يستحبّ لحرمة الوقت - كما يقول المحلّيّ - فإن أكلا أخفياه ، لئلاّ يتعرّضا للتّهمة وعقوبة السّلطان ، ولهما الجماع بعد زوال العذر ، إذا لم تكن المرأة صائمةً ، بأن كانت صغيرةً ، أو طهرت من الحيض ذلك اليوم .
    الثّالثة : أن يصبحا غير ناويين ، ويزول العذر قبل أن يأكلا ، ففي المذهب قولان :
    لا يلزمهما الإمساك في المذهب ، لأنّ من أصبح تاركاً للنّيّة فقد أصبح مفطراً ، فكان كما لو أكل وقيل : يلزمهما الإمساك حرمةً لليوم .
    وإذا أصبح يوم الشّكّ مفطراً غير صائم ، ثمّ ثبت أنّه من رمضان ، فقضاؤه واجب ، ويجب إمساكه على الأظهر ، وقيل : لا يلزمه ، لعذره .
    أمّا لو بان أنّه من رمضان قبل الأكل : فقد حكى المتولّي في لزوم الإمساك القولين ، وجزم الماورديّ وجماعة بلزومه .
    قال القليوبيّ وهو المعتمد .
    وإذا بلغ صبيّ مفطراً أو أفاق مجنون ، أو أسلم كافر أثناء يوم من رمضان ففيه أوجه : أصحّها أنّه لا يلزمهم إمساك بقيّة النّهار لأنّه يلزمهم قضاؤه ، والثّاني : أنّه يلزمهم ، بناءً على لزوم القضاء .
    والثّالث : يلزم الكافر دونهما ، لتقصيره .
    والرّابع : يلزم الكافر والصّبيّ لتقصيرهما ، أو لأنّهما مأموران على الجملة - كما يقول الغزاليّ - دون المجنون .
    قال المحلّيّ : لو بلغ الصّبيّ بالنّهار صائماً ، بأن نوى ليلاً ، وجب عليه إتمامه بلا قضاء ، وقيل : يستحبّ إتمامه ، ويلزمه القضاء ، لأنّه لم ينو الفرض .
    والحائض والنّفساء إذا طهرتا في أثناء النّهار ، فالمذهب أنّه لا يلزمهما الإمساك ، ونقل الإمام الاتّفاق عليه .
    وفي مذهب الحنابلة هذه القاعدة بفروعها :
    من صار في أثناء يوم من رمضان أهلاً للوجوب لزمه إمساك ذلك اليوم وقضاؤه لحرمة الوقت ، ولقيام البيّنة فيه بالرّؤية ، ولإدراكه جزءاً من وقته كالصّلاة .
    وكذا كلّ من أفطر والصّوم يجب عليه ، فإنّه يلزمه الإمساك والقضاء ، كالفطر لغير عذر ، ومن أفطر يظنّ أنّ الفجر لم يطلع وكان قد طلع ، أو يظنّ أنّ الشّمس قد غابت ولم تغب ، أو النّاسي للنّيّة ، فكلّهم يلزمهم الإمساك ، قال ابن قدامة : لا نعلم بينهم فيه اختلافاً . أو تعمّدت مكلّفة الفطر ، ثمّ حاضت أو نفست ، أو تعمّد الفطر مقيم ثمّ سافر ، فكلّهم يلزمهم الإمساك والقضاء ، لما سبق .
    فأمّا من يباح له الفطر في أوّل النّهار ظاهراً وباطناً كالحائض والنّفساء والمسافر والصّبيّ والمجنون والكافر والمريض إذا زالت أعذارهم في أثناء النّهار ، فطهرت الحائض والنّفساء، وأقام المسافر ، وبلغ الصّبيّ ، وأفاق المجنون ، وأسلم الكافر ، وصحّ المريض ، ففيهم روايتان :
    إحداهما : يلزمهم الإمساك بقيّة اليوم ، لأنّه معنى لو وجد قبل الفجر أوجب الصّيام ، فإذا طرأ بعد الفجر أوجب الإمساك ، كقيام البيّنة بالرّؤية .
    واقتصر على موجب هذه الرّواية البهوتيّ ، في كشّافه وروضه .
    والأخرى : لا يلزمهم الإمساك ، لأنّه روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنّه قال : من أكل أوّل النّهار ، فليأكل آخره .
    ولأنّه أبيح له الفطر أوّل النّهار ظاهراً وباطناً ، فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النّهار ، كما لو دام العذر .
    قال ابن قدامة : فإذا جامع أحد هؤلاء ، بعد زوال عذره ، انبنى على الرّوايتين ، في وجوب الإمساك :
    1 - فإن قلنا : يلزمه الإمساك ، فحكمه حكم من قامت البيّنة بالرّؤية في حقّه إذا جامع .
    2 - وإن قلنا : لا يلزمه الإمساك ، فلا شيء عليه .
    وقد روي عن جابر بن يزيد : أنّه قدم من سفره فوجد امرأته قد طهرت من حيض ، فأصابها .
    السلام عليكم
    اخي في الله ( شاب مصري )
    اولا اعذرني اني مش باكتب لغه عربيه فصحي
    ولكن احب اقولك اني من اشد المعجبين بكتاباتك
    انا في الموضوع اللي كتبته مش عارف اقولك ايه بس واللهي الدموع داخل عيني انا كاتمها مش عايزها تنزل علي اكتمها و أوجه الشعور اللي جوايا في اني اتقدم واتغلب علي المشكلات التي تواجهنا في مصر والعالم الاسلامي
    انا مش عايز اظهر قدامك بالضعف او اني فاقد الامل
    وداعاً يا أعز من عرفت

صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •